تشير التحاليل الجينية إلى أن نوعًا نادرًا من هشاشة العظام قد يكون ناتجًا جزئيًا عن تعطيل هرمون الميلاتونين. وقد حدد الباحثون السبب الجيني لهذا المرض النادر.

تعد “هشاشة العظام مجهولة السبب” مرضًا عظميًا يُقدَّر عدد المصابين به بنحو 0.4 لكل 100,000 شخص سنويًا. وكغيره من أشكال هشاشة العظام الشائعة، يؤدي المرض إلى إضعاف العظام، ما يجعلها هشة ويزيد من خطر الكسور حتى في حالات الحركات البسيطة مثل السعال أو الانحناء. عادةً ما تصيب هذه الحالة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا، لا سيما النساء بعد انقطاع الطمث. إلا أن هذا النوع النادر من هشاشة العظام يظهر عفويًا بين الشباب الأصحاء.

إن السبب الدقيق لهشاشة العظام مجهولة السبب غير معروف، ولكن يبدو أنه مرتبط بعوامل وراثية، إذ لوحظت حالات متعددة لكسور متكررة في الطفولة ضمن عائلات معينة. هذه الملاحظة دفعت العلماء للاعتقاد بأن للمرض سببًا جينيًا، وقد نجحوا الآن في تحديد السبب المحتمل.

أجرى الباحثون تحليلًا جينيًا كشف أن الطفرات في جين معين قد تعطل وظيفة بروتين يُعرف باسم MTNR1A، وهو مستقبل يوجد على سطح الخلايا ويتفاعل مع الميلاتونين، المعروف بدوره في تعزيز النوم.
إضافةً إلى دوره في النوم، يمكن الميلاتونين أن يؤدي وظائف أخرى، مثل تثبيط نمو السرطان في بعض السياقات، وخفض ضغط الدم، والتحكم في عملية تكوين أنسجة العظام.

وفي الدراسة، حلل العلماء الجينوم لعشرة أشخاص من عائلة واحدة، كان العديد منهم مصابًا بهشاشة العظام مجهولة السبب. واكتشفوا لاحقًا أن العائلة من أصول يهودية أشكنازية.

إضافة إلى ذلك، أخذ الباحثون عينات جينية من 75 مريضة أخرى يعانين من المرض ولم يكن بينهن أي صلة قرابة.
كشف التحليل عن طفرات معينة في الجين المرتبط بإنتاج بروتين MTNR1A، عُرّفت برمزين rs374152717 وrs28383653. وُجدت هذه الطفرات حصريًا لدى المصابين بالمرض.

وسّع الفريق نطاق الدراسة ليشمل قواعد بيانات جينية متاحة للعامة. أظهرت النتائج أن الطفرات نادرة لكنها أكثر انتشارًا بين الأشخاص من أصول يهودية أشكنازية مقارنة ببقية السكان. وتبين أيضًا ارتباطها الواضح بهشاشة العظام مجهولة السبب.

كانت طفرة rs28383653 منتشرةً خصوصًا بين الإناث المصابات، حيث وُجدت لدى نحو 4% من هؤلاء، مقارنة بـ1.7% بين السكان الأشكناز عمومًا، و0.9% بين السكان العامين. أما طفرة rs374152717، فظهرت لدى 40% من أفراد العائلة، و0.9% من إجمالي السكان الأشكناز، و0.04% من السكان العامين. يشير ذلك إلى أن حاملي هذه الطفرات معرضون أكثر للإصابة بالمرض.

وفي تجارب منفصلة، استخدم الباحثون تقنية تحرير الجينوم CRISPR لإدخال طفرة rs374152717 في خلايا عظمية بشرية وفي الفئران. أدت الطفرة إلى إنتاج مستقبلات ميلاتونين معطلة، ما عطل إشارات الميلاتونين. في الفئران، حفزت الطفرة نشاط الخلايا المدمرة للعظام، ما أدى إلى تسريع شيخوخة الخلايا وانخفاض الكتلة العظمية.

استنتج الفريق أن نتائج الدراسة تدعم إمكانية استخدام الميلاتونين علاجًا لهشاشة العظام مجهولة السبب.

وقالت الدكتورة ستافرولا كوستيني، المؤلفة المشاركة في الدراسة وأستاذة علم وظائف الأعضاء والفيزياء الحيوية الخلوية في جامعة كولومبيا: «من المحتمل أن يؤدي استعادة نشاط إشارات الميلاتونين لدى هؤلاء المرضى إلى منع فقدان العظام والكسور أو حتى إصلاح العيوب العظمية».

ومع ذلك، أكدت كوستيني أن حاجة هذه الفرضيات إلى اختبارات إضافية. وأضافت أن تجارب سريرية سابقة أظهرت أن الميلاتونين يمكنه تحسين كثافة العظام ومنع فقدانها، لكن الدراسة الحالية لا تقدم حلاً مباشراً لعلاج الطفرات الجينية المسببة للمرض.

اقرأ أيضًا:

هل إعطاء الميلاتونين للأطفال ضار؟

ما الآثار الجانبية لمكملات الميلاتونين المساعدة على النوم؟

ترجمة: آية عبد الفتاح

تدقيق: مؤمن محمد حلمي

مراجعة: باسل حميدي

المصدر