من المتفق عليه أن المهام التي تُلقى على عاتقنا عندما نبلغ سن الرشد كثيرة وصعبة في بعض الأحيان، إذ تتراكم الواجبات بين دفع الفواتير في الوقت المحدد والاعتناء بالأطفال وصولًا إلى محاولة إيجاد مساحة شخصية للبقاء على اتصال مع الحياة الاجتماعية. تحفز هذه الأعباء لدى البعض الرغبة في الهروب من المسؤوليات إلى الأبد.
لكن بالنسبة للبعض، يبدو التصرف كالبالغين وتحمل المسؤولية سلوكًا مستحيلًا لدرجة أن ذلك قد يفسد علاقاتهم الشخصية ويؤثر في تقييمهم في العمل، وقد يطال صحتهم العقلية والبدنية.
يُعد التصرف بنضج صعبًا للأشخاص الذين يعانون ما يُعرف بمتلازمة بيتر بان (PPS)، إذ يُظهرون سلوكيات وسمات اجتماعية غير ناضجة نسبةً إلى أعمارهم.
لكن ما الذي يمكنهم فعله لكسر حلقة عدم النضج ومتى تكون الإصابة بهذه المتلازمة مشكلة حقيقية؟
تساعدنا المعالجة النفسية ناتاشا ديوك على تحليل تفاصيل متلازمة بيتر بان.
ما متلازمة بيتر بان (PPS)؟
إن متلازمة بيتر بان (PPS) ليست تشخيصًا معترفًا به ولا تصنف اضطرابًا نفسيًا بصورة رسمية، بل مصطلح شائع الاستخدام في علم النفس لوصف شخص بالغ يعاني صعوبةً في النضج، إذ اشتُق المصطلح من الشخصية الخيالية بيتر بان (الصبي السحري الذي لا يكبر أبدًا، الذي ابتكره جيمس ماثيو باري عام 1902).
يُبدي الأشخاص المصابون بهذه المتلازمة مجموعة سلوكيات اجتماعية وأيديولوجيات وسمات غير ناضجة. في معظم الحالات، يواجه هؤلاء الأشخاص صعوبةً في الالتزام والحفاظ على الوظيفة والقيام بالأعمال المنزلية ومواكبة المسؤوليات والتوجه الهادف في حياتهم. قد يطور أي شخص من أي جنس أو نوع سلوكيات مرتبطة بالمتلازمة، لكن متلازمة بيتر بان أكثر شيوعًا بين الرجال.
تقول ديوك: «يعاني هؤلاء الأفراد فشلًا في قدح زناد النضج أو رفضًا قاطعًا للتصرف بمسؤولية ووعي».
وتضيف: «يمتلك هؤلاء الأشخاص نوعًا من الطبيعة الأنانية، ويتجنبون باستمرار تحمل المسؤولية والالتزام، إضافةً إلى رفضهم تحمل مسؤوليات الكبار التي يقوم بها معظم الناس بصورة طبيعية».
متلازمة ويندي
نظرًا إلى عدم قدرة الأفراد المصابين بمتلازمة بيتر بان (PPS) على تولي مهام البالغين، يبحث الأشخاص المصابون بهذه المتلازمة عن آخرين لديهم ما يسمى بمتلازمة ويندي. سُمّيت تيّمنًا بالشخصية الخيالية ويندي دارلينغ التي ابتدعها جيمس ماثيو باري عام 1902 صديقةً لبيتر بان. كما متلازمة بيتر بان، فإن متلازمة ويندي ليست تشخيصًا رسميًا، بل مصطلح شائع الاستخدام في علم النفس لوصف شخص بالغ يتسم بالتعاطف والرعاية والاحتواء وحتى التضحية بالنفس.
قد يطور أي شخص من أي جنس أو نوع سلوكيات مرتبطة بالمتلازمة، لكن متلازمة ويندي أكثر شيوعًا بين النساء.
تقول ديوك: «يميل الأشخاص الذين يعانون متلازمة بيتر بان (PPS) إلى الانجذاب نحو الأشخاص الذين يعانون متلازمة ويندي، إضافةً إلى الأشخاص الذين يتمتعون بالقدرة على الرعاية والتعاطف ويريدون أن يضعوا أنفسهم في خدمة الآخرين».
