نحن نقبَل الحب الذي نظن أننا نستحقه. محبة نفسك هي عملية داخلية. في كثير من الأحيان، نخدع أنفسنا للاعتقاد بأنه «عندما أحصل على هذا، سأشعر أفضل تجاه نفسي وعندما يحبوني بالمقابل، سأحب نفسي أيضًا. عندما أحصل على السيارة والوظيفة والراتب والشريك والوزن المثالي، سأحب نفسي»، لكن الأمر لا يتم بهذه الطريقة.
يعرف معظمنا عبارة «لا يمكنك أن تُحبَّ أي شخص حتى تُحبَّ نفسك»، حسنًا أنا أختلفُ تمامًا مع هذا الرأي. بدايةً، من قال هذا؟ اسأل دائمًا عن مصادرك. ثانيًا، كم منكم عانى ليحب نفسه لكنه شعر بذلك الحب النقي وغير المتبادل تجاه شخص آخر؟
بالنسبة للآباء الذين يقرؤون هذا المنشور، اسأل نفسك هذا: هل أنت غير قادر على حب أطفالك عندما تشعر وكأنك لا تحب نفسك؟ هل يتضاءل حبك لهم عندما تنشغل بالشعور بالخزي ونقصان تقدير ذاتك؟
أفترضُ أن إجابتك هي لا. أنت ستستمر في حبهم دون قيود أو شروط.
على سبيل المثال، دعونا نلقي نظرة على الشخص الذي يسيء تقدير ذاته؛ قد يحب هو أو هي الآخرين كثيرًا، وربما كثيرًا جدًا، لدرجة أنه يُتَيَّم بحب الشخص الآخر ويطالب بمحبته بالمقابل وإثباته لهذا الحب ليشعر هو بالرضا عن نفسه.
ماذا عن الشخص الذي يتخبّط في حالة من الخزي والاشمئزاز من نفسه في الوقت الحالي، لكنه يمتلك مقدارًا لا ينضب من الحب لوالديه وإخوته وأصدقائه أو غيرهم من الأشخاص المهمّين، أو حبيب سابق؟
قد نكون قادرين على حب الآخرين إن لم نحب أنفسنا، لكننا لا نعرف كيف نحب بصورة صحية.
تقول الكاتبة: عندما كنت في العشرينيات من عمري -ما زلت بالمناسبة، لكنني الآن على أبواب الـ 30 عامًا-، كنت أضع الكثير من نفسي في علاقاتي. لطالما شعر جزء مني بأنه معيب بطبيعته؛ شعرت وكأنني كنت أكثر من اللازم أو أقل من اللازم، أو أنني غير كافية أو “صعبة” بإفراط.
قلت لنفسي إنني صعبة المواعدة لأنني أفكر وأشعر بالأشياء بتعمق؛ لأنني أسعى إلى الغوص تحت السطح لأُشكِّل صورة أفضل لشخص أو موقف أو الحياة نفسها. لقد أحرجت نفسي لعدم قدرتي على العيش على سطح الحياة، أطفو على المياه الضحلة دون الحاجة إلى استكشاف النهاية العميقة مثل الكثير من الأشخاص الذين أعرفهم.
أنا بالتأكيد لم أحب نفسي، لم يكن لدي أسباب كثيرة تدفعني لذلك. كنت باستمرار أكذب، وأتلاعب، ولم أسعَ لتنمية احترام الذات لدي على الإطلاق، كنت أبحث خارجيًّا عن الامتلاء الداخلي.
(نصيحة احترافية: كي تتمتع باحترام الذات، ابدأ بفعل أشياء تستحق الاحترام).
مع ذلك، فقد أحببتُ الأشخاص الذين واعدتهم.
أنا لا أؤمن بالنظر إلى أنفسنا في الماضي ولومها لأنها لم تكن على معرفة كافية أو لأنها لم تشعر بالقوة التي اعتقدنا أننا نمتلكها.
كل ما شعرت به في ذلك الوقت كان حقيقيًا. كل ما أشعر به الآن حقيقي.
أنا أتغير، العدسة التي أنظر بها إلى الحياة تتغير، لكن المشاعر تبقى حقيقية كما أؤمن بها.
إليك النتيجة: أنا لم أحب نفسي، وعليه فلم أكن قادرة على قبول الحب.
خلاصة موجزة
إذا لم نحب أنفسنا، فيمكننا في الواقع أن نحب الآخرين.
إذا لم نحب أنفسنا، فلا يمكننا قبول الحب من الآخرين.
