هل فكرة تناول الطعام قبل النوم فكرة سيئة أم جيدة؟ معرفة الجواب، سألنا خبراء في النوم عن رأيهم في موضوع تناول الوجبات الخفيفة قبل النوم.
يُعد هذا الموضوع مثيرًا للجدل، والفكرة السائدة هي تجنب تناول الطعام في وقت متأخر، لأنه قد يسبب زيادة في الوزن.
يعود ذلك إلى الفرضية التي تنص على أن الجسم لا يملك الوقت الكافي لهضم الطعام قبل النوم، ما يعني تخزين الطعام الزائد دهونًا بدلًا من استخدامه للطاقة.
تقول اختصاصية التغذية المسجلة الدكتورة ميليسا بريست، المتحدثة باسم أكاديمية التغذية وعلم التغذية: «قد يتباطأ الاستقلاب لدى الفرد عند النوم بنسبة 10٪ إلى 15٪ أقل من ساعات الاستيقاظ.
لمساعدة الجسم على هضم طعامه، يجب التوقف عن تناول الطعام قبل النوم بساعتين إلى ثلاث ساعات، والتأكد من أن الفرد قد تناول ما يكفيه خلال النهار وأنه ممتلئ وراضٍ، ولمساعدة الجسم على الراحة وإصلاح ذاته ليلًا، يجب أن يعلم كل إنسان ما يناسبه».
في هذه المقالة، تمت مقابلة خبراء لمعرفة الآثار التي قد يخلفها تناول الطعام قبل النوم على الجسم.
عملية الهضم:
تقول خبيرة التغذية سيغان ستانفيلدت، من تطبيق Lifesum للأكل الصحي: «تعمل الأجسام على هضم وامتصاص الطاقة والمغذيات من الطعام الذي نتناوله.
لذلك، قد ينتج عن تناول كمية كبيرة من الطعام قبل النوم إزعاج معوي، وقد يسبب تضاربًا في ساعة الإنسان البيولوجية، وهي ساعة الجسم الداخلية، ما يؤثر على قدرة الإنسان على النوم».
لكن هل يسبب تناول الطعام قبل النوم زيادة في الوزن؟ وفقًا لستانفيلدت إن الأمر يعتمد على طبيعة الطعام المتناوَل.
أضافت ستانفيلدت: «يكتسب الإنسان الوزن عندما يحتوي طعامه على كمية من الطاقة تفوق ما يحرقه الجسم لفترة من الزمن. حتى خلال النوم يحرق الجسم طاقة لدعم أعضاء الجسم ووظائفه، مع أنه يحرق كمية أكبر من الطاقة عندما يكون الشخص مستيقظًا ونشطًا».
«لا يتعلق الأمر فقط بوقت تناول الطعام، بل بنوعية الطعام المتناول، فتناول الأطعمة الدهنية المقلية أو تناول كميات كبيرة جدًا أو التناول بسرعة كبيرة قد يسبب اضطرابات معدية وارتجاعًا حمضيًا».
إضافةً لما سبق، قالت ستانفيلدت: « زيادة الوزن الناتجة عن تناول الطعام قبل النوم يمكن أن تحدث بسبب تناول بعض الأشخاص وجبات خفيفة من الأطعمة الغنية بالطاقة، التي تفتقر إلى المواد المغذية في وقت متأخر من الليل، وذلك قد يؤدي إلى ارتفاع في كمية الطاقة المتناولة ومن ثم إلى السمنة».
وفقًا للبحث الذي نُشر في مجلة Nutrition Reviews، تشير بعض الدراسات إلى أن تناول الطعام المتأخر بانتظام قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول وزيادة الوزن، ومع ذلك، فإن الأجسام تختلف عن بعضها ويعمل كل منها بطريقة مختلفة.
تقول ستانفيلدت: «في النهاية، يتعلق الأمر كله في الصورة الكاملة لعادات الفرد الغذائية، مثلًا: ماذا يتناول؟ ومتى يتناول؟ وكيف يتناول الطعام؟ كل هذه العوامل تحدد مدى ملائمة النظام الغذائي لحاجات الجسم. النظام الغذائي المتوازن والمتنوع، بطريقة تتماشى مع المتطلبات من الطاقة الخاصة بكل فرد هي مفتاح الحل».
الوزن:
كشفت الأبحاث في مجلة السمنة، أن أولئك الذين يتناولون وجبة كبيرة عند اقتراب وقت النوم، يميلون إلى تخطي وجبة الإفطار لأن معدتهم لا تزال ممتلئة، ومن المرجح أيضًا أنهم قد يعانون من زيادة في الوزن.
وفقًا لبريست: «تناول وجبة غنية بالكربوهيدرات عند اقتراب وقت النوم، قد يؤدي إلى تخزينها دهونًا في الجسم وليس بمثابة وقود فوري».
يحدث هذا بسبب ارتفاع مستويات الإنسولين التي تحفز الجسم على تخزين الدهون بمثابة طاقة احتياطية، وأسوأ شيء يمكن تناوله ليلًا هي المأكولات التي تحتوي على نسبة عالية من السكريات أو الدهون، إذ إنها تملك التأثير نفسه على مستويات الإنسولين، كما توضح بريست.
