من غير الغريب أننا ما زلنا نتحرى ونبحث عن آلية عمل الأنواع المختلفة من العصبونات في ظل وجود ما يقارب 90 مليار خلية عصبية في أدمغتنا. وجد عدد من علماء الأعصاب نوعًا جديدًا من الخلايا العصبية عند الفئران في أماكن الوصل المعقدة بين العصبونات أو ما يسمى (المشابك) في أدمغة الثدييات.
وتوجد بصورة أساسية في الحصين -الجزء من الدماغ المسؤول مباشرة في عمليات التعلّم وتشكيل الذاكرة- وسُميت الخلايا المثبطة للإشارات الضعيفة والمحرّضة للتموجات الكهربائية العالية- (TORO).
يقول ماركو كابوغنا، عالم الأعصاب في جامعة آرهوس: «تنشر الخلايا العصبية فوق العصبية الموجات الحادة التي تتموج المعلومات على نطاق واسع في الدماغ وتشير إلى وقوع حدث في الذاكرة».
يقول ماركو كايوغثا، عالم الاعصاب في جامعة آرهوس: «تبث خلايا TORO تغيرات موجية حادة عبر الدماغ، ما يفسر تخزين هذا الحدث ضمن الذاكرة». وأضاف: «تلك الإشارات تُصنع في الخلايا العصبية في الحصين، ويُظن أنها الطريقة التي تحوّل أدمغتنا من طريقها حدثًا مهمًا في حياتنا إلى ذاكرة متسلسلة، الأمر الذي يظهر على جهاز القياس الكهربائي على هيئة أشواك موجية عالية التوتر كما تظهر في الصورة أدناه».
ما يبدو أن الخلايا TORO تنشط بصورة متناسقة ومتناغمة مع تلك الإشارات الكهربائية، وعند تتبع الخارطة الكهربائية لدارة الخلايا العصبية المتضمنة للخلايا TORO باستخدام التكنولوجيا الفيزيائية العصبية؛ وُجد أن هذه الخلايا تتنشط بفعل العصبونات الهرمية في المنطقة CA3 من الحصين -المنطقة المعروفة بدورها المهم في الذكريات المتسلسلة- وعلى النقيض من ذلك تتثبط بفعل الإشارات الواردة من مناطق الدماغ الأخرى المطلقة للناقل العصبي غاما.
يُعرف حمض غاما -أمينوبيوتيريك بتأثيره المهدئ عبر إبطاء النشاط الدماغي الذي يُفرزه الدماغ عند توليده للموجات ثيتا بصورة كبيرة، بسبب الجهد الكبير للدماغ -كالجهد الحاصل بعد انتهاء علاقة ما وفي أثناء التفكير بشدة في ذلك- وعلى العكس تمامًا؛ فإن الخلايا ثيتا تفرز هذا الناقل بانتظام في حالات الراحة.
لاحظ الباحثون ازدياد نشاط هذه الخلايا العصبية بصورة عظمى عندما يكون الحيوان نائمًا أو مستيقظًا لكنه في حالة هدوء كاملة، واختفاء نشاطها اختفاءً كاملًا عند وجود إشارات عصبية منتظمة بطيئة تسمى ثيتا تحدث عند اليقظة أو الحركة أو في حالات معينة في أثناء النوم كالفترة التي نكون فيها خلال حلم ما.
لا تؤثر الخلايا ثيتا موضعيًا فحسب؛ بل ترسل إشاراتها عبر الحصين وبدورها تثبط باقي الأجزاء الدماغية كالحاجز الدماغي والقشرة المخيّة، وكأنها ترسل إشارة لباقي الدماغ لتُعلمه بما يحدث ضمن الحصين.
مع أن الدراسات على الدماغ والخلايا العصبية عند الفئران لا تنطبق وتترجم دائمًا بصورة مشابهة عند البشر، فإنه من المتوقع وجود هكذا خلايا عند البشر لدورها الكبير في تنظيم الإشارات العصبية لكننا نحتاج أبحاثًا أكبر لفهم دورها في أدمغتنا، وما إذا كنا قادرين على الاستفادة من دراستها في معالجة أمراض الذاكرة مثل ألزهايمر.
اقرأ أيضًا:
كيف يربط الدماغ بين اﻷحداث لتشكيل الذاكرة؟
هل يوجد اختلافات في الذاكرة والعاطفة بين الذكر والأنثى؟
ترجمة: محمد زكريا زيتوني
تدقيق: تسبيح علي