كتب العديد من الصحفيين والأكاديميين عن هجرة العقول من الريف، هي هجرة الشباب الموهوبين الذين يغادرون مجتمعاتهم عادةً بحثًا عن فرص عمل أفضل. ولكن فريقًا من الباحثين في جامعة أيوا حدد ثلاثة عوامل مميزة تُعيد الأشخاص إلى مسقط رأسهم بعد العقد الأول أو الثاني من هجرتهم، وهي: المدارس العامة، والكثافة السكانية، وحاملو الشهادات الجامعية الآخرين في المجتمع.
نُشِرت نتائج الباحثين مؤخرًا في مجلة Rural Sociology، وأظهرت أنَّ الخريجين الجامعيين الذين تتراوح أعمارهم بين 34 و43 سنة كان احتمال عودتهم -إلى المجتمعات الريفية حيث ترعرعوا- أكبر بسبب تعلقهم الشديد بمدارسهم العامة. وكانت العوامل المحفّزة الأساسية هي الشعور باهتمام أساتذتهم، أو كونهم جزءًا من مجتمع المدرسة، وكان لديهم أصدقاء مُقرّبون.
عند فحص خصائص المدرسة الثانوية، وجدَ الباحثون أنَّ حجم المدرسة هو عامل مهم، فالمشاركون الذين يذهبون إلى مدرسة تضم أكثر من 350 طالبًا كان احتمال عودتهم إلى مسقط رأسهم أقلّ بنسبة 74% من المشاركين الذين يذهبون إلى مدرسة تضم أقل من 125 طالبًا.
وجدَ الباحثون أيضًا أنَّ الخرّيجين الجامعيين الذين تتراوح أعمارهم بين 34 و43 سنة ذوي احتمال العودة الأكبر إلى مجتمعاتهم الريفية (حيث عاشوا فترة مراهقتهم)، إذا كانت هذه المجتمعات ذات كثافة سكانية منخفضة، وتضم القليل من حَمَلة الشهادات الجامعية.
يقول أحد الباحثين إن التفسير الممكن لهذا هو شعور الناس بقدرتهم على التأثير بقوة في المجتمعات في مسقط رأسهم من طريق التطوع أو الأدوار القيادية أو ابتكار أفكار جديدة، وهؤلاء الذين يعودون إلى أوطانهم لديهم قدرة أكبر على التغيير والتطوير لأنّهم شكلوا علاقات وفهمًا أفضل عن حالة المجتمع، ويوجد دافع للعودة إلى مكان يعرفك الناس فيه.
قال أحد الباحثين أن بحثهم يركّز على أشخاص تتراوح أعمارهم بين منتصف الثلاثينيات وبداية الأربعينيات الذين يبحثون عن الاستقرار المادي، وخلال هذه المرحلة العمرية قد تتغير أولوياتهم، ويقودهم هذا إلى العودة إلى مسقط رأسهم.
قد يكون الخريجون الأكبر عمرًا أكثر اهتمامًا بمكان آمن لرعاية أبنائهم، ومدارس جيدة، ومساكن متوفرة. وتُؤثر في قرار العودة أحداث حياتية أخرى، مثل الحاجة إلى رعاية الأقارب المسنّين والطلاق أو امتلاك مزرعة للعائلة.
يؤكد الباحثون أن فهم أسباب هجرة المجتمعات وما يعزز العودة يمكن أن يساعد الرؤساء الدوليين والمحليين في وضع استراتيجيات هادفة للحد من هجرة العقول ودعم بقائها.
قال الباحثون أن نتائج أبحاثهم تؤكد على أهمية الاستثمار في المدارس العامة وتعزيز الشعور بالانتماء في مرحلة الشباب.
يقترح الباحثون توظيف الشباب في مناطقهم ليصبحوا مدركين للفرص اللاحقة في الحياة.
وقال أحد الباحثين أن المجتمعات الريفية لديها كثير من الأصول التي تُخفيها عن الآخرين، ومن المهم الاطلاع على هذه الأصول وفهم قدرة هذه المجتمعات على إعادة الناس إلى مسقط رأسهم، لإنشاء مجتمعات أكثر عدالةً وازدهارًا.
اقرأ أيضًا:
لماذا لا يزال الباحثون يجدون نجومًا كان من المفترض أن تكون ميتة ومختفية؟
كل ما تود معرفته عن شركة TSMC أحد أهم شركات العالم
ترجمة: فرح علي محمد
تدقيق: حسين جرود
مراجعة: أحلام مرشد