حققت نتائج البحث عن سبب متلازمة موت الرضع المفاجئ SIDS انتشارًا واسعًا، إذ انتشرت الدراسة الجديدة سريعًا بعد أن صرحت عناوين الأخبار ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي عن اكتشاف السبب الجذري لهذه المتلازمة التي قد تصبح قريبًا شيئًا من الماضي.
من جهةٍ أخرى، صرح أحد الخبراء إن البحث الذي نُشر في 6 مايو 2022 في مجلة eeBioMedicin لم يكشف السبب الجذري للمتلازمة ومن المحتمل ألا يساهم في تقييم المخاطر أو منع حدوث المتلازمة بالمستقبل، إذ كشف البحث بدلًا من ذلك عن علامة مُحتملة -تسمى المؤشر الحيوي- تدل على أن المولود حديثًا قد يكون أكثر عرضةً للوفاة بمتلازمة موت الرضع المفاجئ في المستقبل.
تشير الدراسة إلى وجود صلة بين خطر إصابة الرضيع بمتلازمة موت الرضع المفاجئ ومستوى إنزيم بوتيريل كولين إستراز BCheE في الدم بعد الولادة بوقت قصير، إذ وجدت الدراسة أن الرضع الذين يموتون بسبب المتلازمة لديهم مستويات منخفضة من إنزيم BCheE عند الولادة مقارنةً بالرضع الذين ماتوا لأسباب أخرى أو الذين نجوا إلى مرحلة الطفولة.
قالت مؤلفة الدراسة الرئيسية كارميل هارينجتون إن أحد أهم جوانب البحث هو اختلاف أعمار ولادة الأطفال الذين تعرضوا لمتلازمة موت الرضع المفاجئ، ومع ذلك لا تضيف نتائج البحث شيئًا جديدًا للممارسة السريرية.
وأضافت: «تشير الأبحاث السابقة إلى وجود العديد من العوامل التي تؤثر في مخاطر إصابة الرضع بالمتلازمة لذلك من غير المرجح أن تنطبق النتائج على جميع الحالات».
قال الدكتور ريتشارد غولدشتاين لمجلة Live Science: «يُعد البحث الجديد مساهمةً قويةً ومثيرة للاهتمام للمؤلفات العلمية حول SIDS، لكن في الوقت الحالي، يُعد اكتشاف المؤشر الحيوي heEBC أوليًا للغاية ويحتاج إلى الكثير من البحث قبل أن نفهم أهميته الفعلية».
موجودات الدراسة الفعلية
شكلت متلازمة موت الرضع المفاجئ SIDS ما يقارب 1,250 أو 37% من وفيات الرضع المفاجئة وغير المتوقعة SUID التي أُبلغ عنها في الولايات المتحدة عام 2019 وذلك وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC.
عمومًا، يصف مصطلح SUID وفاة مفاجئة وغير متوقعة لرضيع عمره أقل من عام واحد، إذ لا تُظهر الاستقصاءات بعد الوفاة سبب الحدوث.
بعد إجراء الاستقصاءات قد تُعزى بعض الحالات إلى الاختناق أو الرضوض الجسدية، ولكن إذا كانت وفاة الطفل غير مفسرة حتى بعد إجراء الاستقصاءات الكاملة متضمنةً تشريح كامل الجثة وفحص مكان الوفاة ومراجعة التاريخ المرضي، تُصنف الحالة على أنها متلازمة موت الرضع المفاجئ وفقًا لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية.
تشير الأبحاث إلى أن حديثي الولادة الذين يموتون بسبب SIDS يعانون خللًا في الجهاز العصبي اللا إرادي -قسم من الجهاز العصبي يتحكم في وظائف الجسم اللا إرادية مثل عملية التنفس والهضم ومعدل ضربات القلب- إذ رُبطت المتلازمة بمشكلات الاستثارة أو العملية التي ينتقل بها الجسم من النوم إلى اليقظة.
تحدث المتلازمة عادةً في أثناء النوم وتزداد احتمالية حدوثها عندما يوضع الأطفال للنوم على بطونهم أو على جوانبهم وذلك وفقًا لمقال نُشر في 19 مايو 2022 في مجلة New England Journal of Medicine NEJM.
انخفضت معدلات حدوث المتلازمة إلى النصف في الولايات المتحدة خلال التسعينيات وذلك بعد حملة اتحادية لنشر الوعي حول أوضاع النوم الآمنة والبيئات المناسبة لنوم الرضّع. لكن منذ ذلك الحين، بقيت معدلات SUID في البلاد حول نفس المستوى بنحو 90 رضيعًا لكل 100ألف مولود حي إذ تعزى نسبة كبيرة منها إلى متلازمة موت الرضع المفاجئ.
