يسهل عليك معرفة أنك في علاقة مؤذية إذا بدأت تدرك أنك تتعرض للإساءة أو الإيذاء الجسدي أو العاطفي، ستأتي لحظة تدرك فيها ما تتعرض له وإن لم تكن مدركًا لذلك منذ البداية، ربما ستقلل من شأن ما تلقاه من سوء معاملة أو إيذاء، لكن بمرور الوقت ستشعر بوجود خطأ ما، ما سيجعلك تفكر في إنهاء العلاقة، لكنك ستجد صعوبة في فعل ذلك، وكل هذه دلائل وإشارات تخبرك بأنك في علاقة غير صحية، وإذا كنت حائرًا فستجد من حولك يلفتون نظرك إلى هذه الأمور، إذ إن الإساءة أو الإيذاء المتعارف عليه مرئي وجلي.

لكن ماذا لو لم تكن الإساءة أو الإيذاء في العلاقة أمرًا ملحوظًا؟ هل من الممكن أن تكون العلاقة «سامة» وإن لم يظهر فيها الإيذاء بوضوح؟

الإجابة نعم، بل إن هذا النوع من العلاقات قد يكون بنفس خطورة العلاقات المؤذية، إن لم يكن أخطر، إذ إنك لا تدرك ما يلحق بك من أذى بطيء، مثلما يموت الضفدع الذي لا يشعر بارتفاع درجة حرارة المياه القابع فيها حتى تصل إلى درجة الغليان، كذلك قد تقتلك العلاقة السامة ببطء داخليًّا، وتعيق نموك، وتقلل من ثقتك بنفسك. تنتشر بعض السموم في الجسم ببطء حتى تتمكن منه، وكذلك العلاقات السامة، فالخطر فيها خفي، ما يجعله خطِرًا للغاية.

5 علامات تدل على أنك في علاقة سامة - التعرض للإساءة أو الإيذاء الجسدي أو العاطفي - إيذاء الآخر دون وعي - الغيرة السلبية والعدوانية

لذا، من المهم أن تأخذ هدنة وتراجع علاقتك، ليس لتقييم الطرف الآخر بل لفحص ذاتك، فربما أنت من يجعل العلاقة سامة! ما يلي 5 إشارات تخبرك بأن العلاقة سامة:

1- إيذاء الآخر دون وعي

قد لا يكون الإيذاء مُتعمدًا، فربما تفعل ذلك دون قصد أو سوء نية، إذ نشأ الكثيرون منا معتادين على الاستخفاف بالأصدقاء والأشقاء ظنًّا أن هذه طريقة للتواصل، وخصوصًا الفتيان الذين ينعتون بعضهم بألفاظ مثل: حمقى، خاسرين، عاهرين، جبناء، وينتشر هذا في مرحلة المراهقة. أذكر أنني ناديت صديقتي مرة بلفظة «خنزيرة» بعد أن تناولت باقي الفاكهة في أثناء ذهابي إلى الحمام، بالطبع كنت أمزح، لكن مزاحي هذا جعلها تعاني اضطرابًا في الاكل لم أكن أعرف عنه شيئًا، كان أمرًا متفاقمًا رغم أنه كان مزاحًا في رأيي.

لا يتعلق الأمر بما تعني قوله، بل بما يعنيه لدى شريكك، وما الذي سيستوعبه منه ضمنيًّا، قد تكون عبارة مثل «مرحبًا أيها الغبي» جيدة لمصافحة بعض الأصدقاء لكنها مهينة في نظر آخرين، إضافةً إلى أن أي حوار أو سلوك يسلب المرء قيمته -مقصود أو غير مقصود- يُعَد اغتيالًا للشخصية، وقد يسبب بمرور الوقت شرخًا في العلاقة.

2- السيطرة دون علم

توجد أمثلة واضحة للسلوكيات المسطيرة التي قد يفعلها الطرف الآخر، مثل تطويقك، أو اتهامك بالتحدث الى أشخاص «لا ينبغي» لك محادثتهم، أو تعمد جعل الأصدقاء أو الأقارب يشعرون بعدم ارتياح عندما يزورونك، أو معاقبتك بإظهار الاشمئزاز من أمر ما، أو طلب تقرير عن أفعالك ومحاداثاتك، أو عدم السماح بممارسة أي نشاط لا يتواجد فيه شريكك، أو إخبارك بما يمكنك وما لا يمكنك ارتداؤه أو ما يمكنك وما لا يمكنك فعله.

