قد تحدث ثورة كبيرة في عالم الطاقة المتجددة قريبًا بعد توصل باحثين من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى طريقة جديدة يُمكن بواسطتها تحويل الإسمنت وغيره من المواد القديمة إلى ما يُشبه مكثفًا عملاقًا.
تأتي هذه التقنية حصيلة بحث العلماء المستمر عن طرق أفضل لتخزين الطاقة بأشكالها المختلفة.
من الممكن أن تتحول أساسات المباني والطرقات إلى بطاريات ذات سعة لا نهائية تقريبًا في حال نجاح استخدام الإسمنت المكهرب.
ساعد في خلق هذه المادة الجديدة التجارب المختلفة التي كان هدفها خلط الإسمنت والماء وأسود الكربون -مادة شبيهة بالفحم الناعم ناتجة عن عمليات الاحتراق غير المكتملة- لابتداع مادة جديدة هي الإسمنت المكهرب.
يقول أدمير ماسيك، عالم مواد من معهد ماساتشوستس: «إن هذه المادة الجديدة رائعة، فهي حصيلة دمج أكثر مواد يستخدمها البشر على مر التاريخ. نجد استخدامات عديدة للإسمنت المدموج مع أسود الكربون. فعلى سبيل المثال كُتبت مخطوطات البحر الميت التاريخية بمادة أسود الكربون. فلدينا هنا مواد عمرها نحو ألفي عام على أقل تقدير، ووجدنا أن دمجها معًا بطريقة معينة ينتج عنها مادة نانوية ناقلة. هنا يُمكن القول إننا أمام أشياء مثيرة حقًا».
تميل جزيئات أسود الكربون إلى التكتل معًا داخل فراغات بعد امتصاص الإسمنت المتفاعل مع الماء الموجود فيها.
يؤدي ذلك إلى تشكل بنىً لولبية الشكل يُمكن أن تعمل مثل أسلاك داخل الأسمنت. يدعم ذلك الناقلية، ومن هنا تظهر إمكانية تشكيل مُكثف فائق من الإسمنت.
يعمل مصدر الطاقة الجديد على نحو مشابه للبطارية، لكنه يتفوق عليها من ناحية تخزين الطاقة الكهربائية وسرعة إطلاقها.
يُمكن بعد ذلك إضافة مادة إلكتروليت إلى المادة -مثل كلوريد البوتاسيوم- وتوفير الجسيمات المشحونة اللازمة لتخزين الطاقة داخل المكثف الفائق وإطلاقها، ذلك تعويضًا عن الجسيمات التي انفصلت خلال عملية الدمج.
تُعد مكثفات الإسمنت الجديدة حتى الآن مكثفات صغيرة نسبيًا، وتكفي طاقتها لإضاءة بعض مصابيح التوفير فقط.
يُمكن توسيع نطاق إنتاج هذه المكثفات وتصميم أنواع ذات سعة أكبر، نظرًا للتكاليف المنخفضة للمواد المستخدمة ووفرتها.
يهدف فريق الباحثين الآن إلى تصميم مكثفات إسمنت حجمها بحجم بطارية سيارة، ويُشيرون إلى أن المنازل التي أساسها هذا الإسمنت المكهرب تستطيع تخزين كمٍ كافٍ من الطاقة لتشغيل كافة الأدوات الكهربائية فيها مدة يوم كامل.
يُمكن توليد طاقة الإسمنت المكهرب اعتمادًا على مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.
يبرز استخدام آخر لهذا الإسمنت في تشغيل المركبات الكهربائية على الطرقات في أثناء مرورها، وهي فكرة مبتكرة يدرسها المجتمع العلمي.
تظهر مرونة الإسمنت في الاستخدامات المختلفة حسب الحاجة، ذلك مع إمكانية تفضيل سعة التخزين الكبيرة على المتانة الهيكلية أو العكس.
كتب الباحثون: «نجد بدراسة هذه الخصائص أنه يُمكن استخدام مكثفات الإسمنت الهيكلية الشبيهة بالخرسانات لتخزين كميات كبيرة من الطاقة، مع تعدد التطبيقات في المجالين الصناعي والسكني. ونذكر بعضًا منها هنا مثل ملاجئ الطاقة الذاتية والطرق ذاتية الشحن للمركبات الكهربائية وتخزين الطاقة المتقطع لتوربينات الرياح».
اقرأ أيضًا:
باحثون يقترحون تصنيع الإسمنت باستعمال بول رواد الفضاء وعرقهم ودموعهم
رواد الفضاء يصنعون الإسمنت باستخدام البول
ترجمة: طاهر قوجة
تدقيق: جعفر الجزيري
