وجدت دراسة جديدة مؤخرًا دور أحد أدوية علاج هشاشة العظام في إيقاف نمو الخلايا السرطانية في الثدي، بدأ الباحثون على ذلك بدراسة قدراته وإمكانياته بوصفه دواءً للنساء المعرضات لخطر الإصابة بسرطان الثدي.
قد يوصف مستقبلًا أحد أدوية هشاشة العظام، والمعروف باسم دينوزوماب، علاجًا وقائيًا من سرطان الثدي للنساء اللواتي يملكن طفرات في جين BRCA1.
يُعبّر كل من جيني BRCA1 وBRCA2 في الحالة الطبيعية عن البروتينات الكابحة للورم، التي تساعد بدورها على إصلاح الـ DNA المتضرر، والحفاظ على استقرار المادة الوراثية للخلية.
قد تعبر الجينات السابقة -عند وجود طفرات فيها وعدم فاعليتها الصحيحة- عن بروتينات معيبة، وهو أمر قد يُنقل من أحد والدي الشخص إليه، ومنه لن تستطيع البروتينات هذه إصلاح الـ DNA المتضرر في الخلية. ويؤدي ذلك إلى تطوير خلايا جديدة لمزيد من الطفرات، ما يجعلها أكثر عرضة لدعم نمو سرطان الثدي والمبيض وتطورهم.
يقول إيان سامبل في مقابلة له مع صحيفة الغارديان: «تطور نحو نصف النساء اللواتي يرثن طفرات مؤذية في جيني BRCA1 وBRCA2 سرطان الثدي والمبيض ببلوغهن سن 70 عامًا».
يوجد عدد من الإجراءات الوقائية التي يمكن أن تجريها النساء اللواتي يملكن طفرات في الجينين السابقين، إما لتقليل خطر تطوير سرطان الثدي أو المبيض، أو خطر التشخيص المتأخر لهما فلا يعود العلاج ينفع كما في مراحله المبكرة.
حدد معهد الولايات المتحدة الأمريكية الدولي للسرطان كلًا من الفحص المعزز، والجراحة الوقائية، والوقاية الكيميائية أساليب أساسية للوقاية من تطور سرطان الثدي والمبيض.
تشير دراسة جديدة مؤخرًا إلى احتمال وجود خيار وقائي آخر، يتمثل في تناول دواء هشاشة العظام دينوزوماب بشكل حبوب لمنع التأثيرات الضارة للطفرات الجينية السابقة.
تقول إيما نولان من معهد The Walter and Eliza Hall للأبحاث الطبية في ميلبورن في مقابلة لها مع صحيفة الغارديان: «اهتم فريق البحث بإيجاد خيار وقائي بديل وغير جراحي للنساء المعرضات لخطر الإصابة بسرطان الثدي والمبيض».
حللت نولان وزملاؤها في فريق البحث نسيج ثدي لامرأة تملك طفرات في جين BRCA1، وجدوها حينها مجموعة من الخلايا التي تنمو بسرعة كبيرة، واكتشفوا فيما بعد كون الخلايا السابقة سلفًا لسرطان الثدي.
وجد فريق البحث في الخلايا السابقة بروتينًا يسمى مستقبل RANK، الذي يرسل إشارات إلى خلايا الثدي ينظم فيها متى يجب أن تنمو وتزداد في الحجم، خصيصًا في أوقات الحمل والدورة الشهرية.
قد تبدأ خلايا الثدي بالانقسام والتضاعف بشكل غير مضبوط لدى النساء اللواتي يمتلكن طفرات في جين BRCA1؛ نتيجة إلغاء دور البروتين السابق، مؤديًا إلى تطور سرطان الثدي.
أبلغ الفريق في بداية السنة عن الاكتشاف السابق المثير للاهتمام؛ لتقديمه هدفًا واضحًا محددًا للعلماء؛ ليطوروا أساليب علاجية جديدة منه. استهدف دينوزوماب أيضًا مستقبل RANK لمحاربة ضعف العظام لدى مرضى هشاشة العظام، أو حتى لمكافحة سرطان الثدي الذي شكَّل نقائل إلى العظام، وهو أمر مثير للاهتمام حقًا.
لاحظ الفريق دور دينوزوماب في منع أو تأخير تطور السرطان عند تطبيقه على الفئران المعدلين جينيًا؛ ليطوروا سرطان الثدي أو على خلايا سرطانية معزولة من نسيج ثدي بشري.
يقول أحد أفراد فريق البحث جيف لينديمان، اختصاصي في علم الأورام في مستشفى ميلبورن الملكي: «أثارت الاكتشافات السابقة حماس الفريق بأكمله، ويعود ذلك لكونها تعني اكتشاف الفريق استراتيجية قد تقدم يد العون للنساء المعرضات للخطر ومنع تطور سرطان الثدي لديهن، خصيصًا من تحمل منهن طفرات في جين BRCA1».
ما يزال فريق البحث حذرًا بشأن نتائج الدراسة، ويعود ذلك لكون النتائج ليست أكثر من نقطة انطلاق فقط، حتى يعاد إجراؤها على البشر عوضًا عن تطبيقها على فئران معدلة جينيًا أو أنسجة بشرية معزولة فقط.
تُجرى في الوقت الحالي دراسة سريرية كبيرة بالاستعانة بمتطوعين معرضين لخطر الإصابة بسرطان الثدي، إذ يتوقع الفريق أن تمتد الدراسة لمدة سنتين.
أبلغت مجموعة من الباحثين مقرها مدينة لندن في وقت سابق من هذا العام عن تمكنها من تقليص حجم سرطانات الثدي خلال 11 يومًا فقط، بالاستعانة بالعلاج الدوائي المركب، والعلاج بكرات السليكون النانوية، الذي أدى إلى علاج نحو 50% من الفئران المعدلين جينيًا المصابين بسرطان الثدي، وهذا ما يدل على حدوث تطورات حقيقية في مجال الوقاية والعلاج من سرطان الثدي.
يأمل فريق البحث أن تقدم التجارب السريرية مستقبلًا نتائج وأخبار إيجابية.
اقرأ أيضًا:
ما هي أكثر الأماكن شيوعًا لتطور سرطان الثدي؟
ترجمة: رهف وقّاف
تدقيق: آية إبراهيم