أشارت الدراسات اللاحقة إلى عوامل وراثية قد تزيد من خطر الإصابة بالمتلازمة، إضافةً إلى اختلافات في الدماغ والجهاز العصبي قد تجعل من الصعب على الأطفال الاستيقاظ إذا توقفوا عن التنفس في أثناء نومهم وفقًا لتقرير مجلة NEJM.
قالت هارينجتون: «قررنا أن نختبر كيميائية جانب واحد من الجهاز العصبي اللا إرادي، وهو النظام الكوليني المعروف من خلال بحث سابق بأن له دورًا في الاستثارة».
تستخدم الخلايا العصبية في النظام الكوليني مرسالًا كيميائيًا يسمى أستيل كولين ChA، إذ يعمل إنزيم BCheE كأحد الإنزيمات الرئيسية التي تساعد على إنتاج الأستيل كولين وفي حال كانت مستويات إنزيم BCheE منخفضة سيؤثر ذلك في كمية الأستيل كولين الجائلة في الدوران، إذ سيؤدي هذا النقص إلى تقويض الوظيفة العامة للنظام الكوليني، على حد قول هارينجتون.
قاس الباحثون مستويات إنزيم BCheE في عينات الدم الجافة التي جُمعت من 26 مولودًا جديدًا غيّبهم الموت بسبب متلازمة موت الرضع المفاجئ، إذ يُجرى اختبار بقعة الدم الجافة أو اختبار وخز الكعب بعد فترة وجيزة من الولادة بحثًا عن أمراض مثل التليف الكيسي أو الخلايا المنجلية وذلك وفقًا لدائرة الصحة الوطنية في الولايات المتحدة، وحلل فريق الدراسة أيضًا بقايا الدم من 30 طفلًا ماتوا لأسباب أخرى غير متوقعة إضافةً إلى 550 طفلًا في مرحلة الطفولة.
وجد الفريق البحثي أن الرضع الذين ماتوا بسبب المتلازمة لديهم مستويات أقل من إنزيم BCheE مقارنةً بالأطفال الأصحاء والذين ماتوا لأسباب أخرى، ما يشير إلى أن قياس مستوى إنزيم BCheE عند الولادة قد يساعد على إيجاد الأطفال المعرضين لخطر الإصابة بمتلازمة موت الرضع المفاجئ والوقاية منها مستقبلًا.
قال غولدشتاين: «يوجد الكثير من العمل للقيام به قبل فهم كيفية تحديد المخاطر بدقة».
بناءً على نتائج الدراسة الجديدة، وجد الباحثون أنهم بحاجة إلى مزيد من البحث لمعرفة ما إذا كان اختبار إنزيم EBChe لوحده قادرًا على أن يكون الاختبار المسحي المؤكد للإصابة بمتلازمة موت الرضع المفاجئ.
رغم أن الأطفال الذين ماتوا بسبب SIDS أظهروا مستويات أقل من إنزيم BCheE مقارنةً بالمجموعات الأخرى، فإن قياساتهم تداخلت على المستوى الفردي مع الرضع في مجموعة الأطفال ذوي الصحة الجيدة.
بمعزل عن ذلك، لن يكون قياس مستوى إنزيم BCheE مؤشرًا قويًا على خطر إصابة حديثي الولادة بالمتلازمة مستقبلًا.
صرحت هارينجتون إن أحد القيود الأخرى للدراسة هو أن الفريق البحثي حلل مستويات إنزيم BCheE بالقرب من وقت الولادة وليس في وقت الوفاة، لذلك من غير الواضح هل المستويات المنخفضة للإنزيم بقيت منخفضة في وقت وفاة الطفل؟ إضافةً إلى ذلك، اعتمدت الدراسة على تشخيص الطب الشرعي بدلًا من تقرير تشريح الجثة لتأكيد سبب الوفاة، لذلك قد يكون السبب الحقيقي للوفاة غير مؤكد في بعض الحالات.
باختصار، توجد الكثير من الأبحاث التي يتعيّن علينا القيام بها قبل أن نفهم تمامًا دور إنزيم BCheE في متلازمة موت الرضع المفاجئ.
اقرأ أيضًا:
التطور الروحي الحركي للطفل الرضيع في السنة الأولى من عمره
ترجمة: سارا رياض الخضر
تدقيق: لبنى حمزة