أثبتت آخر الدراسات وجود أكثر من 4000 كوكب خارج المجموعة الشمسية. وبما أن العديد من هذه الكواكب أصبح قابلًا للدراسة، تعلم علماء الفلك الكثير عن أنواع هذه الكواكب وظروفها الخاصة. مثلًا استطاع العلماء الحصول على فكرة بسيطة عن مدى شيوع الكواكب الصالحة للحياة ، وفقًا لاحتياجاتنا بوصفنا بشرًا بالطبع.
اتضح لنا وجود العديد من الكواكب الصالحة للحياة في الفضاء الشاسع. هذا ما توصل إليه فريق من علماء الفلك وعلماء الكواكب الذين درسوا الأحجام المتوقعة للمناطق الصالحة للحياة اعتمادًا على التصنيف النجمي.
يتوقع العلماء أن الأنظمة النجمية المستقرة التي لا تتضمن عملاقًا غازيًا مثل المشتري، قد تملك أكثر من كوكب واحد قابل للحياة، حتى سبعة كواكب صالحة للحياة.
قاد هذه الدراسة بروفيسور الأحياء الفضائية ستيفان كين من جامعة كاليفورنيا، وشاركه مجموعة باحثين من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وجامعة جنوب كوينزلاند وجامعة هاواي ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا ومركز المعالجة والتحليل بالأشعة تحت الحمراء في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا ومركز كارل ساغان لدراسة الحياة في الكون.
استوحى العلماء هذه الدراسة من بحث كين الخاص بالنظام النجمي (TRAPPIST-1)، وهو قزم أحمر يدور حوله 7 كواكب صخرية، يقع 3 منها في النطاق القابل للحياة.
جعل هذا الاكتشاف -إضافةً إلى اكتشافات عديدة سابقة- العلماء يفكرون في عدد الكواكب الصالحة للعيش حول النجوم المتعددة في الكون الشاسع. صرح البروفيسور كين: «جعلني الأمر أفكر في عدد الكواكب الصالحة للحياة، التي تدور حول نجم واحد، ولماذا لدينا كوكب واحد فقط في نظامنا الشمسي؟ هذا لا يبدو عادلًا على الإطلاق».
في هذه الدراسة، صمم كين وزملاؤه نموذجًا استخدموا فيه العديد من النجوم بمختلف أنواعها، والعديد من الكواكب ذات الأحجام والمدارات المختلفة.
التصنيف النجمي كان مهمًّا جدًّا في هذه الدراسة، لأن العلاقة بين حجم النجم -وسطوعه وحرارته- تتناسب طرديًّا مع المنطقة الصالحة للحياة حوله، لذا فإن النجوم الصغيرة الباردة تكون المنطقة الصالحة للحياة حولها صغيرة جدًّا.
استخدم النظام أيضًا خوارزميةً خاصة بقوى الجاذبية، ما ساعدهم على دراسة تأثير الكواكب في مدارات بعضها بعد ملايين السنين. وجد العلماء أن النجوم من نوع B أو O أو A تمتلك العديد من الكواكب الصالحة للحياة، التي تدور حولها داخل المنطقة الصالحة للحياة للنجم.
أما النجوم من نوع K وG وM فتمتلك منطقةً ضيقةً وبها كواكب أقل. أكدت الدراسة أن النجوم قادرة على دعم 7 كواكب داخل منطقتها الصالحة للحياة، وأن نجمًا يشبه شمسنا يستطيع دعم 6 كواكب تحتوي مياه سائلة.
عامل مهم يجب ذكره هو أن العديد من هذه الكواكب لها مدارات دائرية تمامًا، لهذا تتفادى خطورة الاقتراب الزائد من النجم أو التصادمات، وتكون أكثر استقرارًا.
