وجدت دراسة حديثة أجراها باحثون في مركز ستانفورد بالتعاون مع باحثين من الدنمارك، أن استخدام ميتفورمين قبل الإلقاح بثلاثة شهور أو أقل قد يؤثر في تطور النطاف بنحو يزيد العيوب الخلقية لدى الأبناء.
تزيد الدراسة فهمنا للعوامل الأبوية المؤثرة في صحة الأبناء. قال البروفيسور مايكل إيزنبرغ المؤلف المشارك في البحث: «بالنسبة إلى الأمهات، توجد العديد من المعلومات عن عوامل الخطورة المؤثرة في أطفالهن، ويتضمن ذلك قائمة من الأدوية المحظورة في أثناء الحمل، ولما كان الرجل يساهم بنصف الحمض النووي للطفل، فمن المنطقي أن يتأثر الطفل بعوامل مرتبطة بصحة الأب والأدوية التي يستخدمها».
درس الباحثون البيانات الصحية المسجلة في الدنمارك لأكثر من مليون مولود، وربطوا بين استخدام الآباء لميتفورمين خلال تشكل النطاف وبين المعدلات العالية للعيوب الخلقية عند الأبناء، ولوحظ أن هذه العيوب تصيب فقط الأبناء الذكور، إضافةً إلى انخفاض احتمال إنجاب هؤلاء الآباء للذكور أساسًا، مقارنةً بالآباء الذين لم يستخدموا الميتفورمين.
ما زالت الآلية التي يؤثر بها ميتفورمين في النطاف غير واضحة. هل السبب هو الداء أم الدواء؟ يقول البروفيسور إيزنبرغ: «السؤال المهم هنا: هل السكري هو سبب العيوب الخلقية أم ميتفورمين؟».
ميتفورمين دواء شائع لمعالجة السكري من النمط الثاني، يؤخذ بالفم، لكن الدراسة تربط بينه وبين مشكلات الإخصاب. ولما كانت النطفة تستغرق نحو ثلاثة أشهر لتنضج بالكامل، ففي حالة الآباء الذين شملتهم البيانات الدانماركية، الذين صرحوا بتناولهم ميتفورمين، يُعد ذلك تعريض النسل للدواء مباشرة.
من بين 1,116,779 مولودًا شملتهم الدراسة، وُلد 3.3% منهم بعيب خلقي واحد على الأقل، و51.4% منهم كانوا ذكورًا. كانت أكثر العيوب الخلقية مرتبطة بالأعضاء التناسلية، وكانت شائعة فقط عند المواليد الذكور.
يقول إيزنبرغ: «أكثر ما يركز العلماء على فعله هو محاولة دحض ما اكتشفوه، إذ نحاول التحقق من أن ما وجدناه لم يحدث بالصدفة أو بتأثير عوامل أخرى».
تحكم الباحثون في العوامل التي قد تؤثر في النتائج وتحرفها، مثل سنة الميلاد وعمر الأب والأم والوضع المادي للعائلة ومستوى التعليم واستخدام الأهل للتبغ.
وقارن الباحثون بين ميتفورمين واثنين من أدوية السكري الأخرى: الإنسولين والسولفونيلورياز، ووجدوا أن التعرض للإنسولين لم يؤثر في نسبة العيوب الخلقية أو في جنس المولود.
أما في حالة السولفونيلورياز، فظهرت العيوب الخلقية بنسبة 5.1% بين 647 طفلًا تعرضوا له، وكان 49.3% منهم من الذكور. وجد الباحثون أن هذه الأرقام تشابه إلى حد ما التعرض لميتفورمين.
لا ترتبط هذه العيوب بتناول ميتفورمين في أي من مراحل الحياة عمومًا، بل ترتبط تحديدًا بفترة تطور النطاف.
أيضًا لا يرتبط الأمر بداء السكري، إذ شملت الدراسة عينة من الرجال لا يتناولون الميتفورمين، لكنهم مصابون بالسكري.
تثير الدراسة الانتباه نحو العوامل الأبوية المؤثرة في الأجنة.
قارن الباحثون بين الأطفال المتعرضين للميتفورمين وأشقائهم غير المتعرضين له، ولاحظوا عدم تزايد احتمالات العيوب الخلقية لدى غير المتعرضين، ما يعني أن تأثير ميتفورمين في النطاف لم يمتد إليهم.
أظهرت التجارب على الفئران ضررًا كبيرًا على الخصوبة، إذ أنجبت الفئران المحقونة بميتفورمين ذكورًا بحجم خصيتين أصغر من الطبيعي.
إذن هل تعني هذه النتائج أنه على الآباء عدم استخدام هذا الدواء قبل الإنجاب؟
قال إيزنبرغ: «ما زال من المبكر أن نقرر تغيير الممارسات السريرية بناءً على نتائج تجربة منفردة، لكن الدراسة توضح أهمية صحة الأب وتأثيرها في صحة المولود، وهو أمر يجب الانتباه إليه في حالة الآباء المقبلين على الإنجاب».
اقرأ أيضًا:
استخدام المضادات الحيوية المزمن يساهم في التدهور المعرفي
تناول النبيذ مع الطعام قد يقي من السكري نمط 2
ترجمة: محمد زكريا زيتوني
تدقيق: عبد الرحمن داده