وفقًا لدراسة أميركية جديدة استهدفت ما يقارب 500 حالة، وتُعد من أكبر الدراسات البحثية حتى الآن، وجد الباحثون أن نقص مستويات فيتامين د أو انخفاضها بنسبة كبيرة يزيد من شدة الإصابة بالصدفية!
وفي هذا السياق، يقول الدكتور إيونيونغ تشو، طبيب الأمراض الجلدية بجامعة براون وزملاؤه، إن النتائج التي توصلوا إليها تشير إلى أن الأشخاص الذين يعانون هذه الإصابة الجلدية المزعجة -التي تؤثر في ملايين الأشخاص- قد يستفيدون من تناول الأطعمة الغنية بفيتامين د، أو من المكملات الغذائية التي تحتوي عليه.
تُعرف الصدفية بأنها مرض مناعي يتسم بتحول مَرَضيّ سريع وغير طبيعي لخلايا الجلد، وسببه الدقيق غير واضح، ويُعتقد أنه ينشأ نتيجةً لتأهّب وراثي للإصابة ناجم عن تأثير العوامل البيئية المحيطة.
يعاني المريض المصاب بالصدفية التراكم المزمن لخلايا الجلد الميتة، التي تنتشر بشكل بقع جلدية متقشرة، إضافةً إلى الشعور بالحكة الشديدة، ولذلك تُعرف الصدفية بأنها إصابة جلدية قد تكون مؤلمة ويفترض بعض الأشخاص افتراضًا خاطئًا بأنها إصابة معدية.
ومن أجل المزيد من التوضيح، تقول طالبة الطب راشيل ليم من جامعة براون، التي قدمت البحث في الاجتماع السنوي للجمعية الأميركية للتغذية في عام 2023 NUTRITION في بوسطن في 25 يوليو: «تظهر الكريمات الصنعية الموضعية، التي تحتوي في تركيبها فيتامين د، علاجات جديدة لمرض الصدفية، لكن هذه الكريمات عادة ما يتطلب استخدامها وصفة طبية من الطبيب المختص».
يعتقد العلماء أن فيتامين د يؤدي دورًا مهمًا في منع تطور وازدياد شدة الإصابة بالأمراض الجلدية، بتعديل الاستجابة المناعية، والتأثير المباشر على الخلايا المسؤولة عن إصلاح خلايا الجلد المتضررة، ويضيف تشو أنه ومع تزايد الاهتمام العام بمكملات الفيتامينات، أراد الباحثون إجراء مزيد من الأبحاث لدراسة العلاقة ما بين مستويات فيتامين د وشدة تطوّر الإصابة بالصدفية.
فحص الباحث تشو، والطبيبة ليم، وباحثون آخرون في جامعة براون وكلية ماساتشوستس بيانات أكثر من 40 ألف شخص جُمعت بواسطة خدمات استقصاء الصحة الوطنية وفحص التغذية، الذي يُعد برنامج بحث استقصائي يجريه المركز الوطني لإحصائيات الصحة، (NHANES) بين عامي 2003 و 2014، وقيّم الباحثون مستويات فيتامين د لدى الأفراد وشدة تطور الإصابة بمرض الصدفية لديهم، وذلك ضمن مجموعة تمثل سكان الولايات المتحدة.
وقد بيّن الباحث تشو وجود عدد قليل فقط من الأبحاث التي تدرس هذا الارتباط بين مجموعات من السكان، وخاصة ضمن التجمعات السكانية الكبيرة في الولايات المتحدة، أو تلك التي تدرس هذه العلاقة من المنظور التغذوي السريري، فيما كشفت بيانات من NHANES عن 491 حالة من حالات الإصابة بالصدفية، مع 162 حالة إصابة سُجلَت بين عامي 2003 و 2006، و 329 حالة إصابة سُجلَت بين عامي 2011 و 2014.
في هذا الإطار، اعتمد الباحثون على دراسة مساحة سطح الجسم المصابة بالصدفية، المبلغ عنها من قبل الأفراد المشاركين في الدراسة أنفسهم، لقياس شدة الإصابة بالمرض لدى كل فرد، وجمع الباحثون بيانات عن مستويات فيتامين د لدى الأفراد من عينات الدم.
