تمدد الزمن سيتغلب على البشر المسافرين للمريخ، وهذا لأمرٌ متوقع. فعلى سبيل المثال، يشيخ الرأس أسرع قليلًا من القدمين. لكن كم هو مقدار تمدد الزمن الذي سوف يختبرونه بالنسبة لمراقبين موجودين على الأرض؟
أولاً، دعونا نتأكد من أننا جميعًا متفقين على ذات الأمر. تختلف سرعة انقضاء الوقت اعتمادًا على اختلاف المراقبين، وبالترافق مع سرعاتهم النسبية، وقربهم من مراكز مجالات الجاذبية هذه وقوتها أيضًا.
يعبّر التباطؤ الزمني عن الفرق في الوقت المُنقضي بين ساعتين زمنيتين نظرًا للأسباب الموضحة في نظرية النسبية الخاصة والنظرية العامة.
تحني الجاذبية الزمكان، وهذا يعني أنه كلما زادت قوة الجاذبية وزاد القرب من الكتلة المولدة لها، تباطأ الوقت المُنقضي من وجهة نظر المراقب. أما من وجهة نظر الشخص نفسه فإن الوقت سيظل يجري على سرعته العادية.
هذا حقيقةً يجعل القدمين أصغر عمرًا من الرأس لأنها أقرب إلى مركز جاذبية الأرض.
مع الابتعاد عن مركز جاذبية الأرض، مثل قضاء الوقت على قمة ناطحة سحاب، تتأكد صحة نظرية تأثير تمدد الزمن مقارنةً بالمراقبين الموجودين على الأرض. ولكن ذلك ليس تأثيرًا كبيرًا، إذ يُقاس فقط بالنانو ثانية سنويًا.
أما بالنسبة لرواد الفضاء الخاضعين لبيئة من الجاذبية الصُغرى خلال فترات زمنية طويلة، يكون التأثير أكثر وضوحًا عليهم، ولكن تعود التأثيرات لتُلغى قليلًا نظرًا لميلان شعاع سرعتهم قليلًا في أثناء سفرهم بالفضاء.
تحدث رائد الفضاء كولين ستورت وشرح في أثناء لقائه مع منصة TED: «نظرًا لكون حركة الرواد الفضائيين ودورانهم حول الأرض عبر مسافة أبعد عن مركز الكوكب -مقارنةً بالسكان على الأرض- فإنهم عادةً ما يختبرون تمددًا زمنيًا مختلفًا للجاذبية. وهذا بمفرده أمرٌ بمقدوره جعل وقت الزمن المَمضيّ على الرواد يجري أسرع».
أكمل حديثه: «تُعدّ هذه التأثيرات ضئيلةً نسبيًا نظرًا لكون جاذبية كوكب الأرض ضعيفةً نوعًا ما، لذا فإن تمدد الزمن بالنسبة إلى سرعتهم يتغلب عليهم وبالفعل يسافر الرواد بانحناء زمكاني لا بأس به نحو مستقبلهم».
عندما انهار الاتحاد السوفييتي، علق رائد الفضاء سيرجي كريكاليف في الفضاء لمدة 311 يومًا، وسجل إجمالًا 803 يومًا و9 ساعات و39 دقيقة في الفضاء، وهكذا يكون قد سافر تقنيًا 0.02 ثانيةً إلى المستقبل، وذلك وفقًا لـ Universe Today.
عند التوجه إلى المريخ في رحلة ذهابٍ وإياب، سيستغرق هذا نحو 21 شهرًا، إذ سيواجه رواد الفضاء خلاله تأثيرات صغيرة من التباطؤ الزمني. فبينما سيمر الوقت طبيعيًا من وجهة نظرهم، فإن المقارنة مع مراقبي الأرض، من المحتمل أن تُظهر اختلافًا لبضع تأثيرات بالنانو ثانية. ومع أن السرعات ستكون أعلى مما سافر به أي إنسان في التاريخ، فإن المقارنة مع سرعة الضوء -حيث تصبح آثار التباطؤ الزمني ملحوظة للغاية- قليلة الأهمية.
فإذا كان رواد الفضاء سيبقون على المريخ لفترات طويلة، فإن تأثير التباطؤ الزمني النّاجم عن الجاذبية سيبدأ بالدخول في نطاق الملحوظ. فإن وجد إنسانٌ يعيش بالضبط 80 عامًا على المريخ فإنه سيموت بحوالي 12 ثانية أقل، مما لو عاش بالضبط 80 عامًا على الأرض. ولكن من وجهة نظرهم، لم يكن الأمر كذلك.
اقرأ أيضًا:
دراسة تكشف عن تأثيرات الفضاء على البنية العظمية لرواد الفضاء
أدمغة رواد الفضاء تحتاج إلى ثلاث سنوات للتعافي بعد رحلة فضائية!
ترجمة: زين العابدين بدور
تدقيق: زين حيدر