يؤدي تناول وجبات سكرية كبيرة مع تباطؤ عملية الاستقلاب إلى تحفيز ارتفاع الإنسولين وتحفيز الجسم على تخزين هذه السكريات دهونًا. ومع ذلك، فإن بريست لا تعارض تمامًا تناول الطعام قبل النوم، وذلك بشرط تناول وجبة خفيفة أو ألا تكون الوجبة كبيرة الحجم. وتضيف أيضًا: «تناول وجبة خفيفة قبل النوم يُعدُ أمرً جيدًا. لكن عند تناول وجبات أكبر، قد يجد بعض الناس أنفسهم غير قادرين على الخلود إلى النوم. لذلك عند تناول وجبة قبل النوم، يجب اختيار وجبة مسائية خفيفة وصغيرة الحجم، تتضمن بعض الألياف والبروتين، مثل التفاح وملعقة أو ملعقتين من زبدة الفول السوداني. فإن هذه الألياف تساعد على إبطاء ارتفاع الغلوكوز بعد تناول الطعام، ويساعد البروتين على إصلاح العضلات والالتئام».
جودة النوم:
يبدو أن النقطة التي توصلت إليها براوننج مدعومة بالعلم، إذ وجدت دراسة أجُريت في عام 2020 في المجلة الدولية للأبحاث البيئية والصحة العامة، أن توقيت تناول الطعام قد يؤثر كثيرًا على نمط النوم.
نظر البحث في وضع طلاب الجامعات ومواعيد وجباتهم المسائية -التي يتناولونها قبل موعد النوم بثلاث ساعات- وتوصلوا إلى أن تناول الطعام بوقت متأخر شكّل عامل خطورة محتمل للاستيقاظ الليلي وسبب انخفاض جودة النوم.
تختلف طريقة معالجة الجسم للطعام باختلاف أوقات تناول الطعام خلال اليوم. وفقًا لبراونينج يمكن أن ترتبك ساعة الجسم البيولوجية عند تناول الطعام قبل النوم.
أضافت : «تؤثر ساعة الجسم البيولوجية على الجهاز الهضمي – تحكّم الجسم بإنتاج إنزيمات الجهاز الهضمي هو إحدى وظائفه الهامة. هذا يعني أن جسم الإنسان غير مستعد لهضم الطعام في أثناء الليل، إذ يعتقد الجسم أن ذلك وقت النوم. تناول الطعام في وقت متأخر، أو حتى في الليل قد يجعل ساعة الجسم البيولوجية تعتقد أنه يجب على الإنسان أن يكون مستيقظًا -لأنه يأكل بدلًا من النوم- وعليه فالأمر قد يسبب صعوبة في النوم ليلًا لأن الجسم اعتاد على تناول الطعام».
إذًا هل من السيء تناول الطعام قبل النوم؟
تقول براونينج: «عندما يذهب الأشخاص إلى الفراش جائعين، فإنهم يكافحون من أجل النوم لأن أجسامهم ستكون قلقة بسبب الجوع، ومع ذلك، إذا أكلوا كمية كبيرة من الطعام بوقت متأخر، فقد يشعرون بعسر الهضم وصعوبة في النوم جيدًا».
بينما يبدو أن الخبراء لا يتفقون على ما إذا كان تناول الطعام قبل النوم سيئًا، إذا كنت تريد التعرف على الأطعمة التي تساعد على النوم، هنالك بعض الأطعمة التي تحتوي على بعض المركبات والمواد المغذية ومضادات الأكسدة المعززة للنوم، مثل:
- الأسماك الدهنية مثل السالمون الغنية بأوميغا 3 وفيتامين د، وهما عنصران غذائيان ينظمان هرمون السعادة السيروتونين، وهو مسؤول أيضًا عن إنشاء دورة صحية للنوم واليقظة.
- المكسرات الممتلئة بأحماض الأوميغا 3 الدهنية، لها تأثير مماثل.
- الشوفان الذي يحتوي على الحمض الأميني تريبتوفان، الذي يساهم في مسار الميلاتونين ويعزز النوم الجيد.
- بإمكان للأطعمة التي تحتوي على الكالسيوم والمغنيزيوم، مثل منتجات الألبان، أن تعزز النوم أيضًا.
تضيف براونينج: «يمكن للوجبة الخفيفة الصغيرة قبل النوم أن تحتوي على الكربوهيدرات المعقدة ومنتجات الألبان التي تعزز النوم، مثل وعاء صغير من دقيق الشوفان. ستوفر الكربوهيدرات المعقدة طاقة بطيئة التحرر خلال الليل، وتحتوي منتجات الألبان على التربتوفان، وهو طليعة للميلاتونين، الذي يُعرف بهرمون النوم عند الإنسان».
«توجد وجبة خفيفة مثالية أخرى قبل النوم، وهي شطيرة من الديك الرومي باللون البني، لأن الديك الرومي يحتوي أيضًا على نسبة عالية من التربتوفان، ومع ذلك، لا ينصح بتناول طعام دهني قبل النوم، لأنه من المحتمل أن يكون هضمه صعبًا ويؤدي ذلك إلى عسر الهضم. كما يسبب تناول طعام غني بالسكريات قبل النوم إلى تحرر كمية كبيرة من الطاقة بسرعة، وذلك يجعل الفرد أكثر يقظة بدلًا من مساعدته على الاسترخاء».
اقرأ أيضًا:
تناول الوجبات السريعة قبل الحمل قد يؤثر على حليب الأم وصحة الطفل!
ما تأكله يساعد على تكوين سمات شخصيتك!
ترجمة: جوليا كاملة
تدقيق: دوري شديد
مراجعة: نغم رابي