إضافةً إلى ذلك، يجب ألا يتضمن النظام كوكبًا ضخمًا مثل المشتري. قال البروفيسور كين: «إذا كان عدد الكواكب أكثر من 7، فإنها ستكون قريبةً من بعضها جدًا وتؤدي إلى زعزعة استقرار مدارات بعضها، المشتري له أثر كبير في إمكانية الحياة على الكواكب الأخرى في نظامنا الشمسي، لأنه ضخم جدًا، فيؤثر في مدارات سائر الكواكب». إلى الآن استطاع العلماء تحديد عدد قليل من النجوم التي تمتلك أكثر من كوكب واحد قابل للعيش يدور حولها.
يثير النجم (Beta CVm) اهتمام الباحثين، إذ استخدمه كين وزملاؤه مثالًا لدراستهم. يبعد هذا النجم المشابه للشمس 27.5 سنةً ضوئية، ويُعد أحد أفضل المرشحين لإيجاد الحياة خارج كوكب الأرض.
حتى الآن، لم يُكتشَف أي كوكب خارجي حول هذا النجم. يرى البروفيسور كين وزملاؤه أن هذا مؤشر جيد، لأن النجم لا يمتلك كوكبًا ضخمًا -مثل المشتري- يدور حوله.
لرصد الكواكب الكبيرة الكثير من الطرق، منها طريقة العبور أو التصوير المباشر أو بواسطة رصد تأثير جاذبيتها في النجم.
يعتزم الباحثون البحث عن الكواكب حول هذا النجم، إضافةً إلى البحث عن المزيد من النجوم ذات الكواكب الصغيرة فقط. ستساعد تلسكوبات الجيل الجديد -إضافةً إلى المراصد الأرضية- على الكشف عن المزيد من المعلومات المخبأة في الفضاء.
بفضل العدسات والحساسية المطورة لهذه المراصد، ستتمكن الدراسات المستقبلية من تصميم نماذج للغلاف الجوي الخاص بالكواكب الخارجية لدراسة كيميائيتها. ستستطيع المراصد تجميع الأطياف مباشرةً من الضوء المنعكس من الغلاف الجوي الخاص بالكوكب، الذي سيكشف عن بنائها الكيميائي، ما سيسمح للعلماء بدراسة القياسات الحيوية.
حسب تصريح كين، لن تساعدنا هذه الدراسة على اكتشاف وجود الحياة خارج الأرض فحسب، بل ستوضح لنا كيف أصبح كوكب الأرض قابلًا للحياة، وما هي التغيرات التي ستطرأ عليه في المستقبل: «نحن نعلم أن الارض كانت صالحة للعيش معظم تاريخ وجودها، لكن يبقى السؤال المطروح: كيف تبلورت هذه الظروف خلال الوقت؟ وما هو المسبب الرئيسي لهذا التغيير؟ بدراسة خصائص الكواكب الخارجية، التي تمتلك طريقًا تطوريًّا يشبه كوكبنا، سنعرف ماضي الكوكب ومستقبله، وبهذا سنتعلم ما علينا فعله لإبقاء كوكبنا قابلًا للعيش».
أوضحت الدراسة أيضًا أن الأنظمة التي تحتوي كوكبًا واحدًا قابلًا للعيش تُعد غير اعتيادية. ومثلما توقع العلماء وجود كواكب قابلة للحياة، قد يحتوي الكون أنظمة قابلة للحياة.
هذا سيجعل إيجاد الحياة خارج كوكب الارض أسهل، ويزيد أيضًا احتمالية وجود حياة متقدمة وذكاء متطور.
اقرأ أيضًا:
اكتشاف كوكب خارجي نادر.. حجمه ضعف حجم الأرض وقد يحوي مياهًا سائلة
دراسةٌ جديدة بقيادة ناسا تُعطينا أملًا لإمكانية الحياة على (بروكسيما ب).. أقرب كوكبٍ خارجيٍّ نعرفه
ترجمة: زينب سعد
تدقيق: رزوق النجار
مراجعة: أكرم محيي الدين