يُعد ارتطام إصبع القدم من أكثر الحوادث المؤلمة التي قد نتعرض لها، فقد يشعر الشخص في البداية بصدمة مؤلمة في إصبع القدم، ما يجعله يصرخ ألمًا ويعجز عن الحركة ريثما يخمد الألم، ولكن كيف يفسر العلم الألم الشديد الناجم عن اصطدام إصبع القدم؟
لا يضاهي الألم الناتج عن ارتطام إصبع القدم بإطار الباب أو رجل الطاولة أي ألم آخر، مع أن الإصابة عادةً طفيفة، لذا لماذا نشعر بالألم الشديد في تلك اللحظة؟ تكمن الإجابة في كمية الألياف العصبية في القدم ونوعها، وقوة اصطدام إصبع القدم.
تنشأ الأحاسيس المؤلمة في الجسم في خلايا عصبية تسمى مستقبلات الألم، تتصل ألياف هذه الخلايا في الجلد والعضلات والأعضاء الداخلية، وتستجيب للإشارات التي تطلقها الخلايا التالفة.
يستجيب كل نوع من مستقبلات الألم إلى نوع معين من الضرر، إذ يحفز لمس مقلاة ساخنة مثلًا مستقبلات الألم الحرارية، في حين يفعّل اصطدام إصبع القدم مستقبلات الألم الميكانيكية التي تستجيب للضغط والجروح والكدمات.
تطلق مستقبلات الألم الميكانيكية المفعّلة إشارةً عصبية تنتقل من النهايات العصبية الحرة في إصبع القدم المصاب إلى حزم الألياف العصبية السميكة لتصل إلى الحبل الشوكي، ثم تنتقل إلى الدماغ وتمر عبر المهاد الذي يعمل بمثابة مركز لتوزيع المعلومات، وتُوجه بعدئذ إلى القشرة المخية المجعدة.
تتضمن القشرة المخية جزءًا مسؤولًا عن الاستجابة إلى الإشارات العصبية الناجمة عن اللمس والحرارة والألم، وهو يحيط بالدماغ مثل عصابة الرأس أو العقال، وتُعالَج الأحاسيس الناشئة من مختلف أنحاء الجسم في مناطق مختلفة من هذا الجزء.
تقع المنطقة المسؤولة عن معالجة أحاسيس القدمين وأصابع القدم في مركز هذا الجزء الشبيه بعصابة الرأس، أي حيث يلتقي النصفان الأيمن والأيسر من الدماغ، ويدل حجم المنطقة على عدد المستقبلات الحسية في القدمين.
تحتل الأجزاء الأكثر حساسية في الجسم مثل الوجه والفم واليدين مساحة أكبر في القشرة، ولكن مع ذلك تحتل القدمان مساحة كبيرة مقارنةً مع المساحة التي يشغلها جذع الجسم والأطراف.
لا تصل جميع إشارات الألم الناجمة عن اصطدام إصبع القدم إلى الدماغ في الوقت ذاته، إذ تُنقل إشارات صدمة الألم الأولى عبر ألياف من المجموعة إيه دلتا، وهي ألياف عصبية رفيعة مغلفة بالدهون وتنقل الإشارات بكفاءة عالية، ثم تُنقَل موجة الألم الباهتة التي تنشأ بعد عدة ثوان من الحادثة عبر ألياف من المجموعة سي، وهي تنقل الإشارات بكفاءة أقل ولكنها تغطي مساحةً أكبر قد تتضمن أكثر من إصبع واحد، وقد يتفاقم الألم إذا تسببت الإصابة بالتهاب.
قد تكون مستقبلات الألم في القدمين أكثر حساسية للإصابات الفيزيائية مثل اصطدام إصبع القدم؛ لأن كمية الدهون في القدمين قليلة، إذ تساعد الدهون في التخفيف من قوة الارتطام.
فضلًا عن ذلك، يتعرض إصبع القدم عند الارتطام عادة إلى قوة تكافئ ضعفي أو ثلاثة أضعاف وزن الجسم، وهي مركّزة جميعها على مساحة ضئيلة، ما قد يفسر أيضًا سبب الألم الحاد الذي تسببه هذه الإصابة.
لحسن الحظ، يزول الألم الشديد الناجم عن اصطدام إصبع القدم في أثناء عدة دقائق أو ساعات، ولكن قد تؤدي الحادثة في حالات نادرة إلى إصابة أكثر خطورة مثل التواء المفصل أو كسور في العظام أو خلع في المفاصل، وقد يشير الألم الشديد الذي يستمر عدة أيام، ويتفاقم عند تحريك إصبع القدم إلى وجود إصابة أكثر خطورة.
اقرأ أيضًا:
ما أسباب ألم القدم ؟ وما علاجه؟
ترجمة: رحاب القاضي
تدقيق: ميرفت الضاهر
مراجعة: عبد المنعم الحسين