ينجم اعتلال الأعصاب المحيطية عن أذية الأعصاب خارج النخاع الشوكي والدماغ، وقد يؤثر في انتقال الإشارات بين اليدين والقدمين مثلاً وباقي الجسد، وقد يسبب أيضًا الشعور بألم ونمَل وخدَر.
يعاني أكثر من 20 مليون شخص في الولايات المتحدة اعتلال الأعصاب المحيطية. قد تسبب هذه الحالة فقدان الإشارات الطبيعية للأعصاب أو وصول إشارات غير مناسبة أو مشوهة. وقد يصيب اعتلال الأعصاب المحيطية طيفًا من الأعصاب المختلفة بأماكن متعددة وبطرق مختلفة، وقد يصيب عصبًا وحيدًا أو عدة أعصاب في وقت واحد.
ومن الأمثلة على اعتلال الأعصاب المحيطية:
- الألم العصبي التالي للهربس الذي قد يلي الإصابة بالحلأ النطاقي ويستمر أشهرًا معدودة بعد اختفاء الطفح الجلدي.
- شلل العصب الزندي بعد أذية للمرفق مثلًا.
- متلازمة النفق الرسغي، وهو انضغاط الأعصاب في الرسغ.
- شلل العصب الشظوي الذي يكون بسبب انضغاط العصب الشظوي في الساق.
- شلل بيل، وهو شلل عصب وحيد ويصيب الوجه.
اﻷعراض
تختلف أعراض اعتلال الأعصاب المحيطية حسب نوع الاعتلال العصبي، وقد حدد الباحثون أكثر من 100 نوع مختلف من الاعتلال العصبي. وتُصنف الأنواع عمومًا في ثلاثة أصناف ولكل منها مجموعة من الأعراض وهي:
الاعتلال الحسي:
يصيب الأعصاب الحسية ما يؤثر على حس الألم واللمس والحرارة. وقد يعاني الشخص:
- انخفاضًا في حس اللمس والاهتزاز.
- حسًا بوخز الإبر وزيادة حساسية.
- زيادة في حس الألم أو انعدام الشعور بالألم.
- انعدام القدرة على الإحساس بتغيرات الحرارة والبرودة.
- صعوبة التنسيق والتوازن.
- شعورًا بألم حرقة أو طعن أو وخز قد يكون أسوأ في أثناء الليل.
وفي الحالات التي يكون فيها السبب مرض السكري، قد يؤدي الاعتلال العصبي الحسي أيضًا إلى تقرحات القدم والساق والعدوى والغرغرينا.
الاعتلال الحركي:
يؤثر في العضلات التي يتحكم بها الدماغ باستمرار. ومن الأعراض:
- ضعف عضلي يسبب عدم ثبات وصعوبة في الأداء.
- هزال عضلي.
- ارتعاش العضلات وتشنجها.
- ضمور العضلات.
الاعتلال العصبي اللاإرادي:
يؤثر في الوظائف اللاإرادي التي يتحكم بها الدماغ، وتتضمن الأعراض:
- مشكلات في التعرق.
- عدم تحمل للحرارة.
- مشكلات في التحكم بالمثانة والأمعاء.
- مشكلات في ضغط الدم.
- مشكلات في البلع.
العلاج
يستهدف العلاج إما العامل المسبب، أو تخفيف أعراض الألم ومنع المزيد من الضرر. وقد تتضمن العلاجات:
- الحفاظ على صحة الأعصاب بنمط حياة صحي، ويتضمن التمارين الرياضية والطعام الصحي والمحافظة على وزن صحي وتعويض أعواز الفيتامينات والامتناع عن شرب الكحول والتوقف عن التدخين.
- تدبير مستويات السكر في الدم في حالات اعتلال الأعصاب السكري وهذا لمنع إحداث المزيد من الضرر للأعصاب.
- التوقف عن التعرُّض لمادة سامة مشتبه بها أو إيقاف دواء مسبب لمشكلات صحية وذلك لتجنب حدوث المزيد من الضرر للأعصاب.
- استخدام دعامات اليد والقدم أو الأحذية التقويمية للمساعدة على التغلب على الإعاقة الجسدية الناجمة عن الأعراض الحركية.
أدوية لعلاج ألم اعتلال الأعصاب:
من الأدوية التي قد تساعد على إزالة أعراض الألم لكن لا تعالج السبب الكامن:
- الأدوية التي تستخدم عادةً للصرع مثل الكاربامازبين.
