«لا مكسب دون ألم»؛ تعبيرٌ شائعٌ مرتبط بالحديث عن الرشاقة، وهو سبب لاعتقاد الكثيرين أننا بحاجة إلى الإحساس بالألم بعد التمرين لنعلم أننا قد نلنا كفايتنا منه.
توجد عدة عوامل تسبّب ألم العضلات بعد التمرين، وخلافًا للاعتقاد السائد، ليس المتمرن بالضرورة بحاجة إلى الشعور بالألم بعد ساعات أو أيام بعد التمرين ليعرف أنه تمرن جيدًا.
يحدث ألم العضلات المتأخر (DOMS، وهو المصطلح العلمي لوصف الألم والرخاوة في العضلات بعد التمرين) عادةً بعد تمرين شاق أو ممارسة تمرين غير اعتيادي.
مع أن ألم بعد التمرين يحدث بعد أي نمط من التمارين، ولكنه أشيع بعد التمرين اللامركزي، تلك الحركات التي تقاوم فيها العضلات حملًا في أثناء شدها (كما هو الحال عند الجري على المنحدرات أو نزول السلالم).
وتكون عضلات الأطراف العلوية الأصغر (مثل العضلة ذات الرأسين العضدية والكتف) أكثر عرضة لألم العضلات المتأخر، لأنها لا تكون معتادة على التمارين اللامركزية.
مع أنّ الألم بعد التمرين (ألم العضلات المتأخر – DOMS) قد يحدث بعد ساعات، ولكنه عادة يصل إلى ذروته بعد يومين تقريبًا، تبعًا لحجم التمرين وكثافته.
رغم شيوع الألم بعد التمرين، لا يزال سبب حدوثه يفتقر إلى بعض الفهم، ولكنّ الباحثين لديهم بعض النّظريات عمّا يحدث.
تفسر النظرية العلمية الحالية ألم بعد التمرين بالآتي:
- أذى ميكانيكي (لبنية الليف العضلي البروتينية).
- أذيّة بالغشاء المحيط بالليَيْف العضلي.
- تأذي النسيج الضام المحيط بألياف العضلات.
- اتجابة الجسم الالتهابية، ما يسبب مزيدًا من تقوّض البروتين العضلي، ما يسبب الألم نتيجة تنبيه أعصاب معينة.
إن أذية العضلات الناجم عن التمرين قد تكون ضرورية بدرجة معينة لبناء عضلات أكبر وأقوى، ولكن أذية العضلات نتيجة التمرين سيؤدي إلى تقليل مدى جودة عملها بعده (مدة تصل إلى أسبوعين أحيانًا)، ومن غير المرجح الشعور بألم بعد التمرين بالدرجة نفسها في التمرين التالي، وهذا ما يفسر أيضًا سبب عدم شعور الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام بالألم بعد التمرين.
أُثبِت أيضًا أن تدريبات الوزن المنتظم مع التركيز على التدريبات اللامركزية (مثل القرفصاء، والرفعة الميتة، وتمرين عضلة الصدر) تقلل من تأثيره الضار في العضلات بعد عشر جولات، قد توجد عدة أسباب لذلك، لكن الأمر يتعلق بشدة بتطور قدرة العضلات على حماية نفسها من الأذية.
يختلف عدد مرات وشدة التعرض لألم بعد التمرين من شخص إلى آخر، فكبار السن مثلًا أكثر عرضة لأذية العضلات بسبب التمرين والألم بعده، قد يكون سبب هذا نقص قدرة عضلاتهم على التعافي بعد التمارين الشاقة.
تؤدي الجينات دورًا هامًا بالتعافي من التمارين غير المعتادة بالنسبة لمؤديها، بعد أن أظهرت الأبحاث أشخاصًا لديهم نمط جيني معين كانوا أكثر قدرة على التعافي من التمارين، مقارنة بالأشخاص الآخرين الذين قاموا بالتمرين نفسه تمامًا.
إذا كنت تبدأ برنامج تمرين جديد وكان تمرينك الأول مكثفًا أو طويل الأمد، فمن الصعب تجنب الألم بعد التمرين، وإن إضافة تمارين لم تعتد عليها لبرنامجك التدريبي سيزيد من الألم بعد التمرين، وإن هذا الشعور لا يعني بالضرورة تمرينًا ذا فاعلية أكبر؛ بل إنه يعني فقط أنك تفعل شيئًا لم تعتد عليه عضلاتك.
لا تقلق إذا كنت تتمرن بانتظام و لم تشعر بألم، في وقت لاحق من اليوم، أو في الأيام التالية للتمرين، فإن التمرين لا يزال فعالًا، ولكن عضلاتك تأقلمت للتعامل مع الضرر والتعافي منه.
إذا كنت تريد أن تصبح أكثر قوة ورشاقة، تبنّى مبدأ «زيادة الوزن التدريجي»، بدلَ الشّعور بالحاجة إلى التمرين حتى الألم، وذلك بإضافة مقدار التمرين الذي يُمارس تدريجيًا كل مرة، من طريق أداء عدّات إضافية في التمرين مثلًا أو إضافة وزن؛ وإن طريقة زيادة الوزن التدريجي هذه ليست فعالة لبناء العضلات والقوة فحسب، بل إنها قد تقلل أيضًا من عدد مرات الألم بعد التمرين، وقد وجدت الدراسات أن أسابيع قليلة من اتباع هذه الطريقة في أثناء التدريبات كافية لرؤية تأثيرها.
لذا بدلًا من اعتماد الألم طريقةً لقياس فعالية التمرين، حاول زيادة العدّات تدريجيًا التي تتمرن بها كل أسبوع، أو مقدار الوزن الذي ترفعه.
إنّ زيادة اللياقة والقوة ستبرز لك مدى فعالية التدريبات السابقة.
اقرأ أيضًا:
رياضة رفع الاثقال و تأثيرها على الدماغ
ما هي الرياضة الأفضل من أجل الصحة و الحياة المديدة ؟
ترجمة: شهاب شاعر
تدقيق: أحمد الحميّد
مراجعة: حسين جرود