يمتلك الجهاز المناعي آليات للحماية تقوم بتحديد وتحليل الخلايا الضارة والحطام الخلوي. تلك الخلايا تُسمّى وحيدات النوى Patrolling monocytes وهي جزء من خلايا الدم البيضاء، حيث تقوم بوظيفة حماية تساعد في التصدي للالتهابات التي تؤدي إلى تصلب الشرايينatherosclerosis . ولكن الآن وجد الباحثون في الولايات المتحدة أن وحيدات النوى تستطيع أيضًا الدفاع ضد انتشار الأورام الخبيثة إلى الرئة lung tumor metastasis ، وذلك في دراستهم التي نُشرت مؤخرًا في مجلة العلوم تحت عنوان “وحيدات النوى تتحكم بخلايا الورم الخبيث في الرئة”
استخدم فريق البحث نوعين من الفئران لفحص دور وحيدات النوى ضد أورام الرئة الخبيثة، النوع الأول هي فئران طبيعية، أما النوع الثاني فهي فئران مجردة من المورثةNr4a1 المسؤولة عن تشكيل وحيدات النوى، وبالتالي هي فئران مجرّدة من وحيدات النوى وحول ذلك يقول الدكتور Richard Hanna من معهد lajolla للحساسية والمناعة، والمؤلف الأول للبحث، في بيان صحفي :”لا أحد قد بحث في كيفية عمل هذه الخلايا في وجود السرطان. الفئران المجردة من وحيدات النوى تقدم نموذجا لاختبار ما تقوم به هذه الخلايا” .

قام الفريق بحقن خلايا الميلانوما المتألقة fluorescent melanoma في مجرى الدم للفئران العادية والفئران المجردة من وحيدات النوى، وراقبوا تحرك هذه الخلايا في الأوعية الدموية للرئة. وبعد 24 ساعة، كان لدى الفئران المجردة من وحيدات النوى خلايا ميلانوما أكثر من الفئران العادية. هذه النتيجة تشير إلى أن غياب وحيدات النوى يجعل الحيوانات معرضة لأورام الرئة الخبيثة. ولتأكيد إمكانية الوقاية ضد السرطان لهذه الخلايا، قام الباحثون بعزل وحيدات النوى من الفئران الطبيعية وحقنوها في الفئران المجردة من وحيدات النوى وذلك قبل حقن هذه الفئران بخلايا الورم، أدى هذا الإجراء إلى منع غزو خلايا سرطان الميلانوما للأوعية الدموية في الرئة.

تقول الدكتورة Hanna

“حقيقة أنك تستطيع أن تضيف وحيدات النوى مرة أخرى للفئران التي تفتقر إليها، ثم ملاحظة تراجع الورم الخبيث تُظهر أن وحيدات النوى عوامل رئيسية في كبح ورم الرئة الخبيث”.

ومع ذلك، فإن وظيفة الحماية هذه فُقِدت عندما نُقِلت الخلايا وحيدات النوى إلى الفئران المُجردة منها بعد حقن هذه الفئران بخلايا الورم، ويُظهر ذلك أن وحيدات النوى يمكن أن تمنع غزو الخلايا السرطانية للأوعية الدموية في الرئة فقط إذا كانت موجودة قبل حقن خلايا الورم. قامت مجموعة الباحثين بعد ذلك بحق صبغة الفلورسين داخل خلايا الورم ووحيدات النوى وحقنهم في الفئران، لتصوير التفاعلات التي تحدث في وقتها الحقيقي، ووجدوا بأن وحيدات النوى تقوم بالسعي وراء خلايا الورم وتمنعهم من الدخول عبر جدار الوعاء الدموي.

لكن الباحثين غير متأكدين بعد من كيفية حدوث هذا بالضبط، وحول ذلك يقول الدكتور Hanna:”لم نثبت بعد أن وحيدات النوى تقتل خلايا السرطان مباشرة، ما هو مؤكد أن وحيدات النوى تجند خلايا مناعية أخرى تدعى بالخلايا القاتلة الطبيعية Natural killer cells القادرة على قتل الخلايا السرطانية، وبدلًا من ذلك يمكن لخلايا وحيدات النوى أن تقوم بكنس الحطام الخلوي لخلايا الورم، هذا الحطام الذي قد يضعف الاستجابة المناعية إذا بقي “.
نهج العلاج المناعي المضاد للسرطان يهدف إلى تعزيز الجهاز المناعي في مواجهة أورام خاصة ، هذه الدراسة تُظهر أن وحيدات النوى من الممكن أن تمنع الأورام الخبيثة في الرئة، الأمر الذي يمهد الطريق لعلاجات مناعية مستقبلية ضد هذا المرض الفتاك.

تؤمن البروفسورةCatherine Hedrick ،أحد العلماء المشاركين في البحث، بأن هذه النتائج يمكن أن يكون لها الكثير من التطبيق وتقول :”رأينا في هذه الدراسة تأثيرات في الرئة في المقام الأول. حيث يوجد هناك الكثير من أنواع وحيدات النوى في الرئة والتي تتواجد ضمن النسيج الرئوي. وحيدات النوى قد تمنع الورم الخبيث في الأعضاء الأخرى كذلك، و هذا الاحتمال سوف يؤخذ بعين الاعتبار في الدراسات المستقبلية”.


 

المصدر