أعلن جراحون من الولايات المتحدة الأمريكية أنهم سيبدأون تجرِبتهم لزرع الرحْم في الأشهر المقبلة وذلك لأجل مساعدة النساء اللواتي لم يعد لديهن رحم من أجل المقدرة على الحمل. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تنفيذ مثل هذا النوع من العمليات في الولايات المتحدة الأمريكية.
سوف تُناسب العملية النساء اللواتي تم استئصال رحمهن إما بسبب المرض أو التلف، أو اللواتي وُلدون دون واحدٍ، أو لديهن واحدٍ من متبرع. بعد أن تتمكن المُتلقية من إنجاب طفل أو طفلين، فإنه سيتم إزالة الرحْم مرًة أخرى، وذلك لمنعها من البقاء على الأدوية المضادة للرفض بقية حياتها.
في حين أن زرع الأعضاء مستمر وموجود منذ عقود، إلا أن زرع الرحْم يُعتبر عمليةً جديدةً نسبيًا على الساحة. لأن وجود الرحْم لايُعتبر ضروري من أجل البقاء، ولذلك لا يُعتبر أولوية قسوى من قبل معظم الباحثين في مجال الطب على قدم المُساواة كأعضاء مثل الكبد والقلب.
ولكِن مع عشرات الآلاف من النساء في الولايات المتحدة الأمريكية الغير قادرات على إنجاب الأطفال بسبب عدم وجود رحْم، كان هنالك اهتمام قوي بالعملية.
في عام 2014، أصبحت امرأة من السويد هي الأولى التي تلد عن طريق رحْم مزروع بعد تلقيها التبرع من إمرأة تبلغ من العمر 61 عامًا، وفي نهاية سبتمبر أعلنت المملكة المتحدة أنها سوف تقوم بتنفيذ هكذا عمليات لـ10 نساء كجزء من التجارب الأولية.
سوف يُقدم الجراحون الأمريكيون في كليفلاند كلينيك (Cleveland Clinic) لـ10 نِساء عمليات زرع للرحْم في الأشهر المقبلة. بدأ بالفعل فحص المُرشحات المُحتملات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 21 و 30. جميع المُرشحات في حاجة إلى أن يكون المِبيَضين لازلن بحالتهما الجيدة، وتحتاج إلى أن تكون المرأة مستقرة عقليًا وماليًا.
يبدأ هذا الإجراء أولًا من خلال إسترجاع البيض من المِبيض في المرأة، ومن ثم تخصيبهم وبعدها تجميدهم إلى حين موعد عملية الزرع.
يقول العاملون في المستشفى للصحافة “بعد سنة واحدة من الزرع، يتم إذابة الأجنة المُجمدة وزرعها واحدة تلو الأخرى في المتلقية إلى أن تصبح حاملًا”.
بعد الولادة فإن المرأة سوف تكون قادرًة على الحفاظ بالرحْم في محاولةٍ مِنها لإنجاب طفلٍ آخر، أو يُمكنها إزالته.
يُوضِح دنيس جرادي (Denise Grady) لِصحيفة نيويورك تايمز (The New York Times) “إذا كانت لا تُريد أن تقوم بعملية جراحية لإزالَته، فإنه قد يكون من المُمكن إنهاء تناولها للأدوية والسماح للنظام المناعي برفض الرحْم، والذي ينبغي أن يذبل تدريجيًا مع الوقت”.
نتائج إجراء هذه التجارب حتى الآن لها نِسب متفاوتة في النجاح. الفريق السويدي قد أنجز تِسعة عمليات لزرع الرحْم، وأنتج خمسة أحمال، منها أربعة ولادات ناجحة. ولكن مُحاولات أُخرى تم إجرائِها في المملكة العربية السعودية وتركيا لم تكلل لها بِالنجاح.
التحدي الرئيسي يكمن في أن جهاز المناعة لدى المُتلقية يُريد رفض الرحْم، وهو ما يُحاول الأطباء تجنُبه وذلك مِن خلال استخدام الأدوية المختلفة والتي بدورها تقمع جهاز المناعة في الجسد. تحتاج المتلقية إلى أخذ تلك الأدوية بتواصل خلال فترة الحمل أيضًا.
كما يشرح جرادي “إزالة الرحْم في حد ذاتِه تُعتبر تحديًا أيضًا. يُمكن أخذ الرحْم من مُتبرع حي أو متوفي، ولكِن نظرًا لكمية الأوعية الدموية الدقيقة الموجودة في تلك المنطقة، فإنُه يعتبر عمل حساس”.
وُيضيف “على الجراحين إزالةُ جُزءٍ مِن المَهبِل وغيرها من الأنسجة في المُتبرعة واللازمة لربط الرحْم إلى المتلقية، وأيضًا يجبُ إزالة بعض الأوعية الدموية الصغيرة بعيدًا دون إلحاق الضرر بالمُتبرعة”.
بالإضافة الى ذلك، هنالك التحديات القياسية للإخصاب في المختبر (In Vitro Fertilization IVF)، والتي تتعلق بتخصيب بويضات المستقبلات ومن ثُم إعادة زرعِها.
لكِن المُستشفى يُوضِح أن المرأة المعنية سوف تكون على عِلم بجميع المخاطر، وبالنسبة للكثيرين مِنهُن فإنها تُمثل فُرصتهن الوحيدة لإنجاب طفل. كان لديهم بالفعل العديد من النساء المُهتمات لإجراء هذه التجارب.
يقول اندرياس تزاكس (Andreas Tzakis) وهو باحث في كليفلاند كلينك لصحيفة التلغراف (Telegraph) “أظهر العمل المثير للباحثين من السويد بأن عملية زرع الرحْم يمكن أن تؤدي إلى النجاح في إنجاب أطفال رُضع أصِحاء”.