«في البداية، يشعر الشخص بأن هذا التناغم وكأنه من صنع الجنة، إذ يتمتع الشخص المصاب بمتلازمة بيتر بان بصفات جذابة ومرحة، أما الشخص المصاب بمتلازمة ويندي قادر على أن يتواجد لأجل الشخص الآخر دومًا، ويدعمه ويقدم جميع الاقتراحات لمحاولة تحسين حياته وإصلاح مشكلاته. لكن المشكلة هي أن هذا كله يأتي بنتائج عكسية في النهاية، والشخص المصاب بمتلازمة ويندي يبدأ حتمًا بالشعور بالاستغلال وبأنه يعطي أكثر مما يأخذ ولا يحصل على مقابل».
في ظل علاقة تحوي شخصين مصابين بمتلازمة بيتر بان وويندي، تنهار العلاقة حتمًا في النهاية ويصل الشخصان إلى خلاف بسبب سلوكيات بعضهما.
لاحظت ديوك أنه: «يختبر الأشخاص المصابون بمتلازمة ويندي تجربة الإرهاق العاطفي، لأنهم يشعرون دائمًا بأنهم يقدمون للطرف الآخر، لكن لا يحصلون على أي شيء في المقابل».
«في الوقت نفسه، يشعر الأشخاص المصابون بمتلازمة بيتر بان أن شريكهم يفرض سلطته ويتحكم به أو يحاول تغيير صفاته وسلب حريته».
إن الأشخاص الذين يعانون متلازمة بيتر بان يواجهون صعوبةً في الحفاظ على حدود صحية في علاقاتهم، وعليه، يقفزون من شخص أو علاقة إلى أخرى بحثًا عن الأشخاص الذين يمكّنون سلوكياتهم ويدعمونهم بكل الطرق، إخفاءً لضعفهم بعدم قدرتهم على دعم أنفسهم.
تضيف ديوك: «نتيجةً لهذا التصرف، فإن الشخص الذي يعاني متلازمة بيتر بان لا يستفيد من تجاربه ولا يتعلم منها على أي صعيد».
هل متلازمة بيتر بان حقيقية؟
مع أن متلازمة بيتر بان ليست اضطرابًا نفسيًا معترف به رسميًا، فإنها تتداخل مع اضطراب الشخصية النرجسية (NPD). بينما يُظهر الأشخاص المصابون بـِNPD نمطًا مشابهًا من الأنانية مثل الأشخاص الذين لديهم PPS، إلا أنهم يميلون إلى امتلاك درجة أعلى بكثير من الشعور بالأهمية الذاتية والاستحقاق.
توضح ديوك: «إن المصاب باضطراب الشخصية النرجسية (NPD) لا تقتصر أعراضه على أن شعور الأنا لديه عالٍ، إنما تستند تصرفاته على التلاعب بالطرف الآخر». وتضيف: «إن الشخص المصاب باضطراب الشخصية النرجسية حساس للانتقاد، وقد ينفجر غضبًا في ومضة».
لا يتصف الأشخاص المصابون بمتلازمة بيتر بان بسرعة الغضب والانتقام، بل يميلون إلى سلوك التجنب والتهرب عندما يتعلق الأمر بحل النزاع، ويطورون آليات تأقلم غير صحية ويعتمدون عليها في حل مشكلاتهم.
«هناك ميل واضح إلى الرغبة في الهروب وتجنب الالتزام وتحمل المسؤولية».
لقد وجدت الأبحاث أن كلًا من أساليب الأبوة المتساهلة والمفرطة في الحماية قد تساهم في الإصابة بمتلازمة بيتر بان، إذ إنه في ظل تربية متساهلة يواجه الطفل صعوبةً في تعلم أهمية خلق حدود صحية مع الغير.
تقول ديوك: «إن الحدود مهمة حقًا، لأن شعورنا بتحمل المسؤولية كالبالغين ينمو كلما تعلمنا من تجاربنا ونضجنا».
يؤدي أسلوب التربية الذي يتسم بالحماية المفرطة والزائدة بأسلوب يتجاوز مسؤوليات الأب والأم -نؤكد هنا على وجود النية الحسنة لدى الأهل- إلى مواجهة الطفل صعوبة في الاعتناء بنفسه في بعض المواقف التي تتطلب منه الثبات.
تؤكد ديوك: «ليس بالضرورة أن تكون نتيجة اتباع هذه الأساليب في التربية في ظل هذه الأنماط الأبوية تطوير الطفل لـِNPD أو PPS، لكنها بالطبع عوامل خطر يجب أخذها بالحسبان».
