بدأ أسبوع التوعية العالمية حول مخاطر تصاعد المقاومة البكتيرية في وجه المضادات الحيويّة، والذي يقام برعاية منظمة الصحة العالمية، هو أسبوع : “أن نصبح أكثر ذكاءً تجاه استعمال المضادات الحيويّة”، كما أراد تسميته مركز التحكّم والوقاية من الأمراض في الولايات المتحدة. أما في أوروبا، فقد اختير له اسم “أسبوع رفع التوعية حول المضادات الحيويّة”، الذي بدأ نشاطه منذ الأربعاء الماضي. كما تم تفعيل العديد من نشاطات المراقبة الخاصة في هذا الإطار في دول عديدة أخرى أبرزها كندا، وأستراليا، ونيوزيلندا و اليابان -حيث قامت السلطات المعنيّة بالصحة العامة بنشر معلومات جديدة حول البكتيريا المقاومة.

الأخبار مقلقة، وليست مشجّعة على الإطلاق. المركز الأوروبي للتحكّم والوقاية من الأمراض يعلن عن ارتفاع نسبة البكتيريا شديدة المقاومة للمضادات الحيويّة، كما وفي الوقت عينه ترتفع نسب استهلاك العقاقير القليلة الموجودة في السوق، والتي من اختصاصها القضاء على هذا النوع العنيف من البكتيريا. في تقرير لمنظمة الصحة العالمية حول استطلاع أجري في ١٢ دولة؛ تقول فيه أنه لا زال هناك أعداد ضخمة من المستهلكين لا يفهمون كيفية ارتفاع نسب المقاومة، وبالتالي يقومون بأعمال من شأنها أن تجعل الموقف أكثر سوءًا.

حسب جريدة «Eurosurveillance» أو جريدة المراقبة الاوروبية، فإن من بين ٣٨ دولة أوروبية؛ فقط ٣ دول لم تعلن حتى الآن عن حالات مقاومة للكاربابينيم «carbapenems» وهو مضاد حيوي قوي، لا يستعمل عادةً إلّا في حال نفاذ الخيارات المتاحة من المضادات الحيويّة الأخرى (البكتيريا المقاومة للكاربابينيم عادةً ما تقوم بإفراز إنزيمات مدمّرة للمضاد المذكور، ما يوقف عمله، وتعتبر من هذا المنطلق البكتيريا من الفئة المقاومة، ونذكر منها بكتيريا الـ «KPC» التي ظهرت لأول مرة في الولايات المتحدة، و «OXA» في منطقة البحر المتوسط، و «NDM» أو كما يحلو للبعض تسميتها بالجرثومة الهندية الخارقة).

إذن حسب تقرير الجريدة أعلاه، فإن ثلاثين دولة أوروبية واجهت حالات من بكتيريا مقاومة للكاربابينيم، وبالتالي لا يمكنها بعد اليوم اعتبار العدوى من تلك البكتيريا على أنها أمراض مستوردة من الخارج عبر المسافرين أو السياح القاصدين الرعاية الطبية، بل يجب اعتبارها عدوى تنتشر شيئًا فشيئًا في أوروبا عبر حدود دول الاتحاد الأوروبي. قبل سنتين فقط، عانت ست دول فقط من هذه الحالة!

هذه الأرقام ترجمتها الجريدة للقرّاء على الشكل التالي: “هذا يعني أن معظم المستشفيات باتت تستقبل مرضى لا يمكن علاجهم”، طبعًا لأن هذا النوع من المضادات الحيوية (أي الكاربابينيم) استنفذت قواها وباتت تقاومها بعض النسخ الجرثومية.

تُظهر البيانات الأوروبية الأحدث حول استهلاك المضادات الحيوية لنا شيئين: كيف وصل الاتحاد الأوروبي لمستويات المقاومة المرتفعة هذه، وما يمكن حصوله بعد ذلك. إن استهلاك الكاربابينيم يرتفع بشكل كبير، وعادةً ما يقوم الأطباء بوصفه عندما تفشل الأصناف الأخرى من المضادات الحيويّة في عملها. أما استعمال مضاد حيوي من عائلة بوليميكسين «polymyxins» مثل كوليستين «colistin» -وهي فئة من مضادات حيويّة قديمة وسامّة ويعتبر الأمل الوحيد الباقي للعلاج عند فشل الكاربابينيم؛ فإن استعماله بارتفاع مقلق في الدول خارج الاتحاد الأوروبي، أما في داخله فاستهلاكها لا يزال ثابتًا ضمن الأطر الطبيعية.

قامت منظمة الصحة العالمية بكشف النقاب عن إحصائيات حول دراسات أُجريت على مدة زمنية طويلة في ١٢ دولة (دولتان من كل منطقة، بحيث تغطي كل مكان في العالم)، وطبعًا فإن النتائج مقلقة، فمقاومة البكتيريا للمضادات بارتفاع مستمر، وعدم فهم الناس لكيفية حدوث المقاومة؛ يقوم بزيادة الاستهلاك العشوائي وجعل الأمور أكثر سوءًا:

٦٤٪ من المستطلعين صرّحوا أنهم يستهلكون المضادات الحيويّة عند إصابتهم بنزلات البرد.

٣٢٪ قالوا أنهم يتوقفون عن استهلاك المضادات حالما يشعرون بتحسّن.

٤٤٪ يظنون أن مشكلة مقاومة البكتيريا للمضادات تحدث فقط عند الأشخاص الذي يستهلكون المضادات بشكل مزمن.

٦٤٪ يعتبرون أن العلماء سيجدون حلًا لمشكلة مقاومة المضادات قبل أن تصبح مشكلة جدية.


 

المصدر