تُوج نادي إنتر ميلان ببطولة الدوري الإيطالي لهذا العام في 22 أبريل. وبعد شهر، عاد إلى الأخبار بعد استحواذ شركة الاستثمار الأمريكية أوكتري كابيتال مانجمنت على النادي.

هذه ليست المرة الأولى، ولا يُتوقع أن تكون الأخيرة، التي نشهد فيها استثمارًا أمريكيًا في كرة القدم الأوروبية. أصبح الإنتر النادي السابع في الدوري الإيطالي الذي يمتلكه الأمريكيون، بينما يمتلك المستثمرون الأمريكيون الآن تسعة من أندية الدوري الإنجليزي الممتاز العشرين. ما الذي يدفع هذا الاهتمام؟ وهل سيستمر؟

يوجد العديد من الأسباب التي جعلت المستثمرين الأمريكيين يتدفقون إلى كرة القدم الأوروبية في السنوات الأخيرة، ولكن العامل الرئيسي هو المال. وقد أتى هذا في عدة أشكال. على سبيل المثال، حدث الاستحواذ على إنتر لأن أوكتري “تولت الملكية” بعد أن فوت مالكو النادي الصينيون، شركة سونينغ، الموعد النهائي لسداد مبلغ 395 مليون يورو (336.5 مليون جنيه إسترليني) الذي كانت أوكتري قد أقرضته لهم في عام 2021.

ولكن معظم الاستثمارات الأمريكية التي شهدناها في كرة القدم الأوروبية في السنوات الأخيرة كانت استثمارات مباشرة في الأسهم (شراء جزء أو كل النادي) بدلاً من الحصول عليها من خلال سداد نقدي متوقع. تضمنت هذه الاستثمارات، من بين أمور أخرى، شراء نادي تشيلسي في إنجلترا، أتلتيكو مدريد في إسبانيا، إيه سي ميلان في إيطاليا، وريكسهام في ويلز.

أدت القيمة المتزايدة لأندية النخبة في كرة القدم إلى زيادة الاهتمام من بعض المستثمرين الأمريكيين الذين يظنون أنهم يمكنهم الشراء الآن، والاحتفاظ بالنادي لبضع سنوات، ثم إعادة بيعه لتحقيق الربح. تسلط عملية بيع نادي تشيلسي الضوء على النمو الرأسمالي الذي شهدته الأندية الكروية الأوروبية.

في عام 2003، بيعَ نادي تشيلسي مقابل 140 مليون جنيه إسترليني ما يوازي 247 مليون جنيه إسترليني بقيمة اليوم، ويعد هذا المبلغ ضئيلًا جدًا مقارنة بـ 4.25 مليار جنيه إسترليني التي دفعها رجل الأعمال الأمريكي تود بويلي وشركته كليرليك كابيتال لشراء النادي في عام 2022. تضمنت الصفقة 2.5 مليار جنيه إسترليني للشراء الأولي واستثمارًا إضافيًا قدره 1.75 مليار جنيه إسترليني لصالح النادي.

ولا تخلو مغامرات الاستحواذ الأوروبية من بعض القصص المخيبة للآمال مثل ما حدث مع المستثمرين الأمريكيين في مانشستر يونايتد، وليفربول، وأرسنال وتوتنهام هوتسبير لسنوات، وكل هذه الفرق تكبدت خسائر مالية في موسم 2022-2023.

هذا ليس مفاجئًا، لأن كرة القدم الأوروبية ليست عملاً مربحًا للغاية. فبينما يحقق الدوري الإنجليزي الممتاز إيرادات أكثر من أي دوري كرة قدم آخر في العالم، فإن الوضع المالي لفرقها عمومًا ضعيف. حيث تميل الأندية الكروية إلى الاعتماد على الأموال التي يضخها مالكوها لتشغيلها.

ومع ذلك، يظهر هذا المشهد المالي أيضًا أنه يمكن جني المال في كرة القدم إذا سُيطِرَ على التكاليف. وهذه الفرصة لخفض التكاليف هي ما يجذب المستثمرين الأمريكيين بقوة.

