قد تشكل هذه الهياكل المخفية في الزمكان تصورنا للكون، وقد تفسر الثقوب الدودية النانوية التباين في الثوابت الكونية لدينا. تضيف الثقوب الدودية حجمًا إلى مُعامل رياضي يُسمى مصطلح غاوس-بونِيه، إذ تُعزز إضافة مصطلح واحد في معادلة معقدة، قدرةَ العلماء على تفسير كيفية تغيّر النتائج.
وضع العلماء في اليونان إطارًا رياضيًا يساعد على تفسير الفجوة غير المحلولة حتى الآن، في فهمنا لكيفية تطور الجاذبية لتتناسب مع الحجم الكامل للكون.
لا يستطيع علماء الكونيات بعد تفسير كيفية ازدياد توسع الكون في «الماضي الكوني الحديث»، وهو مصطلح نسبي جدًا، لأن جميع المحاولات لقياس التغير حتى الآن تتعارض مع النماذج الرياضية الحالية.
يقترح علماء اليونان شيئًا متعرجًا بشكل خاص؛ الثقوب الدودية الدقيقة التي يمكن لطبيعتها وكثافتها أن تملأ الأجزاء المفقودة. هذه الأنفاق الزمانية تتطلب القليل من الضبط الدقيق بواسطة النظريات التي هي بالفعل روح العصر.
في الورقة الجديدة التي ظهرت في مجلة Physical Review D الصادرة عن الجمعية الفيزيائية الأمريكية، يوضح المؤلفون أن «الثابت الكوني الإيجابي» الذي يهدف إلى قياس توسع كوننا قد خلق بدلًا من ذلك، مشكلات رياضيةً. إذ «يحلل الحقل الكمي بشكل نظري تنبؤات القيمة التي تصل إلى 120 مرتبة أكبر حجمًا من القيمة المرصودة».
ليس ترتيب الحجم مجرد مضاعف 1:1، لذا فإن 120 مرتبةً من حيث الحجم هي على الأرجح أكبر بكثير من 120 مرةً. مثلًا، إذا بلغ احتمال تعرضك لضربة صاعقة طوال حياتك نحو 1 من 15,300، فإن ذلك يقفز من 120 مرةً إلى 1 من 127 مرةً. أي بالقيمة الحقيقية، من المؤكد أنك ستصاب بصاعقة.
يوضح العلماء أنه إذا أردنا تحقيق التوازن بين الاحتمالين، فإننا بحاجة إلى إضافة عامل تعقيد جديد واحد على الأقل. الاقتراحانِ الرئيسيان لذلك هما: أولًا، الثابت الكوني المتغير الذي يفسره مفهوم الطاقة المظلمة. أو ثانيًا، تعميق نظريتنا حول تغير سلوك الجاذبية على النطاق الكوني، من الخلفية الناعمة حتى التعقيد الأشد خشونةً.
تقترح الورقة دمج الخيارين: ماذا لو كان الحل هو خلفية جاذبية أكثر تعقيدًا مغطاة بِالفوريك والثقوب الدودية، ومناظرها الطبيعية الأكثر وعورةً تمثل بشكل طبيعي مقدارًا من الطاقة المظلمة أيضًا؟
لنعرّف بعض المصطلحات أولًا. عندما يحاول علماء الكونيات نمذجة الكون، فإنهم يقومون بتفكيكه باستخدام ممارسات مثل الطوبولوجيا ونظرية التباين. أي أنهم يبنون العديد من المتغيرات أو الأفكار المتاحة في ذلك الوقت، تاركين فراغات لم يُعرف فيها شيء بعد.
تمامًا مثل دروس حساب التفاضل والتكامل في المدرسة الثانوية؛ الهدف هو دائمًا حساب كل شيء على جانبي أية علامة مساواة أو أي تكافؤ آخر في النموذج الرياضي المطروح أمامك.
