أن تسبب ممارسة الجنس ألمًا للرأس هو آخر ما قد يرغب به المرء، إلا أنه الحال لدى بعض الأشخاص ما إن شعروا باستثارة جنسية قوية. يتمثل الصداع الرئيسي المرتبط بالنشاط الجنسي في نوعين من نوبات الألم، إما في الرأس أو في الرقبة. ويُحفز لدى ممارسة النشاط الجنسي، فإما تزداد حدته تدريجيًا في أثناء الجماع، أو قد يصيب الفرد في صورة صداع مفاجئ بينما هو على وشك بلوغ النشوة الجنسية، أو في أثنائها.

قد يستمر ألم الصداع الشديد المرتبط بالنشاط الجنسي بين دقيقة و 24 ساعة، وحتى 3 أيام إذا كان معتدلًا. أكثر أنواع الصداع المرتبط بالنشاط الجنسي شيوعًا هو الصداع المفاجئ الشديد، ويصيب الفرد إذا بلغ النشوة الجنسية، سواء في أثنائها أو بعدها أو بينما هو على وشك بلوغها. يختبر الرجال الصداع المرتبط بالنشاط الجنسي أكثر من النساء بضعفين إلى أربعة أضعاف.

يُقدر أن تلك الحالة، التي تعرف بالصداع الجنسي أو صداع هزة الجماع، تصيب نسبة تتراوح بين 1-1.6% من الأفراد في مرحلة ما في حياتهم. ومع ذلك قد تكون النسبة الصحيحة أكبر من ذلك، إذ إن حالات الصداع المرتبطة بالنشاط الجنسي كثيرًا ما يتغاضى عنها المريض ذاته، لتجنب الحرج المتعلق بمناقشة الأمور المتعلقة بالجنس.

لم نصل بعد لتفسير جذري حول السبب وراء الصداع الجنسي، لكن يمكن ربطه بحالات ارتفاع ضغط الدم، نظرًا إلى كونه أكثر شيوعًا بين مرضى ضغط الدم المرتفع.

يشيع الصداع المرتبط بممارسة النشاط الجنسي أيضًا بين الأشخاص الذين يعانون عادةً الصداع أو الصداع النصفي. وقد ينتج أيضًا من خلل في الأوردة حول الرأس والرقبة، إذ وجدت الأبحاث رابطًا بين تضيق الأوعية والصداع المترتب على السُعال والإجهاد، وبين الصداع الناتج من ممارسة النشاط الجنسي.

انتشر في أبريل 2024 خبر إصابة سيدة في الولايات المتحدة الأمريكية، تبلغ من العمر 61 عامًا، بنزيف في المخ. لم تدرك حينها سبب الألم، وتعاطت الأسبرين لتسكينه.

يُعد الأسبرين من مميعات الدم التي تصلح للحالات المُعرضة للإصابة بسكتة دماغية، نتيجة حدوث انسداد بالأوعية الدموية، ولكنه ذو أثر كارثي على شخص مصاب بالنزيف.

تناولت هذه السيدة ثلاث جرعات من الأسبرين، ما من شأنه أن يفاقم حالة النزيف لديها، مع ذلك تمكنت السيدة من التعافي تمامًا.

نزيف الدماغ الذي يحدث في أثناء ممارسة الجنس أكثر شيوعًا مما قد تعتقد. كذلك فإن أي نوع من الإجهاد البدني، بما يشمل الجري ورفع الأوزان الثقيلة ولعب آلة البوق، والعطس ونوبات الضحك وإجهاد المرحاض -في حالات سلس البول والإمساك- قد يكون سببًا للإصابة بجلطة.

تقريبًا واحد من بين كل 12 فرد أُدخل غرفة الطوارئ بالولايات المتحدة، بدأ لديه ألم الرأس في أثناء ممارسة النشاط الجنسي.

قد يشكل وجود ثقب في جدار القلب عامل خطورة للإصابة بالجلطة في أثناء ممارسة الجنس. يُعرف هذا الثقب باسم الثقبة البيضوية السالكة، وهي فتحة شبيهة بالسديلة توجد بين حجرتي القلب العلويتين، الأذينين. تمكن ملاحظة هذا الثقب لدى الجنين في مرحلة ما قبل الولادة، لكنه عادةً ما ينغلق قبل الولادة مباشرة.

ذكر تقرير لثلاث حالات أصيبت بجلطة نتيجة عوامل غير شائعة تشخيص اثنين منهم بالثقبة البيضوية السالكة، افتعل إحداها النشاط الجنسي بينما الأخرى حفزتها نوبة ضحك. وجدت دراسة أخرى شيوع الإصابة بالجلطة خلال النشاط الجنسي لدى مصابي الثقبة البيضوية السالكة.

جمعت دراسة أمريكية حديثة التاريخ المرضي لأفراد سبق إصابتهم بورم دموي داخل القحف -نزيف في الدماغ- في أثناء ممارستهم الجنس. وجدوا 16 حالة لم يمض عليها فترة زمنية طويلة، 13 منهم كانوا رجالًا، وبلغ متوسط عمر المجموعة كاملة 50 عامًا. ولوحظ إصابة نسبة 31% منهم بضغط الدم المرتفع.

عانى نصف الخاضعين للدراسة نزيف تحت العنكبوتية الناتج من تمدد الأوعية الدموية في الدماغ حتى درجة التمزق. عانى اثنان من أصل المجموعة كاملة التشوه الشرياني الوريدي، وهو حدوث تشابك في الأوعية الدموية، وآخران النزيف الدماغي الحاد.

تنبغي حتمًا زيارة الطبيب إن سبق وعانيت الصداع الشديد في أثناء ممارسة الجنس، إذ قد يصف لك العقاقير التقليدية لعلاج ضغط الدم المرتفع، متضمنًا حاصرات المستقبل بيتا وقنوات الكالسيوم.

قد يقترح عليك الطبيب أيضًا اتخاذ دور أقل حركة ونشاطًا في أثناء ممارسة الجنس، أو حتى العزوف عنه لحين إجراء المزيد من الفحوص الطبية، التي بواسطتها يمكن استقصاء التفسيرات الأدق.

ما زلنا نجهل الكثير عن أي فئة من الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بجلطة في أثناء ممارسة الجنس. لكن يُنصح بزيارة الطبيب إذا كنت رجلًا يبلغ من العمر نحو 50 عامًا، وسبق أن عانيت الصداع الشديد في أثناء ممارسة الجنس، إذا قد يدل ذلك على إصابتك بثقب في القلب أو تمدد في الأوعية الدموية.

يمكن التخلص من الصداع بسهولة، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في الحالات الأخطر التي قد تكون السبب الكامن له.

اقرأ أيضًا:

هل توجد علاقة بين الصداع النصفي والتوجه الجنسي ؟

ما أنماط الصداع المختلفة؟ وكيف نميز بينها؟

ترجمة: سامية الشرقاوي

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر