في الوقت الذي تعاني فيه الولايات المتحدة الأمركية للسيطرة على تفشي فيروس كورونا المستجد، ظهر فيروس آخر يعيث فسادًا يستهدف الأرانب في البلاد، إذ تفشى المرض في سبع ولايات من الجنوب الغربي، ومات بسببه آلاف الأرانب البرية والمنزلية.
ينتج هذا المرض شديد العدوى عن فيروس داء الأرانب النزفي RHDV2، ونعتت الطبيبة البيطرية من ولاية تكساس هذا الفيروس في تصريح لها لصحيفة (ذا كات) باسم «إيبولا الأرانب»، وعللت ذلك بأن RHDV2 يخرب جسم الأرانب بطريقة مشابهة لفيروس إيبولا رغم الاختلاف الشكلي والنمطي بينهما.
يصيب فيروس إيبولا البشر والرئيسيات ويسبب نزوفًا حادة وفشل الأعضاء والموت، بينما يسبب RHDV2 آفات في أعضاء الأرانب وأنسجتها تؤدي غالبًا إلى نزوف داخلية تنتهي بالموت، ويكون الدليل الخارجي الوحيد على إصابة الحيوان الميت بالمرض هو غالبًا ارتشاح أنفه بمفرزات دموية بعد موته المفاجئ.
منذ أبريل سجلت وزارة الزراعة الأمريكية حالات الإصابة بهذا الفيروس في أريزونا وكاليفورنيا وكولورادو ونيفادا ونيومكسيكو ويوتا وتكساس، وتفشى الفيروس في أجزاء من غرب المكسيك أيضًا.
فيروس جنوني الانتشار!
انتشرت أشكال الفيروس في كل القارات تقريبًا منذ أبلغ العلماء عن أول حالة في الصين قبل 35 عامًا، وهذه رابع مرة يبلّغ العلماء فيها عن تفشي الفيروس في الولايات المتحدة الأمركية، لكنها المرة الأولى التي ينتشر فيها الفيروس بين الحيوانات المستأنسة، إذ انتشر المرض بين أنواع مختلفة من الأرانب كالبيكا والقواع (الأرنب البري) الأمريكي وقطني الذيل وقواع الحذاء الثلجي وأرانب الجاك.
يقول المدير التنفيذي لجمعية مربي الأرانب الأمريكية لصحيفة (فين نيوز): «سبب قلقنا الشديد هو انتشار الفيروس في الكثير من المقاطعات وأماكن تربية الأرانب. وانتشاره الزائد بين جمهرات الأرانب البرية زاد من مخاوفنا أكثر».
في عام 2018 ظهر الفيروس بين الأرانب المنزلية في ولاية أوهايو، تلاه تفشٍّ آخر في ولاية واشنطن. في أواخر فبراير، مات أكثر من 12 أرنبًا في مركز (إيفيان أند إيكزوتيك ميديسن) في ولاية مانهاتن بعد دقائق من معاناتهم نوبات اختلاجية عنيفة. ظهرت الفاشية الجنوبية الغربية الحالية في أريزونا ونيومكسيكو بعد شهر من سابقتها، لكن لا علاقة لها بالفاشيات الثلاث السابقة.
يقول الطبيب البيطري من ولاية نيومكسيكو رالف زيمرمان لصحيفة (ذا كات): «ما زلنا نجهل مكان نشأة هذا الفيروس الذي تضخم انتشاره بسرعة جنونية»، إذ أُصيب ما يقارب 500 حيوان في نيومكسيكو بين شهري مارس ويونيو.
يضيف زيمرمان: «جاء إلينا رجل يملك 200 أرنب، خسر جميع أرانبه خلال ثلاثة أيام، كأن الفيروس حلّ وقتل كل شيء».
ذكرت صحيفة (ذا كات) أن المسؤولين في نيومكسيكو وضعوا سياسة «تقليل الجمهرات»، إذ تقتضي هذه السياسة إعدام جميع الأرانب الموجودة في الجحر إذا أُصيب أحدها بالمرض، وأدت هذه السياسة إلى قتل 600 حيوان في محاولة إيقاف انتشار الفيروس.
بحلول أبريل، أبلغ الباحثون عن حالات إصابة بين الأرانب في كولورادو وتكساس ونيفادا، وظهرت عشرات الحالات الأخرى أيضًا في كاليفورنيا ويوتا، وعلّق جونز على عدد الإصابات لصحيفة (ذا كات) بقول: «لأكون صريحًا أعتقد أن هناك حالات أخرى أكثر مما ورد في التقارير».
فيروس شديد العدوى والمقاومة:
يملك إيبولا الأرانب فاعلية مثيرة للدهشة في القتل. فعندما يلتقط حيوان العدوى يحضن الفيروس ثلاثة أيام، ثم يفقد شهيته ونشاطه ويسقط ميتًا، مع أن بعض الأرانب لا تظهر عليها أعراض خارجية قبل الموت. في نهاية المطاف تفشل أعضاء الأرانب كالكبد والطحال، وتصبح عملية تخثر الدم غير فعالة.
يبلغ معدل الوفيات في الفاشية الحالية 90%، والأرانب التي تنجو تكون خطيرةً وناقلة للعدوى لأن فترة التخلص من الفيروس تستغرق شهرين تقريبًا، ولسهولة انتقال الفيروس عبر الدم والبول والبراز.
الفيروس لا يصيب البشر وأنواع الحيوانات الأخرى، لكنه يلتصق بالشعر والأحذية والملابس حتى ينتقل إلى الأرانب المضيفة بعد ملامستها للسطوح الملوثة، ويمكن أن تنتقل العدوى عن طريق الحشرات المتطفلة على الأرانب أيضًا.
يصعب قتل الفيروس، فهو قادر على البقاء ثلاثة أشهر في درجة حرارة الغرفة، ويتحمل حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية ساعةً على الأقل، ولا يمكن قتله بالتجميد وفق جمعية الأرانب المنزلية.
علاوةً على ذلك، لا يوجد علاج للفيروس، ويستغرق الحصول على اللقاح في الولايات المتحدة وقتًا طويلًا. الفيروس خارجي المنشأ لذا لا يوجد لقاح مرخص في الولايات المتحدة حتى الآن، ويجب على الأطباء البيطريين أمثال زيمرمان وجونز طلب إذن من وزارة الزراعة الأمريكية لاستيراد اللقاح من إسبانيا وفرنسا، وتستغرق الموافقة على هذه العملية شهرًا على الأقل.
تعمل وزارة الزراعة الأمريكية على إنتاج لقاح لفيروس RHDV2 محليًا، لكن هذه العملية ستستغرق عامًا أو أكثر على الأرجح وفق جمعية الأرانب المنزلية.
يقول جونز: «إنها مشكلة جديدة لن تمرّ من تلقاء نفسها، بل ستبقى فترة طويلة».
اقرأ أيضًا:
فيروس جديد يجتاح الصين: إنفلونزا الطيور H5N1، أعراضه وعلاجه والوقاية منه؟
فيروس كورونا الجديد ربما كان موجودًا بين البشر لسنوات!
كل ما تحتاج إلى معرفته عن فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)
ترجمة: رضوان مرعي
تدقيق: عون حدّاد
مراجعة: رزان حميدة