تشمل العوامل المساهمة الأخرى لتطوير متلازمة بيتر بان الصدمة في الطفولة. نذكر أن طريقة الإصابة بمتلازمة بيتر بان قد تختلف من شخص إلى آخر باختلاف العوامل المساهمة. إن الضغوط الاجتماعية والحصول على القبول الاجتماعي عبر الإنترنت لسلوك الشباب، إضافةً إلى الحرية والمغامرة تؤدي دورًا داعمًا في تطوير مثل هذه السلوكيات.
تقول ديوك: «بالنسبة إلى الأطفال الذين نشأوا في ظروف قاسية، قد يكون هناك حاجة إلى استعادة مرحلة الطفولة في مرحلة البلوغ».
العلامات والأعراض التحذيرية من متلازمة بيتر بان
تختلف العوامل المساهمة في تطوير هذه المتلازمة، إلا أن جوهر هذه الأنماط السلوكية أن المصاب يواجه صعوبةً في تحمل مشاعر الضيق ولا يستطيع تحمل ومواجهة المشاعر المزعجة.
تقول ديوك: «قد ترتبط هذه المشاعر المزعجة بالقلق أو الحزن أو الوحدة أو حتى عندما نتعرض للانتقاد».
«بالنسبة للأشخاص الذين يعانون متلازمة بيتر بان، فإن عتبة تحملهم للضيق تكون منخفضة للغاية، ما يؤدي بهم إلى تجنب مواقف معينة لأنهم لا يستطيعون تحمل هذه المشاعر أو مواجهتها».
تظهر المشكلات المتعلقة بالسلوكيات المرتبطة بمتلازمة بيتر بان PPS في العلاقات الشخصية وبيئات العمل.
العلامات التشخيصية في العلاقات الشخصية
في المراحل الأولى من العلاقة (لهفة البدايات)، قد يجذب الأشخاص الذين يعانون متلازمة بيتر بان PPS الكثير من الاهتمام بسبب صفاتهم التي تتسم بالجاذبية الساحرة وحبهم المغامرة والاندفاع نحو المجهول. من الممتع البقاء في جوارهم والاستمتاع باستكشاف أنشطة جديدة معهم، وأيضًا طبيعتهم الطفولية محببة للقلب.
ظاهريًا، قد يكون من الطبيعي مساعدتهم عندما يكونون في مأزق أو دعمهم عند تعرضهم الحتمي لموقف صعب إضافةً إلى مسؤوليات العمل أو الأسرة أو مسؤوليات البالغين الأخرى. في كثير من الأحيان، قد يطلب الشخص المصاب بهذه المتلازمة المساعدة في مثل هذه الأشياء بسبب عدم القدرة على تحمل الضيق، وإذا وضع شخص ما هذا السلوك على عاتقه عبر تولي هذه المسؤوليات، فغالبًا ما تكون النتيجة علاقة اتكالية.
تقول ديوك: «لكن ما يحدث عادةً بمرور الوقت في سير هذه العلاقات هو أن الشخص الداعم للشخص المصاب بمتلازمة بيتر بان PPS يصل إلى نقطة يقول: لقد طفح الكيل».
«يعتمد الشخص المصاب بمتلازمة بيتر بان PPS كثيرًا على شريكه للتعامل مع المهام الصعبة مثل كتابة السيرة الذاتية أو دفع فاتورة أو البحث عن وظيفة، إذ يصبح هذا الأمر فوق طاقة الشريك الداعم».
عندما تبدأ النزاعات أو يوجَّه إلى الشخص المصاب بمتلازمة بيتر بان PPS ملاحظة بأنه يفتقر إلى النضج، فقد يكون إجراء محادثة صحية ومثمرة أمرًا صعبًا.
يوضح ديوك: «هناك الكثير من اللوم على الآخرين بسبب عيوبهم أو سلوكهم ومحدودية البصيرة لديهم. بدون القدرة على تحمل الضيق ومواجهة المشاعر السلبية الناتجة عن المواقف الصعبة، من الصعب سماع أي نقد بنّاء، ومن ثم يصبح من الصعب الوصول إلى حل ناضج للنزاع».
لهذا السبب، قد ترى شخصًا لديه PPS يقفز من علاقة إلى أخرى في فترة زمنية قصيرة جدًا، إضافةً إلى الاختفاء المفاجئ الذي يعد أيضًا ممارسة شائعة للأشخاص الذين يعانون PPS.
