يبدو أن العلماء قد تمكنوا من معرفة مصدر أشعة تحت حمراء غامضة، رُصد إشعاعها من النجوم وسحب الغاز والغبار بين النجمي.
حيرت تلك الأشعة تحت الحمراء المجهولة العلماء عقودًا طويلة، ومن المرجح أن بعضًا من تلك النطاقات الإشعاعية تصدر من «بوكمينستر فوليرين» -أو كرات بكي- عالي التأين.
يقول عالم الفلك كوينتن باركر من معمل جامعة هونغ كونغ لأبحاث الفضاء: «فخور بشدة بدوري مع الدكتور ساجادي في بحث الكيمياء الكمية شديد التعقيد، وما توصلنا إليه من نتائج مثيرة للغاية».
«اهتممنا في البداية بالإثبات النظري لأن الفوليرين -كربون 60- يستطيع البقاء في مستويات تأين عالية جدًّا، ويُظهر البحث أن بصمات الانبعاثات الإشعاعية للعينات تطابق تمامًا بعض أهم خصائص الأشعة تحت الحمراء المجهولة. سيُحيي عملنا ذلك المجال البحثي مجددًا».
يتكون جزيء بوكمينستر فوليرين من 60 ذرة كربون متراصة على شكل كرة قدم. يوجد بوكمينستر فوليرين طبيعيًا على الأرض في السخام، وهو ما يتبقى بعد حرق مادة عضوية.
لم تُكتشف تلك المادة في الفضاء إلا حديثًا، إذ رُصدت عام 2010 في أحد السدم، ورُصدت عام 2012 في الغاز المحيط بأحد النجوم، وفي 2019 وُجدت في غاز رقيق يتحرك في الفضاء بين النجوم.
من غير الواضح حتى الآن كيف وصلت كرات بكي لتلك الأماكن، لكن تقترح الدراسات الحديثة أنها تشكلت مثل كثير من المواد الأخرى من نجم محتضر. يحاول العلماء معرفة خصائص تلك المادة، وما قد يحدث لها في الكون الواسع.
سابقًا، أظهر باركر وزميله عالم الفلك سيد عبد الرضا ساجادي، أن بوكمينستر فوليرين يستطيع تحمل ظروف قاسية للغاية في الفضاء.
تحديدًا، يستطيع بوكمينستر فوليرين تحمل التأين الشديد -عملية فقدان إلكترونات أو إضافتها- إذ يمكن نزع 26 إلكترونًا من كرات بكي قبل انهيارها.
لم يشمل هذا البحث تأثير التأين العالي على الضوء الصادر من كرات بكي. كوّن ساجادي وباركر فريقًا مع تشي هاو سيا ويونغ تشانغ لبحث الأمر.
أجرى الفريق سلسلةً من حسابات كيمياء الكم لتحديد الأطوال الموجية التي يُحتمل أن تُرصد بها تلك الجزيئات. ثم قارنوا ما توصلوا إليه بملاحظات الرصد لستة أجسام مختلفة، مثل النجوم والسدم. وكانت النتائج مثيرة للاهتمام.
توصل العلماء إلى أن جزيئات «بوكمينستر فوليرين» المؤينة تصدر إشعاعًا من الأشعة تحت الحمراء تتطابق مع أبرز الأطوال الموجية الصادرة من الأشعة تحت الحمراء المجهولة، وهي 11.21 و16.40 و20-21 ميكرومتر.
تحديدًا، الإشعاع الصادر من أيونات كرات بكي التي فقدت 1-6 إلكترونات، يمكن تمييزه بسهولة عن الإشعاع الصادر من نوع آخر من جزيئات الكربون، وهو الهيدروكربون العطري متعدد الحلقات (PAH)، الذي يرتبط إشعاعه بمدى الطول الموجي 6.2 ميكرومتر.
ولأن الهيدروكربون العطري متعدد الحلقات يُعد أيضًا أحد المرشحين المحتملين لأن يكون مصدرًا للإشعاع المجهول، فذلك يعني أن بوكمينستر فوليرين هو المرشح الأقوى لتفسير الظاهرة، بسبب سهولة التمييز بين الإشعاع الصادر من المصدرين.
يظن الفريق أن بحثهم يمثل مصدرًا مهمًا لعمليات الرصد المستقبلية، خاصةً في المدى المتوسط للأشعة تحت الحمراء، وسيساعد على تحديد مصادر الأشعة تحت الحمراء المجهولة المرتبطة بجزيئات بوكمينستر فوليرين المؤينة.
يقول ساجادي: «يُظهر بحثنا أن الفوليرين عالي التأين يوجد في الفضاء، إذ يتحمل الظروف الصعبة هناك».
«عملنا مع اثنين من كبار علماء الفلك والكواكب، لنتمكن من تحديد ماهية الصفات الطيفية التي تصدرها كرات بكي المؤينة. وبحثنا عن جزيئات بوكمينستر فوليرين في الفضاء، وأثبتنا أن بصمتها الإشعاعية يمكن تمييزها بسهولة عن بصمة الهيدروكربون العطري متعدد الحلقات».
اقرأ أيضًا:
معلومات وحقائق عن عنصر الروبيديوم
كرات دايسون حول الثقوب السوداء قد تكشف عن حضارات غريبة
ترجمة: أحمد أسامة أبو حليمة
تدقيق: رائد عثمان