يترقّب علماء الفلك حدثًا كونيًا نادرًا يحدث مرة كل 5000 إلى 10000 عام، وقد سُجّل أول مرة في مخطوطة من العصور الوسطى عند اشتعال نجم T Coronae Borealis.
لقد شهدنا منذ 2020 بعض الأحداث الكونية المهمة، مثل الكسوف الكلي للشمس، واقتراب الشمس من ذروة نشاطها الذي ترى بسببه الأرض أضواء الشفق المذهلة، ومن المتوقع مفاجآت إضافية خلال هذا العقد تتضمن زيارة الكويكب 99942 أبوفيس.
عندما اكتُشِف أبوفيس أول مرة عام 2004، وُضعت الملاحظات عند المستوى 2 على مقياس خطر الاصطدام تورينو، وفيه تشير الدرجة 0 إلى أن احتمالية الاصطدام شبه معدومة، والدرجة 10 تعني تصادمًا مؤكدًا قد يسبب كارثة مناخية عالمية تهدد مستقبل الحضارة كما نعرفها، سواء أكان الاصطدام على اليابسة أم في المحيط.
مع أن المستوى 2 منخفض، فهو يشير إلى الأجسام التي تمر بالقرب من الأرض بطريقة غير معتادة وتستحق المزيد من الانتباه من الفلكيين. الجدير بالذكر أن الملاحظات الإضافية عن أبوفيس في ديسمبر 2004 رفعت تصنيفه إلى المستوى 4 بسبب احتمال بنسبة 1.6% أن يصطدم الكويكب بنا عام 2029.
وبحسب ما تشرح ناسا في وصف المستوى 4، فهو لقاء قريب يستحق الانتباه من الفلكيين، والحسابات الحالية تعطي احتمالًا بنسبة 1% أو أكثر لحدوث اصطدام قادر على التسبب في دمار إقليمي. من المرجح أن تؤدي الملاحظات التلسكوبية الجديدة إلى إعادة التصنيف إلى المستوى 0، وعادةً ينال شيء كهذا انتباه الجمهور والمسؤولين إذا كان اللقاء المتوقع قبل عقد.
على مدار سنوات البحث ومراقبة الأجسام القريبة من الأرض (NEOs)، لم يصل أي جسم إلى ما فوق المستوى 4، وبسبب تهديده المحتمل للأرض، يُطلق على هذا الجسم اسم أبوفيس تيمنًا بإله الظلام والدمار في مصر القديمة. استبعدت الملاحظات الإضافية حدوث اصطدام في عام 2029، وكذلك في عام 2036 و2068، مع أنها ستظل لقاءات قريبة.
قال دافيد فارنوكيا من مركز دراسات الأجسام القريبة من الأرض التابع لناسا: «إن اصطدام عام 2068 لم يعد ممكنًا، ولا تُظهر حساباتنا أي خطر للاصطدام على الأقل في الأعوام المئة القادمة».
سيكون اللقاء في 2029 قريبًا جدًا، إذ سيقترب الكويكب إلى مسافة 32,000 كيلومتر من سطح الأرض، وهي أقرب من بعض أقمارنا الصناعية، وسيكون الكويكب مرئيًا من نصف الكرة الشرقي دون الحاجة إلى تلسكوب أو مناظير، وقد وصفت وكالة الفضاء الأوروبية مروره بواحد من أندر الأحداث الفضائية في حياتنا.
ويُعد هذا الحدث نادرًا جدًا بسبب حجمه الكبير (بقطر متوسط 375 مترًا) وقربه من الأرض. فبحسب ما نشرت وكالة الفضاء الأوروبية على X، إن التحليق بالقرب من الكوكب في عام 2029 هو حدث نادر للغاية،، وبمقارنة آثار الاصطدام عبر النظام الشمسي مع أحجام ومدارات جميع الكويكبات المعروفة، يعتقد العلماء أن كويكبًا بحجم أبوفيس يقترب من الأرض بهذا القرب مرة واحدة كل 5000 إلى 10000 عام.
في أثناء اقتراب الكويكب، تخطط ناسا لزيارته في مهمة OSIRIS APEX، التي أُعيدت تسميتها بعد أن كانت تُعرف سابقًا بمهمة جمع عينات الكويكبات OSIRIS-REx، وسترسلها بعد مروره بفترة وجيزة.
من المتوقع أن تغير جاذبية كوكبنا مدار الكويكب، ما قد يغير كيفية دورانه حول محوره وسرعته، وقد تسبب زلازلًا أو انزلاقات أرضية تغيّر سطحه. ستسمح هذه المهمة للعلماء بمراقبة هذه التغييرات. وستنخفض مركبة OSIRIS-APEX نحو سطح أبوفيس الصخري المصنوع من مادة السيليكات ومزيج من النيكل المعدني والحديد، ثم ستطلق في مناورة محركاتها لإثارة الصخور والغبار، ما سيوفر نظرة على تكوين المادة الموجودة تحت سطح الكويكب مباشرة.
تأمل وكالة الفضاء الأوروبية في زيارة الكويكب أيضًا، وسيساعدنا هذا المرور على معرفة المزيد عن الدفاع الكوكبي ضد هذه الأجسام وحماية الأرض في المستقبل، وستؤدي جاذبية الأرض دورًا في استكشاف أبوفيس بسبب تأثيرها في تمدده وضغطه والانزلاقات الأرضية عليه، وسيساعدنا هذا على كشف الكثير عن مادة الكويكب وهيكله وكثافته وتماسكه.
أكدت وكالة الفضاء الأوروبية أن الكويكب لا يشكل تهديدًا في عام 2029، بل هو مشهد مذهل وحسب وفرصة للقيام ببعض العلوم المدهشة في الفضاء.
اقرأ أيضًا:
هناك فرصة ضئيلة لاصطدام الكويكب أبوفيس بالأرض في عام 2068، والعلماء يضعون الخطط
ما الذي نعرفه عن الكويكب الذي مر جانب الأرض يوم 11 ديسمبر؟
ترجمة: زين العابدين بدور
تدقيق: محمد حسان عجك