التعريف الدولي لـ”الثانية” من الوقت ربما يكون في طريقه للتغيير، وذلك بفضل الباحثين الذين أظهروا أن نوع متقدم من ‘الساعة الذرية’ لديه درجة من الدقة والاستقرار اللازم لتأكيد تعريف جديد. لقد أظهر جيروم لوديفيك و زملاؤه من مرصد باريس أنّ اثنتين من ما يسمى بساعات المشبك البصري يمكن أن تكون متزامنة بالكامل طبقا لأعلى مستوى من الدقة التجريبية. يقول الباحثون أن اختبار إتساق هذا النوع من الساعات هو أمر ضروري إذا ما أردنا إعادة تعريف الثانية طبقا لهذا النوع من الساعات، الذي يعرَف حاليًا وفقا لنوع مختلف من الساعة الذرية.

و قال كريستوفر أوتس المتخصص في معايير الساعة الذرية في المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا في بولدر، كولورادو “هذا العمل جميل جدا ودقيق، مما يعطي سببا للثقة في ساعة المشبك البصري وفي الساعات البصرية عموما”. منذ العام 1967، تم تعريف الثانية بأنها مدة 9192631770 ذبذبة من أشعة الميكروويف المنبعثة أو الممتصة نتيجة قفز ذرة سيزيوم بين مستويين محدَدين من الطاقة. الطريقة الأكثر دقة لقياس هذا التردد في الوقت الحاضر هي النافورة الذرية، و فيها يدفع شعاع من الليزر ذرات من السيزيوم الغازي للأعلى.

يتم فحص إنبعاثات الذرات مرتين عند مرورها من خلال شعاع الميكروويف – مرة واحدة في الطريق إلى الأعلى، ومرة أخرى و هي تسقط تحت تأثير الجاذبية. وتستخدم ساعة نافورة-ذرات السيزيوم لوضع المعايير المحلية للوقت في المعهد الوطني في بولدر, و في مرصد باريس وأماكن أخرى. تصل دقة ساعة نافورة السيزيوم إلى ثلاثة أجزاء في 10 كوادريليون (3 × 10^-16). هذا يعني أنها تبقي الوقت في هامش خطأ ثانية واحدة كل مئة مليون سنة. ولكن بعض الساعات الذرية الحديثة وصلت لمستوى دقة أفضل. مراقبة الانبعاثات الطيفية من ذرات فردية متأينة محصورة في مجال كهرومغناطيسي يمكن أن تصل للوقت بدقة 10^-17 ( ثانية كل مليار سنة).

توقيت أفضل

الساعات التي درسها لوديفيك وزملاؤه تبقى الأحدث في هذا المجال: إذ أنّها عرضت ولأول مرة منذ أقل من عقد. على الرغم من أنها لم تتمكن من التغلب على دقة ساعات الأيون المحاصر، لقد ثبت أن دقة الساعات البصرية قد تكون مجابهة لساعات نافورة ذرات السيزيوم، وبعض الباحثين مقتنعون بأن الساعات البصرية سوف تكون في نهاية المطاف أفضل الموجود. هنالك سببان لذلك. أولا، مثل ساعات الأيون المحصور، فإن الساعات البصرية تقيس تردد الضوء المرئي، و تردده أعلى بعشرات الآلاف من المرات من تردد موجات الميكروويف. السّبب الثاني هو أنها تقيس متوسط تردد الانبعاثات من عدة آلاف من الذرات المحاصرة بدلا من واحدة فقط، وبالتالي إحصائياً, تعطي قياساً أفضل.

الذرات محاصرة في مشبك بصري، أو بالأحرى في “علب بيض” كهرومغناطيسية لمحاصرة أو قبض الذرات في مكانها. إذا أردنا أن نثبت نجاح الساعات البصرية، يجب أن يتبيَن الباحثون أن كل ساعة من تلك, “تدق” بنفس معدل أي ساعة أخرى أعدت بطريقة متطابقة. هذا هو ما أظهره لوديفيك و زملاءه. أعد الباحثون مشبك بصري يحتوي على 10،000 ذرة من ذرات النظير السترونتيوم-87، وأظهر الباحثون أن الساعتين تمكنا من البقاء متزامنتين إلى دقة لا تقل عن 1.5 × 10^-16، وهو أكبر قدر من الدقة يمكن قياسه عملياً. وقد أظهر الفريق أيضاً أن الساعات البصريّة، إستطاعت أن تواكب ثلاثة من ساعات السيزيوم في مرصد باريس، الى دقة تمليها عليها الحدود الطبيعة لساعات السيزيوم نفسها.

تحسن الساعات الذرية سيكون نعمة للعلوم الأساسية. على سبيل المثال، يمكن للفيزيائيين استخدام مثل هذه الساعات للتحقق من ما إذا كانت بعض الثوابت الأساسية في الطبيعة تتغير مع مرور الوقت، كما تتوقع بعض النظريات.


 

مصدر1 | مصدر2