- مضادات الاكتئاب مثل الفينلافاكسين.
- دولوكسيتين الذي يساعد على تخفيف الألم عند مرضى العلاج الكيماوي.
- لصاقات جلدية مثل ليدوويرم لإزالة الألم الموضعي مؤقتًا، إذ تحتوي اللصاقات على مخدرات موضعية مثل الليدوكائين. تشبه هذه اللصاقات الضمادات ويمكن للشخص أن يقطعها حسب الحجم المناسب.
- مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية مثل الإيبوبروفين الذي قد يساعد على السيطرة على الألم الخفيف. وهي أدوية لا تحتاج إلى وصفة.
- المراهم والكريمات الموضعية مثل الكابسيسين الذي يحتوي على الفلفل الحار التي قد تخفف الألم أيضًا. يمكن لأي شخص أيضًا الحصول على اللصاقات.
يجب الأخذ بالحسبان أي أدوية لحالات أخرى، وذلك لتجنب تداخلات دوائية غير مرغوب فيها.
علاجات اعتلال الأعصاب الأحادية
حين يحدث اعتلال الأعصاب لدى شخص ما نتيجة لانضغاط عصب واحد، يكون العلاج مشابهًا بغض النظر عن العصب المعني. تعتمد المقاربة على كون الضغط ثابتًا أم عابرًا.
قد يكون شلل العصب الزندي أو الكعبري أو الشظوي مؤقتًا وقابلاً للشفاء إذا تجنب المريض ببساطة سبب انضغاط العصب. فمثلًا يجب على الشخص المصاب بشلل العصب الزندي ألا يتكئ على المرفق المصاب.
وقد يحتاج المصاب إلى الراحة أو التدفئة أو حتى تناول بعض الأدوية لتخفيف الالتهاب. ويتضمن العلاج المحافظ في متلازمة النفق الرسغي تجبير المعصم وتناول أدوية الستيروئيدات القشرية عن طريق الفم أو حقنًا.
إذا لم يستجب اعتلال العصب الوحيد لهذه التدابير، فقد تكون الجراحة الخيار في بعض الحالات. قد تكون الجراحة ضرورية أيضًا إذا كان انضغاط العصب ثابتًا كأن يكون السبب ورمًا ضاغطًا.
يجب على الطبيب تحويل المريض إلى اختصاصي آلام أو إلى طبيب اختصاصي عندما يكون:
- الألم شديد جدًا.
- الألم يحد من النشاطات اليومية وجودة الحياة إلى حد كبير.
- الحالة الصحية تزداد سوءًا.
علاجات طبيعية
قد تتضمن التدابير غير الدوائية للاعتلال العصبي المحيطي استخدام كمادات دافئة أو باردة، ما لم تؤدِّ الحرارة أو البرودة إلى تفاقم الأعراض.
تخفيف التوتر والعلاجات الداعمة الأخرى وهذا يشمل التأمل والاسترخاء والتدليك والوخز بالإبر. قد تساعد هذه الأشياء الشخص على التغلب على الألم الناتج عن هذه الحالة.
قد يجد بعض الأشخاص أن استخدام جهاز تحفيز العصب الكهربائي عبر الجلد مساعدًا إذ يقاطع هذا الجهاز الرسائل العصبية بتوصيل تيار كهربائي صغير، لكن لم تؤكد الأبحاث فعالية هذا العلاج بعد.
الأسباب
تعد كثير من أنواع اعتلالات الأعصاب مجهولة السبب، لكن يوجد عدد من الحالات التي تحرض حدوث المشكلة ومنها:
- الداء الكلوي المزمن: في حال سوء وظيفة الكلية فيمكن لاضطراب الملح والشوارد أن يسبب اعتلال أعصاب محيطيًا.
- الإصابات: فالكسور العظمية والجبائر الضيقة قد تسبب ضغطًا مباشرًا على الأعصاب المحيطية.
- العدوى: قد يؤدي الحلأ النطاقي، والعدوى بفيروس نقص المناعة البشرية ومرض لايم والأمراض الفيروسية إلى اعتلال الأعصاب.
- متلازمة غيلان باريه: وهي نوع محدد من الأذية العصبية المحيطية المحرضة بالعدوى.
- بعض اضطرابات المناعة الذاتية: وتشمل التهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة الحمامية الجهازية.
