غالبًا ما تتخذ الشركات قرارات صارمة بعد النظر في تقليص إنفاقها التسويقي، فكرةً لتحقيق مكاسب سريعة. متجاهلةً بذلك الآثار السلبية المدمرة على المدى الطويل. لكن، كيف يمكن للمستثمرين والمهنيين اكتشاف هذه القرارات قبل فوات الأوان؟

تقدم دراسة جديدة أداة مبتكرة لتحليل نصوص مكالمات التسويق والأرباح، ما يتيح التنبؤ بالتخفيضات التسويقية الضارة بدقة عالية.

وفقًا لدراسة جديدة، اقتُرحت طريقة للتنبؤ بما إذا كانت هذه التخفيضات غير المنتجة في التسويق ستحدث قبل عام كامل. في هذه الدراسة، جُمعت نصوص ما يقارب 25000 مكالمة أرباح أجرتها الشركات العامة بين عامي 2008 و2019، وتحليل كيفية مناقشة فرق الإدارة للتسويق والأرباح.

وجدت الدراسة أنه كلما كان التركيز أكبر على لغة الأرباح في المكالمة باستخدام كلمات مثل مربح أو إيرادات، زادت احتمالية أن تقرر الإدارة تخفيض ميزانية التسويق لتحسين الأرباح.

بعكس التغييرات الروتينية في الميزانية، كان الدافع في هذه الحالات هو زيادة الأرباح قصيرة الأجل لتحقيق مكاسب شخصية، مثل رفع أسعار الأسهم قبل تقاعد أحد التنفيذيين، أو توفير الأموال الفورية، أو تلبية ضغوط وتوقعات المستثمرين.

تُعد هذه التخفيضات وسيلةً لتحقيق قفزة في الأرباح قصيرة النظر، فالاستثمار في التسويق يُعد أساسيًا لزيادة حصة الشركة في السوق على المدى الطويل.

تشير البيانات البحثية واستطلاعات الرأي إلى أن التنفيذيين غالبًا ما يشعرون بضغط لتحقيق أهداف الأرباح قصيرة الأجل على حساب الأهداف طويلة الأجل.

يُعد خفض التكاليف إحدى الطرق التي تلجأ إليها الشركات لتحسين صورتها على المدى القصير، ونظرًا لأن الاستثمار في التسويق يحتاج وقتًا لتحقيق العوائد، فإن الإنفاق التسويقي غالبًا ما يكون الضحية الأولى في هذه العملية. تُعرف هذه القرارات التسويقية قصيرة النظر بقصر البصيرة، وغالبًا ما تحدث قبل الاكتتابات العامة الأولية (IPO)، أو عمليات إعادة شراء الأسهم، أو تقاعد التنفيذيين.

على الرغم من أن هذه القرارات قصيرة النظر تحقق فوائد على المدى القصير، فإنها تلحق الضرر بالمستثمرين والعملاء وأصحاب المصلحة الآخرين على المدى الطويل. بعد أن تقوم الشركات بتقليص إنفاقها التسويقي بطريقة قصيرة النظر، غالبًا ما تخسر قيمتها السوقية. لهذا السبب، ترتبط هذه التخفيضات بأداء أسوأ في سوق الأسهم على المدى الطويل. قد تكون هناك حاجة إلى أداة تساعد المستثمرين على التعرف على القرارات التسويقية قصيرة النظر لحماية محافظهم الاستثمارية من العواقب السلبية على المدى الطويل.

تقدم الدراسة طريقةً للتنبؤ بالتخفيضات قصيرة النظر في الإنفاق التسويقي في المستقبل، وليست أداة تحلل الماضي فقط.

يمكن أن يستخدم المستثمرون هذه الطريقة لتحليل النصوص المتاحة علنًا لمكالمات الأرباح للحصول على بيانات مفيدة تصل إلى أربع مرات في السنة. وتشير التقديرات إلى أنه مقابل كل 100 دولار يتم استثمارها، يمكن أن تعود طريقة تجنب الاستثمار في الشركات قصيرة النظر بمبلغ إضافي قدره 6.44 دولار على مدى أربع سنوات مقارنة بالطرق التقليدية. ويمكن شركات التسويق ووكالات الإعلان استخدام هذه الطريقة لتحديد الشركات التي تخطط لتقليص ميزانياتها التسويقية.

في سياق هذه الجهود البحثية، نشرت الخوارزمية والبيانات اللازمة لتكرار النتائج، ما يتيح للمستثمرين الأفراد وأصحاب المصلحة الآخرين الحصول على رؤى قيمة حول نوايا التنفيذيين فيما يتعلق بتمويل أقسام التسويق والبحث الخاصة بهم.

بينما ركز البحث بشكل أساسي على النصوص المكتوبة من مكالمات الأرباح، هناك إمكانيات أكبر في تحليل الصوت والفيديو من هذه المكالمات. يمكن أن يكشف تحليل الصوت عن رؤى من خلال النغمة، والنبرة، والتوقفات، بينما يمكن لتحليل الفيديو التقاط التعبيرات الوجهية غير الإرادية المعروفة بالتعبيرات الدقيقة.

في عالم الأعمال سريع التغير، تتطلب القرارات الاستثمارية نظرةً ثاقبةً تمتد إلى ما هو أبعد من الأرباح قصيرة الأجل.

تكشف الدراسة عن أهمية الاستثمار في التسويق كمحرك أساسي للنمو المستدام، بتزويد المستثمرين بأداة قوية لتحليل البيانات النصية. وبذلك، يمكننا تجنب الوقوع في فخ القرارات التسويقية قصيرة النظر وحماية محافظنا الاستثمارية.

يمكن الشركات الاستفادة من هذه الأداة لتحسين استراتيجياتها التسويقية، واتخاذ قرارات أكثر استنارة. مع تطور تقنيات التحليل اللغوي، يمكننا توقع المزيد من التطورات في هذا المجال، ما يفتح آفاقًا جديدةً لفهم سلوك الشركات واتخاذ قرارات استثمارية أكثر ذكاءً.

اقرأ أيضًا:

ما الاستراتيجيات التي تتبعها الشركات لزيادة حصتها في السوق؟

السر وراء عبقرية التسويق في شركة أبل

ترجمة: دياب حوري

تدقيق: جنى الغضبان

المصدر