أظهرت دراسة جديدة أن الصبر هو حقًا فضيلة إذا كنت تأمل في تغيير العالم، فعقار توفرسن tofersen التجريبي لعلاج مرض العصبون الحركي (MND) -المعروف أيضا باسم التصلب الجانبي الضموري (ALS)- كان له بداية بطيئة، وتبين الآن أنه علاج محتمل مهم لهذا المرض العصبي التنكسي المدمر.
قالت باميلا شو أستاذة طب الأعصاب في جامعة شيفيلد: «لقد أجريت أكثر من 25 تجربة سريرية لمرض MND، وتجربة توفرسن هي التجربة الأولى التي أبلغ فيها المرضى عن تحسن في وظائفهم الحركية».
مرض العصبون الحركي هو مجموعة من الحالات النادرة والغامضة نسبيًا، وتتميز بالفقدان التدريجي للتواصل من الدماغ والحبل الشوكي إلى العضلات. ما قد يبدأ بقبضة أضعف قليلًا أو تقلصات في الساق ببطء ولكنه يؤدي بالتدريج إلى عدم القدرة على الحركة والبلع وحتى التنفس، إنه أمر لا رجعة فيه ومترقٍ ومميت، ورغم التقدم المذهل في العلاج الذي أحرز في السنوات الأخيرة فإنه لا يوجد حتى الآن أي علاج شافٍ ولا تقدم قياسي.
حتى الآن لا يوجد سبب محدد معروف، باستثناء نحو 2% من الحالات، فبالنسبة لأولئك واحد من كل خمسين مريضًا بمرض التصلب الجانبي الضموري، وما يصل إلى واحد من كل خمسة ممن لديهم تاريخ عائلي للمرض، فإن السبب هو خلل في جين اسمه (SOD1).
مع أنه لم يُعرف بعد تحديدًا ما الذي يربط أحدهما بالآخر، فإن بعضًا من أحدث العلاجات الجديدة الواعدة لمرض التصلب الجانبي الضموري استندت إلى هذه العلاقة. بالعودة لعام 2020 مثلًا، وجد باحثون من جامعة إلينوي في إربانا شامبين نجاحًا في استخدام تقنية تعديل الجينات CRISPR لتعطيل جين (SOD1) في الفئران المصابة بالمرض، ما أدى إلى تحسين وظائف العضلات، وتباطؤ تقدم المرض، وإطالة العمر الافتراضي.
اتخذ الباحثون في معهد شيفيلد لعلم الأعصاب التحويلي أو SITraN الذي تديره باميلا شو نهجًا مختلفًا قليلًا مع أن الفكرة العامة هي نفسها. يعمل توفرسن بتقنية تسمى (antisense) التي تتدخل مباشرةً مع تعليمات الجسم الخاطئة لصنع جين (SOD1). مع ذلك من الواضح أن الأمر يستغرق وقتًا أطول قليلًا للعمل مما كان متوقعًا في الأصل، فبعد ستة أشهر في نقطة النهاية الأولية للمرحلة الثالثة من التجربة، لم يُظهر المرضى تحسنات جسدية من نظام توفرسن لديهم، حتى حين انخفضت مستويات بعض المؤشرات الحيوية لمرض التصلب الجانبي الضموري في السائل الدماغي النخاعي انخفاضًا ملحوظًا.
لكن الصورة مختلفة تمامًا بعد ستة أشهر أخرى، قالت شو في بيان عن النتيجة: «ما وجدناه هو أنه يمكننا تقليل الضرر الناجم عن الحدوث أو إبطائه بيولوجيًا، لكن الأمر يستغرق وقتًا أطول حتى تلتئم الخلايا العصبية الحركية وتجدد اتصالاتها مع العضلات. لذلك، يحتاج النظام الحركي إلى وقت للشفاء قبل أن نرى تغييرًا جسديًا وسريريًا».
لا يقتصر الأمر على هذه الأخبار المذهلة لآلاف الأشخاص المصابين بمرض التصلب الجانبي الضموري جين SOD1 حول العالم، ولكن نجاح المشروع قد يُترجم إلى علاجات لأشكال أخرى من المرض. قد يكون الباحثون المستقبليون قادرين على توسيع النهج لمواجهة البروتينات الضارة الأخرى، وبذلك، سيكونون قادرين على استغلال المؤشرات الحيوية التي وجدها الفريق في SITraN لقياس نجاح العلاجات.
قال كريس ماكديرموت أستاذ علم الأعصاب التحويلي في SITraN وأحد مؤلفي الدراسة: «توفرسن يعالج 2% فقط من مصابي MND، لقد تعلمنا الكثير في إجراء هذه التجربة السريرية التي ستساعدنا على إجراء تجارب سريرية أذكى وأسرع في المستقبل».
مع نجاح هذه التجربة، قبلت إدارة الغذاء والدواء (FDA) توفرسن بالفعل للمراجعة السريعة، وتتواصل مجموعات MND بالفعل مع شركة Biogen المصنعة لتوفرسن لاستكشاف الموافقة التنظيمية على الدواء في جميع أنحاء العالم. إذا سارت الأمور على ما يرام، فقد يجد مرضى التصلب الجانبي الضموري جين SOD1 أنفسهم قريبًا مع تشخيص أفضل بكثير مما كانوا يتوقعون حتى قبل بضعة أشهر.
قالت شو: «لم أسمع من قبل المرضى يقولون: أنا اليوم أفعل أشياء لم أستطع فعلها قبل بضعة أشهر، المشي في المنزل بدون عصي، وصعود درجات الحديقة، وكتابة بطاقات عيد الميلاد. هذه التجربة ستغير مستقبل تجارب MND للمرضى».
اقرأ أيضًا:
لدى لاعبي كرة القدم المحترفين معدلات أعلى للإصابة بداء العصبون الحركي
كيف تجاوز ستيفن هوكنيغ أعوامه السبعين برفقة مرض التصلب الجانبي الضموري؟
ترجمة: لين رجب سليم
تدقيق: باسل حميدي
مراجعة: محمد حسان عجك