لكن توجد سيطرة غير مباشرة، تلك التي تدفع الأشخاص لأفعال مرتبطة بالشعوره بالذنب، يفعل البعض ذلك دون أن يدري، يمكننا أن ندفع الناس إلى التغير متغاضين عمَّن هم وما مروا به من تجارب، أحيانًا دون قصد. ربما لا تضمر لهم شرًا، وربما تريد الأفضل لهم، لكن لا بد أن تعلم أن الجيد لك ليس بالضرورة جيدًا للآخرين، وأن رغباتك قد تختلف عن رغباتهم، وبعيدًا عن النية، فإن أي حوار أو سلوك يسلب المرء حقيقته وحريته -بقصد أو دون قصد- يُعَد سيطرة.

3- الغيرة السلبية (العدوانية)

ليس الشعور بالغيرة أمرًا خاطئًا أو سامًّا، فإذا كنت إنسانًا فلا بد أنك شعرت بالغيرة من قبل، لكن التصرف الناتج عن هذا الشعور هو ما قد يجعله سامًّا، إن الوضوح والتصريح بمشاعر الغيرة أمر جيد، لكن كيف يتصرف الشخص حيال ذلك؟ هل يناقش هذه المشاعر مع معالجه النفسي؟ أم أنه يلومك على ذلك؟ هل يريد منك أن تفعل شيئًا أو تغير من أمر ما حتى لا يُضطر إلى التعامل مع الشعور بعدم الأمان الذي يخالجه؟

إن فحص هاتفك ورسائل بريدك الإلكتروني دون معرفتك، والرغبة في معرفة مكان تواجدك في كل الأوقات وبرفقة من أنت الآن، وإخبارك بما يمكنك وما لا يمكنك ارتداءه، كلها سلوكيات غيورة، وكذلك الطاقة السلبية أو العبوس الذي يرتسم عليه لأنه يشعر بالغيرة من شيء أو شخص ما، وكذلك العدوانية السلبية، كأن يقول: «سأبقى في المنزل إذن». أو ابتعاده عنك أو معاقبته لك عقابًا غير مباشر بسبب ما يشعر به من غيرة، فهذا أيضًا سلوك غيور قد يجعل العلاقة سامة.

4- عدم تحمل المسؤولية

لا يمكننا دائمًا حل مشاكلنا بمفردنا، هذا طبيعي، لكن إذا لم نمتلك زمام حياتنا أبدًا فهذا سيحول العلاقة إلى علاقة غير متوازنة وسامة في نهاية المطاف، إذ إن تحمل المسؤولية هو ما يجعل العلاقات تنمو، فإذا لم يتول الشخص مسؤولية نفسه لن يتعلم أو ينضج، وسيظل يكرر أنماطًا لا غير. إذا لم تنمو العلاقة وتتطور وتتعمق دائمًا، فستصبح راكدة. والعلاقة الراكدة التي تظل تدور في دوائر، هي علاقة سامة.

5- الإغراق في السلبية

جميعنا يمر بفترات عصيبة، لكن إذا لم يبذل شريكك أي جهد ليلتقط فرصة للخروج من هذه الدائرة، فإنه سيسحبك إلى كهفه، لأنك أقرب شخص إليه، ما يحول العلاقة إلى علاقة سامة. كنت سابقًا شخصًا سلبيًّا جدَّا، واعتدت أن أشارك من أحبه تعاستي، لم يكن ذلك مقصودًا، ولم أكن أعرف الضرر الذي أُلحقه بالآخر، ولم أدرك كم أنه عبء ثقيل وغير عادل أن يتحمل المرء سلبية كهذه. أخذت الناس رهائن دون وعي أو معرفة بذلك، ومع مرور الوقت أصبحت علاقاتي سامة.

نحن مسؤولون عن سعادتنا، فإن لم نكن سعداء، لا بأس، لا أحد سعيد طوال الوقت، لكن يجب أن نعمل على ذلك بينما نحصل على الدعم من شريكنا، وألا نُحمِّل شريكنا المسؤولية، وإذا لم نكن نفعل شيئًا حيال سلبيتنا وسلوكنا وتفكيرنا وطاقتنا، فنحن نسبب لهم الأذى، وسواء كنا ذلك مقصودًا أم لا، فنحن نؤثر على جودة حياة شريكنا، ومع مرور الوقت، قد يجعل هذا الأمر العلاقة سامة.

ما سبق 5 تصرفات شائعة يفعلها أكثرنا في العلاقات، ومع ذلك ليست جلية لأكثرنا، وبما أنها لم تُكتشف، فإنها تنمو متحولةً إلى مرض. لذا اسأل نفسك عما إذا كان أي منها يحدث في علاقتك. والأهم من ذلك، ماذا أفعل لإيقافها الآن؟

اقرأ أيضًا

علماء تطور الشعور بالعار كآلية لحماية العلاقات الإجتماعية؟

يمكنِك إلقاء اللوم على أمِّك إذا كنتِ ما تزالين عزباء

ترجمة: فابيان أيوب

تدقيق: إبراهيم قسومة

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر