يتناول الناس الثوم منذ أكثر من 5000 سنة مضت؛ إذ له مذاق لاذع وحاد بعض الشيء. يُضاف الثوم عادةً إلى بعض الأطباق كالكاري، والمعكرونة، والمقالي، ويُضاف أيضًا إلى بعض الحلويات أحيانًا. تأتي عادة الصدمة بعد تناول هذه الأطباق الشهية؛ إذ إن تلك الرائحة المزعجة اللاحقة لتناول الثوم وتبقى لساعات عدة هي ما تجعلنا نحب الثوم ونكره رائحته!
وفقًا لشيريل بارينجر الأستاذة ورئيسة قسم علوم وتكنولوجيا الأغذية في جامعة أوهايو الأمريكية، فإن الثوم يطلق عند تقطيعه مزيجًا مُركزًا من المركبات الكيميائية التي تسمى الكبريتيدات؛ وهذه الجزيئات المتطايرة، تعطي الثوم طعمه المميز اللاذع.
عند طهي الثوم، فإن جزيئات الكبريتيد تتطاير في الهواء ويعبق المكان برائحته الشهية. أضافت بارينجر لموقع لايف ساينس: «بعد تناولنا لتلك الأطعمة التي تحتوي على الثوم، تصل تلك الرائحة الزكية إلى أنوفنا وتجعلنا حقًا نحب رائحة الثوم».
أكد ويلفريدو كولون الأستاذ ورئيس قسم علوم الكيمياء في معهد رينسيلار للعلوم التطبيقية في نيويورك، لموقع لايف ساينس على أن للثوم فوائد صحية عدة؛ إذ ثمة أدلة تخبرنا أن للمكونات الداخلة في تركيبه تأثيرات خافضة لضغط الدم ومضادة للجراثيم، وأضاف أن لهذه الفوائد وغيرها هي ما قد تجعلنا لا إراديًا نرغب بتناوله.
على الرغم من أن الروائح الكريهة بعد الوجبات تنجم عن بقايا الطعام المتحلل والمتبقي في تجويف الفم، فإن بارينجر تؤكد على أن رائحة الثوم الحقيقية لا تنطلق قبل أن يصل الطعام إلى المعدة؛ حيث تُحلل العصارة المعدية الثوم أكثر، مطلقةً الكبريتيدات والفيتامينات ومعادن أخرى؛ وتنتقل معظم هذه الجزيئات نحو الأمعاء لاستكمال عملية هضمها باستثناء جزيء دقيق واحد يسمى كبريتيد ميثيل الأليل AMS، وهو جزيء صغير بما يكفي ليتسلل من خلال بطانة المعدة نحو مجرى الدم.
يُعد كبريتيد ميثيل الأليل واحدًا من مكوناتٍ عدة لرائحة الثوم المميزة، لكنه الجزيء الوحيد الممتص من الدم وينتشر في الجسم بسهولة من خلال أغشيته التي تسمح بدخول الأكسجين وخروج ثاني أكسيد الكربون، بالتالي عند عملية الزفير فإننا نطلق إلى جانب ثاني أكسيد الكربون جزيئات كبريتيد ميثيل الأليل مشبعة برائحة الثوم.
بحسب بارينجر فإن هذا التأثير قد يستمر مدةً تصل إلى 24 ساعة، إضافة إلى ذلك فقد أشارت بارينجر وطالبة الدراسات العليا ريتا ميروندو في بحث نُشر في عام 2016 في مجلة علوم الأغذية، إلى وجود بعض الأطعمة التي قد تخفف تأثير الثوم مثل تناول التفاح أو الخس أو النعناع، التي تقلل بدورها من تركيز منتجات الثوم الثانوية كثيرًا، إذ تحتوي هذه الأطعمة على مركبات الفينول التي ترتبط بالكبريتيدات وتجعلها كبيرةً جدًا وثقيلة بحيث يصعب انتقالها من خلال الهواء.
أشارت دراسة أُجريت في عام 2023 شاركت في تأليفها بارينجر لمجلة Molecules، إلى أن تناول اللبن كامل الدسم أو الزبادي يُعد أيضًا علاجًا آخرًا لتخفيف آثار الثوم، إضافة إلى ذلك فقد وجدت الدراسة أن الدهون والبروتين في اللبن قد تحبس مركبات الثوم المتطايرة بصورة فعالة.
بالطبع، توجد خيارات أخرى دومًا. لذلك، علينا تعلم كيفية التعامل مع الظواهر الفريدة؛ إذ لا توجد أسباب تجعل من رائحة الثوم كريهة أو غير مرغوبة بطبيعتها لأننا لسنا معتادين على شم الروائح المنبعثة من أفواه الآخرين.
وفقًا لبارينجر، قالت: «رائحة الثوم ليست كريهة بل هي غير مألوفة فقط».
نُشر البحث في 25 مايو في عام 2019، ثم حُدّث في 20 سبتمبر في عام 2023 وشمل الدراسة الجديدة فيما يتعلق بكيفية تخفيف اللبن من رائحة الثوم.
اقرأ أيضًا:
هل يتسبب تناول الثوم برائحة جسم كريهة؟
ترجمة: إنانا مهنّا
تدقيق: ريمي سليمان