العلامات التشخيصية في بيئة العمل
يواجه الأشخاص المصابون بمتلازمة بيتر بان صعوبةً في تحمل المسؤولية، لذا قد يكون من الصعب الحصول على وظيفة والالتزام بها والتعامل مع المرتبة العليا في العمل.
قد يكون بدء عملية تقديم الطلبات للحصول على وظيفة أمرًا صعبًا بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، ولكن إذا وجد هذا الشخص عملًا واصطدم بشخص آخر وواجه خلافًا، فقد يتخلى عن العمل ويهرب إلى الوظيفة التالية دون تحمل مسؤولية أفعاله.
تقول ديوك: «جزء من كونك بالغًا هو قبول أن هناك أشياء في الحياة مملة جدًا». وتضيف: «يجب عليك أحيانًا الذهاب إلى العمل عندما لا تشعر برغبة في ذلك، إذ إن الأشخاص الذين يعانون هذه المتلازمة لا يتقبلون هذه الحقيقة».
كيفية التغلب على متلازمة بيتر بان
لا يمكن أن يتصرف البالغون تصرفات غير ناضجة إلى الأبد، على الأقل لا يمكن ذلك إذا أثرت تلك التصرفات في علاقاتهم الشخصية وسببت مشكلات جدية أو أثرت في الأداء العام في العمل. مثل معظم الأشياء المتعلقة بعلم النفس، إن نطاق خصائص متلازمة بيتر بان واسع، وما يمثل مشكلة بالنسبة للبعض قد لا يمثل مشكلة بالنسبة للآخرين.
تؤكد ديوك: «لا تندرج هذه التصرفات تحت مسمى المشكلات في حال لم تؤثر على حياة الشخص أو أدائه في مجال واحد مهم على الأقل».
«إن المصاب بمتلازمة بيتر بان يمتلك بصيرة محدودة لما يحدث حوله، لذا نجد أن شخصًا آخر اصطحبه إلى العلاج أو شجعه على فعل ذلك».
عندما يُصاب أحد أفراد أسرتك أو شخص محبب إلى قلبك بمتلازمة بيتر بان، قد يكون التطرق إلى هذا الموضوع والإشارة إلى المشكلات المرتبطة بهذه المتلازمة أمرًا صعبًا في هذه الحالة.
وفقًا لديوك: «إن الناس دفاعيون للغاية تجاه تصرفاتهم، بسبب محدودية البصيرة بشأن الصعوبة التي تحيط بسلوكهم».
قد لا يستطيع الشخص إجبار شخص ما على تلقي العلاج، لكن بإمكانه رسم حدود شخصية لحماية نفسه ومحاسبة الشخص الآخر عند تجاوز حدوده.
تنصح ديوك: «في حال وجود سلوك يظهره الشخص وينعكس عليك سلبًا، واستمر في التصرف بطريقة غير محترمة وكرر انتقادك، فإن أفضل ما يمكن فعله هو تصنيف هذا السلوك وفق الحدود التي رسمتها مع ضمان احترامك لنفسك ثم تشجيعه على العلاج».
«في حال لم يرغب الشخص بالعلاج وإجراء أي تغييرات، فأنت بحاجة إلى تحديد مقياسك الخاص لهذا السلوك وما أنت موافق أو غير موافق عليه من التصرفات التي تتلقاها».
قد يكون اقتراح العلاج الفردي أو العائلي بداية مفيدة لجميع المعنيين، إذ يساعد ذلك في تسليط الضوء على كيفية وصولهم بتجاربهم الحياتية المتراكمة إلى هذه النقطة وكيف أن بعض السلوكيات التي يمارسونها لا تنفعهم.
وتضيف: «لضمان نجاح العلاج، يجب أن يكون الشخص مستعدًا للاعتراف ومناقشة التغيرات التي يريدها في حياته، والنتائج التي سيحصلون عليها في حال لم يُقدِموا على أي تغيير».
ماذا يحدث عندما تكون مصابًا بمتلازمة بيتر بان؟
إذن، كيف يبدو العلاج بالنسبة لشخص مصاب بمتلازمة بيتر بان؟
بدايةً، يبدأ المعالج بطرح أسئلة حول تاريخ العائلة وفحص الاضطرابات العقلية وسؤال المريض عما إذا تعرض لأي صدمة في الطفولة.
توضح ديوك: «عند البدء بالعلاج فإننا نبحث في تاريخ العائلة وديناميكيات الأبوة والأمومة التي واجهتها، ثم نضع اللبنة الأولى لبناء البصيرة اللازمة للحصول على العلاج. إذا تمكنا من فهم كيفية ظهور مشكلاتنا، فيمكننا إحراز تقدم واتخاذ القرار بالرغبة في القيام بشيء مختلف وتغيير مسار الأشياء».
