اندهش علماء الفلك عند اكتشاف الكوكب الأكثر سخونة في الكون حتى الآن؛ الكوكب KELT-9b. أظهرت الأبحاث الجديدة أن هذا الكوكب، مع وجود بخار الحديد ومعادن أرضية نادرة في غلافه الجوي، ليس أسخن من أكثر النجوم فحسب، بل إن حرارته شديدة لدرجة أنه يتعرض لتمزق الجزيئات الموجودة في غلافه الجوي. ولا يشبه ذلك أي كوكب خارجي آخر.

أُعلن عن اكتشاف كوكب KELT-9b سنة 2016، لكن لم يُكشف عن درجة حرارته القصوى حتى العام التالي. الكوكب هو عملاق غازي تبلغ كتلته 3 أضعاف كتلة المشتري، يدور حول نجم ساطع يبعد 670 سنة ضوئية.

سجّل الكوكب درجة حرارة صادمة تبلغ 4300 درجة سيليزية على السطح المقابل للنجم. قال الفلكي جونتي هورنر Jonti Horner من جامعة كوينزلاند الجنوبية: «هذا أسخن من 80% على الأقل من جميع النجوم المعروفة».

هذا الكوكب القاسي شديد الحرارة يمزق غلافه الجوي - الكوكب الأكثر سخونة في الكون حتى الآن - الكوكب KELT-9b - مزق الجزيئات الموجودة في الغلاف الجوي

صُنف الكوكب بأنه مشتري فائق الحرارة ultra-hot Jupiter، وهو أسخن كوكب معروف حتى الآن. يدور حول نجمه، العملاق الأزرق المُسمى HD 195689 الذي تبلغ درجة حرارته 9900 درجة سيليزية، الذي يبدو أنشط كلما نظرنا إليه.

الاكتشافات الأحدث، التي أُجريت باستخدام ملاحظات تلسكوب سبيتزر Spitzer الفضائي -المتقاعد حاليًا- كانت غريبة للغاية؛ إذ وجد العلماء أن الجانب النهاري (المواجه للنجم) ساخن جدًّا، لدرجة أن جزيئات الهيدروجين لا تتماسك، بل تتمزق إلى ذرات. وتتحد فقط في البرودة النسبية، أي نحو 2300 درجة مئوية على الجانب الليلي للكوكب.

تُسمى هذه العملية تفكك الهيدروجين وإعادة تركيبه، تشبه الظاهرة المُكتشَفة سابقًا على كواكب المشتري فائقة الحرارة. سنة 2018، اكتشف العلماء أن الحرارة الشديدة على هذه الفئة من الكواكب تمزق أيضًا جزيئات الماء وأكسيد التيتانيوم وأكسيد الألومنيوم.

ومع أن KELT-9b يتبع تصنيفًا مختلفًا، قد تحدث ظاهرة تفكك الهيدروجين وإعادة تركيبه على كواكب أكثر برودة أيضًا.

صرحت عالمة الفلك ميجان مانسفيلد Megan Mansfield من جامعة شيكاغو: «هذا النوع من الكواكب شديد الحرارة، ويختلف عن أكثر الكواكب الخارجية الأخرى. بعض الكواكب الأخرى المُسماة المشتري الساخن والمشتري فائق السخونة لا تصل حرارتها إلى هذا الحد، لكنها ساخنة كفاية لحدوث هذا التأثير».

كان مرصد سبيتزر يعمل بالأشعة تحت الحمراء؛ أي أن بإمكانه قياس الإشعاع الحراري. استخدم الفريق هذه الخاصية لدراسة الكوكب بعناية في دورانه حول النجم، ومن ثم الحصول على سجل لدرجة حرارة.

مدار النجم ضيق للغاية، فقط 1.48 يوم (وهذا غريب؛ لبعض عمالقة الغاز مدارات أقرب، لكن ليس حول نجوم ساخنة مثل HD 195689). في هذه الحالة تكون الكواكب مُقيَّدة مديًّا tidally locked؛ أي أن أحد نصفي الكوكب يواجه النجم دائمًا، أما النصف الآخر ففي ليل أبدي.

لكن الغلاف الجوي يتحرك. وجد الباحثون أن الجانب الليلي من الكوكب ليس أبرد كثيرًا من الجانب النهاري، لأن الغلاف الجوي يوزع درجة الحرارة في أثناء تحركه حول الكوكب.

قالت مانسفيلد: «توجد تفسيرات أخرى ممكنة وإن لم تُأخذ تفكك الهيدروجين في الحسبان، مثل الرياح السريعة حقًّا، التي تبلغ 60 كيلومترًا في الثانية. لكن قد يكون ذلك مستبعدًا».

يفسر تفكك الهيدروجين ظواهر أخرى في كواكب المشتري فائقة الحرارة، مثل وجود أيونات الهيدروجين السالبة التي قد تكون سبب إعتام هذه الكواكب.
إنها نتيجة مثيرة للاهتمام، لكن الملاحظات تُظهر أيضًا أن الكثير من أسرار KELT-9b لم تُكتشَف بعد.

تمتلك الكواكب المقيدة مديًّا بقعًا ساخنة، وهي في حالة الكوكب KELT-9b مواجهة للنجم لكن منحرفة قليلًا. في كواكب المشتري الساخنة الأخرى، تسبب هذه الإزاحة نفّاثات الغلاف الجوي فائقة الدوران، التي تنقل الحرارة نقلًا غير متماثل، أما في حالة KELT-9b فالسبب الدقيق لذلك غير مُحدد بعد.

اقرأ أيضًا:

كوكب يتبخر بسرعة قياسية

اكتشاف كوكب جديد يافع، لكنه واقع في دوامة الموت

ترجمة: سرمد يحيى

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر