وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على إعطاء الفياغرا لعلاج الضعف الجنسي فقط، وقد يساعد هذا الدواء على علاج بعض أعراض الأداء الجنسي الأخرى، ولكن هل يمتلك نفس التأثيرات المرغوبة إذا تناولته النساء؟
في الأفلام والبرامج التلفزيونية والروايات الرومانسية يبدو أن الناس مستعدون للعلاقة الجنسية في أي وقت وفي أي مكان، لكننا نعلم فعليًا أن الجنس قد يكون أكثر دقة وتعقيدًا.
يرتبط الأمر بأشياء كثيرة، من الكيمياء التي قد تستثير الاهتمام بالعلاقة الجنسية (وقد لا تسثيره)، إلى العوامل التي تشتت الانتباه (كالأطفال والحيوانات الأليفة وتراكم الأعمال المنزلية)، إلى التوتر والتعب، ثم الأمور الجسدية (كالقلق بشأن شكل الجسد وتدفق الدم واستخدام المزلقات)، وأشياء أخرى كثيرة كلها تساهم في تعديل المزاج ليكون مناسبًا للعلاقة الجنسية.
تقول الدكتورة سالينا زانوتي أن المخاوف بشأن الدافع الجنسي والأداء الجنسي شائعة جدًا، وربما هي إحدى أهم المشكلات التي تتطرق لها في عيادتها، وهي شائعة بين البالغين من جميع الأعمار، وتؤكد أيضًا أنه لا خطب في ذلك لأن الجنس أكثر تعقيدًا مما تعرضه أفلام هوليود الرومانسية.
وتوهمنا الإعلانات التجارية الصيدلانية أن حبة زرقاء صغيرة تحل المشكلة كلها، ومن المغري جدًا اللجوء إلى علاج سحري كهذا. ولكن هل الفياغرا حل للعجز الجنسي؟ نعلم أنها قد تساعد في حالات ضعف انتصاب، لكن ماذا عن بقية المشكلات؟ وماذا تفعل الفياغرا للنساء؟ توضح الدكتورة زانوتي ذلك فيما يلي.
الأداء الجنسي والدافع الجنسي
إن الرغبة الجنسية هي مسألة عقلية وبيئية، والأداء في أثناء ممارسة الجنس هو عمل جسدي. يشير الأداء الجنسي إلى جميع الأشياء الجسدية التي تحدث عند ممارسة الجنس مثل توتر العضلات وتدفق الدم والتزليق وما شابه.
ويتعزز اللقاء الجنسي (مع الشريك) أو الفعل الجنسي (عند الاستمناء) بأربع مراحل عادة تسمى دورة الاستجابة الجنسية. لا تحدث المراحل بالضرورة بالترتيب ولا تكون موجودة دائمًا في كل مرة، لكن غالبًا ما يبدأ الأمر ببناء الإثارة والتغيرات البدنية مثل تدفق الدم للأعضاء التناسلية وزيادة معدل ضربات القلب، وتستمر الأشياء في البناء حتى بلوغ النشوة الجنسية، أو يتوقف الأمر ثم يبدأ الجسم بالعودة إلى مستوى أدائه الطبيعي.
تعتمد الرغبة الجنسية (المعروفة أيضًا باسم الدافع الجنسي) أكثر على الحالة العقلية والعوامل التي تتنافس على جذب الانتباه. وقد يطلق على انخفاض الدافع الجنسي اضطراب قلة النشاط الجنسي، ويتعلق الأمر بأكثر من ردود فعل الجسم البدنية وحدها، إذ توجد الكثير من الأشياء التي قد تمنع الرغبة في ممارسة الجنس، وقد تتغير من يوم لآخر، وحتى من لحظة إلى أخرى، ومنها:
- شكل الجسم.
- التغير في الهرمونات.
- التعب.
- المرض أو المشكلات الطبية.
- الآثار الجانبية للأدوية.
- التجارب الجنسية السلبية أو الصدمة الجنسية.
- الألم في أثناء ممارسة الجنس.
- مشكلات العلاقة.
- الضغط.
كيف تعمل الفياغرا؟
يطلق على هذا الدواء أيضًا الاسم العام سيلدينافيل، وهو أول دواء عن طريق الفم وافقت عليه إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لعلاج ضعف الانتصاب أو الضعف الجنسي (عدم القدرة على تحقيق الانتصاب ومواصلته)، ومنذ ذلك الحين تبعته أدوية مماثلة.
تعمل الفياغرا على تثبيط الإنزيم الذي ينظم تدفق الدم، وهذا يسمح بزيادة تدفق الدم إلى الأعضاء التناسلية وأجزاء أخرى من الجسم، ويسمح تدفق الدم المتزايد إلى القضيب بالتصلب استعدادًا لممارسة الجنس.
تعمل الفياغرا على مستوى الأداء الجنسي عند بعض الناس، وتساعدهم على تحقيق الانتصاب ومواصلته بالتأكيد، ولكنها لا تعالج ما يتعلق بالرغبة الجنسية، إذ لا تقدم الكثير في الديناميكيات الأخرى التي تؤثر في الرغبة الجنسية والأداء الجنسي.
هل يمكن للنساء تناول الفياغرا؟
وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على هذه الحبوب لعلاج ضعف الانتصاب فقط. ولكن من المحتمل أن تؤدي تأثيراتها إلى زيادة تدفق الدم إلى الفرج عند النساء، تقول الدكتورة زانوتي: «قد يساعد ذلك على حل مشكلات الأداء الجنسي مثل تزليق المهبل ورطوبته والحساسية والشعور بالمتعة، ولكن في الدراسات السريرية، لم يثبت أن الفياغرا حل للخلل الوظيفي خارج نطاق هدفها الأساسي».