يأتي العديد من المستثمرين الأمريكيين إلى كرة القدم الأوروبية بعد أن استثمروا بالفعل في رياضات أخرى. تود بويلي، على سبيل المثال، هو أيضًا مالك لعدد من فرق البيسبول وكرة السلة الأمريكية. وهذا يسمح للمستثمرين مثل بويلي بمشاركة الموارد من الاستثمارات المتقاطعة –بما في ذلك التسويق، الاتصالات والأفكار– مما قد يخفض بعض التكاليف لكل نادٍ.

المشكلة هنا هي أن الأندية الأوروبية تحتاج إلى مواصلة الإنفاق بجانب منافسيها لتجنب خطر الهبوط إلى الدرجات الأدنى. هذا يختلف كثيرًا عن الخلفية التنافسية للرياضات الأمريكية، حيث تقلل الدوريات المغلقة (بدون صعود أو هبوط) من المخاطر المرتبطة بوجود موسم سيء.

قوة المشجعين

المشكلة الأخرى في محاولة تحسين الكفاءة المالية هي أنها غالبًا ما تعادل خفض التكاليف ومحاولة العثور على فرص تجارية جديدة. قد يتعارض هذا أحيانًا مع آراء المشجعين، الذين يتمتعون بسلطة أكبر في أوروبا مقارنة بسلطة المشجعين في الولايات المتحدة.

هناك العديد من الفرص التجارية التي يمكن العثور عليها في كرة القدم الأوروبية، بما في ذلك زيادة تنوع المنتجات الخاصة بالأندية وتوافرها. لكن ثقافة الرياضة الأوروبية أقل تجارية بكثير من نظيرتها في الولايات المتحدة، وقد يعترض العديد من المشجعين على تحويل رياضتهم إلى سلعة.

قد يؤثر ذلك مباشرةً في مبيعات تذاكر المباريات، بينما يؤثر أيضًا على الإيرادات من الرعاية والبث. يحاول الرعاة تجنب الجدل الذي قد يكون سيئًا لمبيعاتهم، ويفضل المذيعون الملاعب المكتظة والجو الحماسي لأنه جيد لـ “منتجهم“.

على سبيل المثال، أجبرت احتجاجات مشجعي الأندية الألمانية في فبراير الدوري الألماني على التخلي عن خطط لبيع حصة في حقوق وسائل الإعلام الخاصة به لشركة استثمار خاصة. ومع تصاعد الاحتجاجات، انسحبت إحدى الشركتين المرشحتين الرئيسيتين لعقد الاستثمار، وهي شركة الاستثمار الأمريكية بلاكستون، من العملية وأرجعت عملية انسحابها إلى حالة عدم اليقين والبيئة غير المستقرة.

يكتشف المستثمرون الأمريكيون الذين يتطلعون إلى شراء الأندية الأوروبية أيضًا أن هناك صفقات جيدة يمكن العثور عليها. منذ بداية القرن، تحولت عدة أندية أوروبية إلى شركات، بما في ذلك نادي فيورنتينا في الدوري الإيطالي في عام 2002، ونادي بورتسموث الذي كان يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز في عام 2010، والنادي الفرنسي بوردو في عام 2021. هذا يعني أن بعض الأندية يمكن شراؤها بأسعار منخفضة نسبيًا مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

هذا الفارق في القيمة يبدو واضحًا خاصة في كرة القدم النسائية. حيث بيعَ أحدث فريق في دوري كرة القدم النسائي الوطني في الولايات المتحدة، سان دييغو ويف، مقابل 120 مليون دولار أمريكي في مارس. بالمقابل، قُيِّمَ أحد أبرز الأندية في كرة القدم النسائية، نادي أولمبيك ليون النسائي، بمبلغ 5.1 مليون دولار أمريكي فقط في عام 2023.

هناك إمكانية لكسب المال في كرة القدم الأوروبية، مع أن الكثيرين قد فشلوا. كرة القدم صناعة مرنة، وإذا أُديرت جيدًا، قد تكون محصنة نسبيًا ضد التغيرات الاقتصادية. وهذا، أكثر من أي شيء آخر، هو ما يجعل الاستثمار في كرة القدم الأوروبية فرصة مغرية للغاية بالفعل.

اقرأ أيضًا:

التكنولوجيا تغزو كرة القدم: أندية عديدة باتت تعتمد على تحليل البيانات للتعاقد مع اللاعبين

تاريخ كرة القدم

ترجمة: عمرو سيف

المدقق: زين حيدر

مراجعة: باسل حميدي

المصدر