تقول الطبيبة ليم: «استخدمت دراسة سابقة واحدة فقط، نُشرت عام 2013، بيانات NHANES لتحليل العلاقة بين مستويات فيتامين د وشدة الإصابة بالصدفية، ولقد تمكنا من إضافة المزيد من البيانات والنتائج الحديثة، التي زادت عدد حالات الإصابة بالصدفية المدروسة سابقًا بأكثر من ثلاثة أضعاف، ما جعل نتائجنا أكثر حداثة وقوية إحصائيًا من البيانات المتوفرة سابقًا».
وبعد تعديل البيانات لمراعاة عوامل نمط الحياة مثل العمر، والجنس، والعرق، ومؤشر كتلة الجسم، وعادات التدخين، وجد التحليل أن الذين لديهم مستويات منخفضة من فيتامين د يعانون الإصابة الأكثر شدة بمرض الصدفية، أما أولئك الذين تمتد لديهم الإصابة بمرض الصدفية على مساحة أكبر من سطح الجسم فقد ظهرت لديهم عند التحليل مستويات منخفضة من فيتامين د، وعلى النقيض، فكلما كانت هنالك مساحات من سطح الجلد لدى المريض أقل تأثرًا بالإصابة بالصدفية، كانت قيَم متوسط مستويات فيتامين د لديه أعلى.
وقد حلل الباحث تشو وزملاؤه بشكل منفصل النسبة المئوية للأشخاص الذين يعانون نقص فيتامين د، الذي حُدّد على أنه التركيز الأقل من 50 نانومول لكل لتر من الدم، وقارنوا تلك النتائج بالمستويات الأربعة لمساحة سطح الجسم المصابة بالصدفية.
وجد الباحثون أن 39% من أفراده المجموعة التي تمتلك أعلى مستوى من مساحة سطح الجسم المصابة بالصدفية يعانون نقص فيتامين د، مقارنة بـ %25 من الأفراد في المجموعة التي تمتلك أدنى مستوى من مساحة سطح الجسم المصابة بالصدفية، وتشير هذه العلاقة إلى أن مستويات فيتامين د قد تؤثر على كيفية تطور مرض الصدفية، بالإضافة لمستوى شدة الإصابة بها.
الجدير بالذكر أن هنالك العديد من الدراسات السابقة التي قد ربطت ما بين نقص مستويات فيتامين د مع زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب، وارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا، في حين أن تناول المكملات الحاوية على فيتامين د، عندما تكون المستويات منه غير كافية، قد تقلل من خطر الإصابة بالنوبات القلبية، وتخفف من أعراض الاكتئاب.
وأكّدت الطبيبة ليم أن النتائج التي توصلوا إليها تشير إلى أن اتباع نظام غذائي غني بفيتامين د، أو تناول مكملات فيتامين د الفموية، قد توفر أيضًا بعض الفوائد لمرضى الصدفية.
أكد الباحثون ضرورة استشارة المصابين بالصدفية أطبائهم المختصين، وأطباء الأمراض الجلدية قبل تناول مكملات فيتامين د، وفي حين أن حالات التسمم بفيتامين د غير شائعة، ولكن تناول المكملات من دون استشارة طبية قد يكون خطرًا وقد يتعارض مع تأثير الأدوية الأُخرى التي يتناولها الفرد.
رغم اختيار الدراسة لعرضها من قبل لجنة من الخبراء، يُذكَر أن النتائج الأولية للدراسة لم تخضع بعد لمراجعة الأقران، ولكنها قد قُدّمت بالفعل في الاجتماع السنوي للجمعية الأميركية للتغذية في عام 2023.
اقرأ أيضًا:
مكمل فيتامين د اليومي يساعد في الوقاية من أمراض المناعة الذاتية
هل يمكن استخدام فيتامين د لعلاج الاكتئاب؟
ترجمة: أليسار الحائك علي
تدقيق: رغد أبو الراغب