لكن بعض الأطباء يصفونها دون وصفة طبية لمشكلات الأداء الجنسي التي لا تتضمن ضعف الانتصاب، لذلك يمكن للنساء تناول الفياغرا، ولكن هل سيساعدهن ذلك؟
تشير دراسة إلى إمكانية تحسين الدافع الجنسي بتناول الفياغرا عند النساء اللواتي يعانين انخفاض الرغبة الجنسية إذا كان ذلك أثرًا جانبيًا لتناول مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية -وهو نوع شائع من مضادات الاكتئاب-، لكن الدراسات الأخرى أظهرت أن هذه الحبوب قد لا تحل المشكلة وحدها، ولهذا السبب يعدها كثير من الأطباء آخر محاولة للعلاج.
ما الآثار الجانبية لتناول الفياغرا على النساء؟
تزيد الفياغرا من تدفق الدم في الجسم ما يعني أنها قد تسبب أمورًا كثيرة، أهمها:
- تورد الجلد واحمراره.
- الصداع.
- الغثيان.
مع إن هذه الحبوب غير معروفة بتسببها لنوبات قلبية، فقد يعاني بعض الأشخاص عند تناولها من عدم انتظام ضربات القلب. وإذا كانت المرأة تعاني انخفاض ضغط الدم أو تتناول أدوية ضغط الدم، فقد تسبب الفياغرا انخفاضًا أيضًا في الضغط مؤدية إلى الدوخة وحتى الإغماء.
وتحذر الدكتورة زانوتي من خلط الفياغرا مع الكحول لأنه يعد أمرًا مرفوضًا لأي شخص يتناول هذا الدواء، لأنه قد يؤدي إلى تفاقم الآثار الجانبية.
ما هي الأدوية التي يمكن للنساء تناولها لعلاج انخفاض الرغبة الجنسية؟
لا توجد حبوب تضمن إنهاء أعمال المنزل ونوم الأطفال وتعزز الثقة بالنفس، لكن الدكتورة زانوتي تؤكد وجود بعض الأدوية التي قد تساعد على زيادة الرغبة بالجنس، مع إنه لا توجد حبوب تقارب آثارها في الرغبة الجنسية والأداء آثار الفياغرا الفعالة في علاج الضعف الجنسي، ومن هذه الأدوية:
- Addyi أو flibanserin: وهي حبوب تؤخذ يوميًا، وافقت عليها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج انخفاض الرغبة الجنسية عند اللواتي لم يصلن لسن انقطاع الطمث، آثارها الجانبية مشابهة للفياغرا، وقد تخفض ضغط الدم ويجب عدم تناولها مع الكحول.
- Vyleesi أو bremelanotide: هو دواء يحقن في البطن أوالفخذ قبل ساعة من الجنس، معتمد فقط للنساء اللواتي لم يمررن بمرحلة انقطاع الطمث ويعانين من انخفاض رغبة جنسية ليس له علاقة بحالة طبية.
- Wellbutrin أو bupropion: هو أحد مضادات الاكتئاب، يوصف عادة بعيدًا عن النشرة الطبية لعلاج انخفاض الرغبة الجنسية، حتى لو لم يكن الشخص يعاني من الاكتئاب.
وقد اقترحت الدكتورة زانوتي أنه قد يكون للعلاج بالهرمونات البديلة أثر إيجابي على انخفاض الرغبة الجنسية، وإذا وصلت المرأة إلى سن انقطاع الطمث، بوسعها مناقشة ذلك مع طبيبها الخاص.
ماذا تفعل النساء بخصوص انخفاض الرغبة الجنسية؟
إن تحسين الرغبة والدافع الجنسي يرتبط كثيرًا بمعرفة السبب الرئيس لانخفاض الرغبة الجنسية، وقد اقترحت الدكتورة زانوتي التوجه إلى مختص الصحة العقلية إذا كان سبب انخفاض الرغبة الجنسية أمور مثل صدمة جنسية سابقة أو صورة سلبية عن الجسم.
ومن الأمور التي تؤثر في الأداء الجنسي أيضًا الشعور بالألم في أثناء ممارسة الجنس، وقد يكون لهذا حل بسيط، فاستخدام مزيد من المزلقات قد يجعل ممارسة الجنس أكثر متعة، خاصة عند من تجاوزت مرحلة انقطاع الطمث، لأن التقدم في العمر يجعل أنسجة المهبل جافة وأقل مرونة ما قد يسبب الألم. وقد يساعد في ذلك أيضًا تجربب تمارين قاع الحوض والتحدث إلى متخصص في العلاج الطبيعي لقاع الحوض.
تشجع الدكتورة زانوتي على عدم الخجل من التحدث مع الطبيب حول المخاوف المتعلقة بالصحة الجنسية، لأنه يجب على الشخص أن يكون مطمئنًا عليها مسبقًا قبل حدوث مشكلات، خاصة مع التقدم في العمر.
بالتأكيد سيكون من المذهل تناول حبة لاستعادة الرغبة الجنسية، لكن من المحزن أن تلك الحبة السحرية غير موجودة بعد، وإنما توجد الكثير من الأشياء التي بالوسع تجربتها، وأولها التحدث مع الطبيب.
اقرأ أيضًا:
هل تخفض الفياغرا خطر الوفاة لدى الرجال؟
ترجمة: آية عبد الفتاح
تدقيق: تمام طعمة
مراجعة: محمد حسان عجك