لقد كتبتُ هذا الاقتباس مرارًا وتكرارًا في منشوراتي، لكن سيبقى هذا السطر دائمًا هو المفضل لدي: «نحن نقبل الحب الذي نعتقد أننا نستحقه»، من رواية «مزايا أن تكون خجولًا».
يمكنني أن أمنح الحب بقدر ما أريد، لكن لا يمكنني قبوله إذا كنت في أعماقي لا أعتقد أنني أستحقه.
إذا سألتك إن كنت تحب نفسك الآن في هذه اللحظة بالذات، كيف ستجيب؟
بلا مقدمات، بلا تنبيهات، بلا تفاصيل عديمة القيمة حول السبب. فقط نعم أم لا، هل تحب نفسك؟ إذا كان جوابك هو لا، فما الذي يمنعك؟
السؤال الثاني: هل تعتقد أنك تستحق الحب والمودة والانتماء؟ مرةً أخرى، إذا كان الجواب لا، فلماذا؟
بالنسبة لي، كان تقديري لذاتي مرهونًا بالحالة الهشة والمتغيرة لعلاقاتي. لقد وجدت قيمة في النجاح الأكاديمي، وفي الأوسمة الرياضية، وأهم من ذلك كله، في الطريقة التي نظر بها الناس إليّ وشعروا بها تجاهي.
كانت ألوان قوس قزح وأشعة الشمس تضيء كامل حياتي حتى هُجِرتُ، شعرت وكأنني ملكة حتى تم الانفصال عني أو رُفضت.
هل تعتمد على انتظار التأييد والموافقة في علاقاتك؟ أنا بالتأكيد فعلت. كيف يمكنك منح نفسك المصداقية والعاطفة والحب والاهتمام والانتماء؟ ماذا يمكنك أن تفعل لنفسك، دون الاعتماد على أيّ شخص آخر؟
لقد كان هذا بالتأكيد هو المفتاح لاكتشاف الحب وقبوله؛ إنه يبدأ وينتهي داخليًّا. العلاقات التي أملكها اليوم هي نتيجة ثانوية رائعة للعلاقة التي أُنمّيها مع نفسي. وأنا أفعل ذلك بإعطاء الأولوية لذاتي.
- أقول «لا» أكثر بكثير الآن.
- أطبق حدودًا صحية في جميع علاقاتي (بقدر استطاعتي).
- أقصّر في حياتي اليومية وأغفر لنفسي كوني إنسانًا.
- أرفض السماح لمفاهيم العار التي تخبرني بأنني لست جيدةً بما يكفي أو بأنني جيدة أكثر من اللازم.
- أدوّن في مذكراتي يوميًا (تقريبًا)، وأذكر دائمًا شعوري بالامتنان وأقرّ به.
- أسخر من نفسي!
- أطلب المساعدة.
- أحاول أن أبقى قابلةً للتعلم في كل لحظة من كل يوم.
- أجد مجالًا للنمو وأملؤه بحب الذات والرحمة.
- أحاول بأفضل ما عندي أن أفعل ما أنصح به الآخرين؛ حتى لا أُلقي بنفسي في حالة من النفاق والتناقض المعرفي.
- أعترف بالعيوب وأتقبلها وأستفيد منها وأكتبها كلها هنا.
لأن ما تعلمته قبل كل شيء، هو أن البشر يتواصلون عبر عيوبهم، ليس عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تسلط الضوء على أفضل الأوقات في حياتهم والتي ترسل كلًّا منا إلى حالة من الهاوية العاطفية والعزلة.
امنح نفسك هدية حب الذات. فعلى أيّ حال، لا يمكنك تقبُّل حب أي شخص آخر إذا كنت تعتقد أنك لا تستحقه. توقف عن البحث خارج نفسك عن أي شيء لملء الفراغ الذي بداخلك الذي أنت فقط من يستطيع ملأه.
أنت قيّم. إذا كنت ما تزال تقرأ هذه القطعة المكتوبة بصورة عفوية للغاية، فهذا يعني أنك ما تزال تبحث عن بعض الإجابات. لا تنسَ أبدًا أن كل ما تبحث عنه موجودٌ داخلك بالفعل. مهمتك هي معرفة الذي يمنعك من الاستفادة من هذا الضوء والحب الداخلي، ومن ثم تحطيمه بمطرقة.
لأنني اليوم أحب نفسي، تمامًا وكليًا. وأدعوك لتمنح نفسك الفرصة لتشعر بالشيء نفسه تجاه ذاتك؛ إنه حقًا شعور رائع جدًا.
اقرأ أيضًا:
أنماط الحب غير المتبادل وخطوات التعافي من الإحباط
ترجمة: محمد علي عبّاس
تدقيق: نغم رابي