لا تتطابق الفيزياء ذات المقاييس المختلفة بسهولة بعد. فقد تحولت الملاحظات الملموسة لألبرت أينشتاين ومن سبقه إلى نظريات جميلة تفسر العالم المرئي وأجزاء من الفضاء الخارجي؛ إذ تُحرّف ميكانيكا الكم تلك القطع حتى لا تتناسب معًا في أحجية مكتملة.
غير أن فكرة اعتبار الزمكان متعدد الأشكال أو سطحًا يُوجه بواسطة الرياضيات المتشابكة على نطاق واسع، يتيح للفيزيائيين البحث عن المكان الجديد الصحيح لقطعة معينة من اللغز.
إحدى الطرق التي يعمل بها الزمكان تُسمى الرغوة الكمومية، إذ يعتقد العلماء أنه على مستوىً صغير للغاية، حتى الظواهر الكمومية تنهار وتخلق فقاعات صغيرةً حيث لا تعود المبادئ قابلةً للتطبيق.
إذا كان بإمكان شخص ما أن يكون كاتبًا أو ممثلًا كوميديًا، فهذا نوع من ميكانيكا الكم المزعزِعة لقوانين ميكانيكا الكم، لكن في هذه الرغوة يمكن أن توجد الثقوب الدودية بطريقة تجمع الأفكار الكونية معًا من دون كسر أية قواعد كبرى.
قد يكون مصطلح «الثقب الدودي» مضللًا، لأنه قد يكون عبارةً عن أنفاق، وقد يكون أيضًا مجرد ثقوب مثقوبة تمرّ عبر أبعاد أعلى خلف الكواليس. لذا تسمح نظرية المُتشعبات (التباين) للعلماء بإضافة هذه الأبعاد ومحاولة توضيحها على الأقل؛ وهو أمر يصعب القيام به باستخدام عقل بشري ثلاثي الأبعاد.
يشرح العلماء في الورقة البحثية، أنه بمجرد أن نسمح بوجود ثقوب دودية في الرغوة، فإن عددًا من العمليات والتحويلات الرياضية ذات الصلة مبنية على هذا الأساس.
هنا يظهر الحل، وهو «الثابت الكوني الفعال»، عند تطبيق نظرية غَاوس-بونيه: «إن الاختلاف في نظرية غَاوس-بونيه على نظرية التباين التي تشهد تغييرات في الطوبولوجيا بسبب تكوين الثقوب الدودية ليس صفريًا». في علم الفيزياء الفلكية، يُعد هذا اكتشافًا كبيرًا.
أما مصدر الطاقة المظلمة، فهي ما تزال جزءًا من نموذجنا لِعمل الكون، سواء كانت ثقوبًا دوديةً أم لا. في هذه الحالة، سوف تفسر الثقوب الدودية مباشرةً جزءًا من تلك الطاقة المظلمة: «من غير المتوقع أن تكون كثافة الثقوب الدودية ثابتةً في الزمكان الديناميكي. وبالتالي فإن الثابت الكوني الفعال الذي حصلنا عليه يكتسب أيضًا طبيعةً ديناميكيةً؛ أي أنه يتوافق مع قطاع الطاقة المظلمة الفعال».
وبعبارة أخرى، تخلق حركة الثقوب الدودية الدقيقة ثابتًا متغيرًا. وكل ما نحتاجه لحساب الثابت الكوني المرصود، هو«16^10 ثقبًا دوديًا دقيقًا لكل متر مكعب في الثانية» أي 10 كوادريليون. وقد خلص العلماء إلى أن هذا ممكن بناءً على التقديرات.
اقرأ أيضًا:
هل تكون الثقوب الدودية مفتاحنا إلى السفر عبر الزمن؟
دراسة جديدة تقترح أن الثقوب الدودية قد تحل معضلة متعلقة بالثقوب السوداء
ترجمة: حمداش رانية
تدقيق: منال توفيق الضللي
مراجعة: هادية أحمد زكي