إذا ظهرت خصائص متلازمة بيتر بان PPS، يركز المعالج على مجال واحد من الحياة لجعله يشعر بالراحة لتحمل المزيد من المسؤولية تجاهه. مثلًا: إذا عانى الشخص قلقًا بشأن التقدم الى وظيفة، سيساعده المعالج على سبر هذه المشاعر ووضع هدف لإنشاء سيرة ذاتية. أما إذا كان الشخص يواجه صعوبةً في الحفاظ على علاقاته، فيساعده المعالج على تقصي السبب وتحديد الأشياء التي يبحث عنها الشخص في علاقاته.
تقول ديوك: «إن جوهر السلوك المتمحور حول الاستحقاق والاستقلال الذاتي نابع من تدني شعورهم بالاحترام لذواتهم. يساعد العلاج الناس على تعزيز احترامهم لذواتهم وثقتهم بأنفسهم والتعاطف مع أنفسهم».
إن جوهر العلاج هو تعزيز قدرة الشخص على تحمل الضغط، وإفساح المجال للتنفيس عن المشاعر، والتدرب على تمييز هذه المشاعر والتعبير عنها ومواجهتها بخطوات صغيرة.
تقول ديوك: «عندما يواجه هؤلاء الأشخاص ضغطًا معينًا أو موقفًا يسبب مشاعر مزعجة، فإنهم يواجهونها بالهروب من المواجهة. إضافةً إلى أنهم لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم ولا يعرفون ما يشعرون به أصلًا ويفقدون التواصل مع مشاعرهم مع مرور الوقت».
«لذا، ابدأ بتسمية مشاعرك وأفسح المجال لتلك المشاعر، حتى لو فعلت ذلك لدقيقة واحدة فقط».
إن إفساح مساحة للمشاعر يشبه إلى حد كبير منح العواطف حياة. ثم طرح أسئلة مثل:
- ما هو شعورك في اللحظة الحالية؟
- هل يمكنك تحديد مكان هذا الشعور في جسدك؟
- إذا كان عليك تخصيص لون لمشاعرك في هذه اللحظة، ما اللون الذي تختاره؟
- ما هو شكل الشعور أو مذاقه؟
- هل واجهت هذه الشعور في أي وقت من قبل في حياتك؟
يشكل إفساح المجال للمشاعر للطفو على السطح تحديًا للبعض لأنهم غير معتادين على ذلك، إنما يدفعون بها بعيدًا ويلهون أنفسهم عن هذه المشاعر الصعبة. من جهة أخرى، إن احتضان مشاعرنا والتواصل معها على مستوى مختلف قد يمكننا من الحصول على تجربة أكثر واقعية مع أنفسنا ومع الآخرين، وهذا بدوره يجعلنا أقل اعتمادًا على سلوكيات التأقلم غير الصحية.
تضيف ديوك: «يتمحور الأمر حول التعامل مع هذا الشعور ومحاولة منحه الحياة لمواجهته بدلًا من الهروب منه أو تجنبه. باتباع هذه الطريقة، فإنك توصلت إلى طريقة فعالة للتعامل الصحيح مع مشاعر الضيق».
وتنهي بقولها: «كلما تعاملت مع مشاعرك وزادت قدرتك على مواجهتها بصورة صحيحة، قلَّ خوفك منها وابتعدت عن الاعتماد على الاستراتيجيات المغلوطة في مواجهة مشاعرك السلبية».
متى تطلب المساعدة؟
إذا تعرضت لتعليقات كالقول بأنك إنسان يستصعب النضوج وتحمل المسؤولية، أو إذا كنت تشعر أن علاقاتك متوترة، فقد آن الأوان للتحدث مع معالج.
سيساعدك المعالج على الغوص في هذه المجالات من حياتك، وتحسين فهمك لذاتك ومهارة التعامل مع الآخرين ومواجهة التفكير النقدي.
اقرأ أيضًا:
عشرة أمور تدل على أنك تتعامل مع شخص بالغ غير ناضج عاطفيًا
ليست النجاة سببًا يدعو للشعور بالذنب: إليك كيفية التأقلم مع عقدة ذنب الناجي
ترجمة: سارا رياض الخضر
تدقيق: لبنى حمزة
مراجعة: نغم رابي