- بعض أنواع السرطانات: كسرطان الغدد اللمفاوية والورم النقوي المتعدد.
- الداء الكبدي المزمن.
قد تشمل الأسباب الأخرى ما يلي:
- الإفراط في تناول الكحول.
- بعض الأدوية، مثل العلاج الكيميائي وأدوية علاج فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب.
- عوز فيتامين ب12 أو حمض الفوليك.
- التعرض للسموم مثل المبيدات الحشرية والمذيبات.
قد تؤدي اضطرابات الأوعية الدموية الصغيرة إلى تقليل تدفق الدم إلى الأعصاب، إذ يؤدي ذلك إلى تلف في الأنسجة العصبية. يمكن لبعض الأورام الحميدة أيضًا أن تؤثر في الأنسجة العصبية وتؤدي إلى آلام عصبية.
اعتلال الأعصاب السكري
يعد الداء السكري أكثر الأسباب شيوعًا لاعتلال الأعصاب المحيطية المزمن في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يعاني ما نسبته 60 إلى 70% من المرضى المصابين بداء السكري شكلًا من أشكال الضرر الحسي أو الحركي أو اللاإرادي للأعصاب والكثير منهم يعاني مشكلات في القدم وتقرحات.
يؤدي أيضًا ارتفاع مستويات السكر في الدم إلى تلف جدران الأوعية الدموية الصغيرة التي تزود الأعصاب بالأكسجين والمواد المغذية في أطراف اليدين والقدمين والأعضاء الأساسية في الجسم مثل العينين والكليتين والقلب، وعند تضرر الجلد فإن فقدان الإحساس يزيد من خطر الإصابة.
التشخيص
يسبب اعتلال الأعصاب المحيطية مجموعة متنوعة من الأعراض مع العديد من الأسباب المحتملة.
عادةً ما يبدأ الطبيب بأخذ التاريخ المرضي للشخص إذ لا يتضمن ذلك جمع معلومات عن جميع أعراض المريض وحسب، بل أيضًا جمع تفاصيل حول حياة المريض وتعرضه للعوامل البيئية والتحري عن أمراض معدية أو أمراض عصبية قد يكون المريض قد تعرض لها.
أما الخطوة التالية فهي إجراء فحص جسدي عصبي شامل يساعد الطبيب على تحديد أي أذية عصبية. تشمل الاختبارات المحتملة التي قد يجريها الطبيب سرعة النقل العصبي وتخطيط كهربية العضل، إذ تقيس هذه الاختبارات قوة الإشارة العصبية والنشاط الكهربائي. قد تجرى أيضًا خزعة عصبية. أما في حالات الاشتباه باعتلال الأعصاب المحيطية اللاإرادي، فقد يُطلب اختبار QSART الذي يقيس قدرة المريض على التعرق.
وفي بعض أنواع اعتلالات الأعصاب مثل انضغاط العصب، قد يُطلب أيضًا إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو التصوير المقطعي المحوسب (CT). وثمة خيار آخر هو الموجات فوق الصوتية (الإيكو) للعضلات والأعصاب، ولكنه ليس شائعًا.
إذا تأكَّد وجود اعتلال أعصاب فيجري التحري عن السبب، وقد يرسل الطبيب بعد ذلك الشخص لإجراء اختبارات الدم من أجل التحقق من مرض السكري وغيره من الحالات الكامنة المحتملة وقد يتحقق الطبيب من وجود أعواز الفيتامينات أو خلل في الكبد أو الكلى أو وجود عدوى أو اضطرابات استقلابية أو وجود أي خلايا مناعية قد تشير إلى وجود اضطراب مناعي. قد يطلب الطبيب في بعض الحالات إجراء اختبار لاستبعاد وجود اضطرابات وراثية.
إذا لم تُشر أي من هذه الاختبارات إلى سبب، فقد يجري الطبيب اختبارات إضافية.
الخلاصة
يصف اعتلال الأعصاب المحيطية العديد من الحالات المختلفة التي تلحق الضرر بالجهاز العصبي المحيطي. قد تسبب العديد من الأمراض الكامنة ذلك ما يؤدي إلى ضعف الإشارات العصبية. وتختلف الأعراض حسب الأعصاب المصابة ونوع الاعتلال العصبي.
اقرأ أيضًا:
خلل وظيفة التكامل الحسي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: طارق أبو اللبن
تدقيق: تسنيم المنجد
