التوازن الاقتصادي هو حالة تكون فيها القوى الاقتصادية متوازنة، تظل فيها المؤشرات الاقتصادية دون تغيير كبير وهذا يحدث غالبًا في غياب التأثيرات الخارجية وقد يشار أحيانًا إلى التوازن الاقتصادي بمسمى توازن السوق.
وعندما نعرف التوازن الاقتصادي نستطيع أن نشير إليه بإنه مزيج من المتغيرات الاقتصادية -عادة السعر والكمية- التي تقود العمليات الاقتصادية العادية -كالعرض والطلب- بها الاقتصاد. ويمكن أيضًا تطبيق مصطلح التوازن الاقتصادي على أي عدد من المتغيرات مثل أسعار الفائدة أو إجمالي الإنفاق الاستهلاكي.
تمثل نقطة التوازن حالة من الاستقرار للاقتصاد نظريًا بعد أخذ أثر كافة المتغيرات الاقتصادية -التي قد تحصل- بعين الاعتبار.
فهم التوازن الاقتصادي
استعار رجال الاقتصاد كلمة التوازن من علم الفيزياء فشبهوا العمليات الاقتصادية بالظواهر الفيزيائية مثل السرعة أو الاحتكاك أو الحرارة أو ضغط السوائل، فعند توازن مختلف القوى الفيزيائية في نظام ما لا تحدث تغييرات إضافية.
لنأخذ نفخ البالون مثالًا على ذلك، فعند نفخ الهواء في البالون يزداد ضغط الهواء داخله نتيجة الهواء المدفوع إلى الداخل، فيصبح ضغط الهواء داخل البالون أعلى من ضغط الهواء حوله، أي أن الضغوط غير متوازنة، ونتيجة لذلك يتمدد البالون فينخفض الضغط داخله حتى يتساوى مع ضغط الهواء بالخارج، وعند تمدّد البالون بما يكفي لتساوي ضغط الهواء داخله مع ضغط الهواء حوله نقول أنّنا وصلنا إلى التوازن.
يمكننا التفكير في شيء مشابه في علم الاقتصاد فيما يتعلق بأسعار السوق والعرض والطلب. فإذا كان السعر في سوق سلعة معينة منخفضًا جدًا فستكون الكمية التي يطلبها المشترون أكثر من الكمية التي يرغب البائعون في عرضها أو الكمية المتوافرة من الأصل، وهذا تمامًا مثل ضغط الهواء داخل البالون وخارجه فالعرض والطلب لن يكونا متوازنين، ما يولّد حالة من عدم التوازن في السوق.
ونتيجة لتلك الحالة من عدم التوازن سيتعين على المشترين عرض أسعار أعلى على البائعين من أجل بيع تلك البضاعة والتخلي عنها، وعلى هذا سيرتفع سعر تلك السلعة إلى أن تتساوى الكمية المطلوبة من المشتريين مع الكمية المعروضة لدى البائعين، كما يتوسع البالون حتى تتساوى الضغوط تمامًا. وقد نصل في النهاية إلى تساوي الكمية المطلوبة مع الكمية المعروضة وهذا ما يطلق عليه «توازن السوق».
أنواع التّوازن الاقتصادي
في الاقتصاد الجزئي -فرع من فروع علم الاقتصاد، يعنى بتحليل ودراسة تصرفات المستهلك والشركة في ظل كمية الموارد المحدودة في البيئة المحيطة- يُمثل التوازن الاقتصادي بالسعر الذي يتساوى عنده العرض والطلب على سلعة ما، وبعبارة أخرى عند نقطة تقاطع المنحنيات المتوقعة للعرض والطلب.
وهذا يمكن تطبيقه بالنظر إلى سلعة واحدة أو خدمة واحدة، فهنا يمكننا الإشارة إليه على أنه توازن جزئي، وهذا عكس التوازن العام الذي تتوازن فيه جميع أسواق السلع والخدمات مع بعضها في نفس الوقت. وبالانتقال الى الاقتصاد الكلي سنجد أن التوازن الاقتصادي يحدث حين يكون إجمالي العرض وإجمالي الطلب متوازنين.
التوازن الاقتصادي في العالم الحقيقي
تجب الإشارة إلى أن التوازن هو مفهوم نظري في الأساس قد لا يحدث أبدًا في الواقع، لأن الظروف وراء العرض والطلب تكون متغيرة في الغالب وغير مؤكدة الحدوث إذ إن جميع المتغيرات الاقتصادية تتغير باستمرار، ويمكننا تشبيه محاولة الوصول إلى التوازن الاقتصادي بمحاولة إصابة لوحة الهدف في لعبة السهام المريشة باستعمال سهم يتغير شكله وحجمه عشوائيًا.
قد نقترب كثيرًا من إصابة الأهداف مع التدريب الكافي، وهذا ما يحاول فعله رواد الأعمال في جميع أنحاء العالم، إذ يستخدمون ما لديهم من علم لتخمين أفضل تصور عن تحرك السوق في السلع والأسعار، ولا شك بأن الاقتصاد يكافئ أولئك الذين يخمنون بشكل أفضل من غيرهم عبر آلية الربح من السوق والأسهم.
إنّ تكنولوجيا المعلومات ووسائل الإعلام التجارية والمالية وجهود باحثي الأسواق ودارسي سلوك المستهلك سهّلت وصول رواد الأعمال إلى المعلومات الاقتصادية من تغيرات العرض والطلب، وهذه الحالة من تحفيز السوق لأصحاب التخمينات الأفضل بالإضافة لتزايد المعلومات الاقتصادية المتوافرة تساهم في تسارع الاقتصاد توازن اقتصادي صحيح بين العرض والطلب ولكل السلع والخدمات.
اقرأ أيضًا:
ما هي الرسوم الجمركية؟ وكيف تؤثر في الاقتصاد؟
ترجمة: عمرو سيف
تدقيق: وائل حجازي