لاحظ العلماء حالة جديدة لإلكترونات المادة على المقاييس الكمية، تحدُث تلك الحالة عندما تتجمع الإلكترونات سويًا لتعبر خلال أشباه الموصلات ، وسيساعد هذا الاكتشاف على تطوير فهمنا وتطبيقاتنا للفيزياء الكمية.
تعد الحركة مفتاح تلك الحالة الكمومية الجديدة، فعند تمرير التيار الكهربائي في أشباه الموصلات أو المعادن، تتحرك الإلكترونات داخلها عادة ببطء وعشوائية، وإلى حد ما في اتجاه واحد، لكن ذلك يختلف في نوع خاص من الوسائط يعرف باسم الموصلات الباليستية؛ إذ إن الحركة فيها أسرع وأكثر انتظامًا.
تعرض الدراسة الجديدة كيف يمكن للإلكترونات أن تتجمع باستخدام أسلاك رفيعة جدًا من الوسط الباليستي المذكور، ما يخلق حالة كمومية جديدة مُشكَّلَة من الإلكترونات السريعة.
يقول الفيزيائي جريمي ليفي من جامعة بيتسبرغ : «عادة ما تتحرك الإلكترونات وتتبعثر في أشباه الموصلات والمعادن، وتنجرف في النهاية في اتجاه واحد إذا قمت بتمرير جهد كهربائي فيها، ولكن في الموصلات الباليستية، تتحرك الإلكترونات بطريقة أشبه بحركة السيارات على الطريق السريع.
يُظهر اكتشافنا أنه عندما تتمكن الإلكترونات من الانجذاب لبعضها البعض، فإنها تشكل حزمة من إلكترونين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة إلكترونات تسلك -حرفيًا- سلوك نوع جديد من الجسيمات، وتعطي شكلاً جديدًا من إلكترونات المادة».
يمكننا استخدام الموصلات الباليستية، لتوسيع المجالات الممكنة في الفيزياء الكلاسيكية والإلكترونيات، وقد صُنِّعَت أشباه الموصلات في تلك التجربة من اللانثانوم ألومينات وتيتانات السترونشيوم.
من المثير للاهتمام أنه عندما قاس الباحثون مستويات التوصيل، وجدوا أن الإلكترونات اتبعت نمطًا من أكثر الأنماط المعروفة في الرياضيات يسمى مثلث باسكال، فعند زيادة الموصلية، يزداد امتثال الإلكترونات للنمط الذي يطابق بدوره أحد صفوف مثلث باسكال؛ إذ يتبع ترتيب 1، 3، 6 وما إلى ذلك.
يقول ليفي: «لقد استغرق هذا الاكتشاف بعض الوقت لفهمه وذلك لأننا لم ندرك في البداية أننا ننظر لجزيئات مكونة من إلكترون، وإلكترونين، وثلاثة إلكترونات،…».
وفقًا للباحثين، فإن تلك الطريقة التي تتجمع بها الإلكترونات تشبه الطريقة التي ترتبط بها الكواركات معًا لتشكل النيوترونات والبروتونات، يمكن للإلكترونات في الموصلات الفائقة أن تتجمع بهذا الشكل أيضًا، أي تتجمع في أزواج معًا لتنظم الحركة.
قد تُعلمنا النتائج التي حصلنا عليها شيئًا عن التشابك الكمومي الذي يعد بدوره مفتاحًا لتقدم الحوسبة الكمومية والإنترنت الكمومي فائق السرعة.
وفقًا لليفي، يعد هذا مثالاً آخر لانعكاس ما عرفناه في فيزياء الكم -أهم الأعمال التي أُنجِزَت في العقود القليلة الماضية- باسم هندسة العالم.
يقول ليفي: « نبحث الآن في القرن الحادي والعشرين عن التنبؤات الغريبة لفيزياء الكم ونسعى لتسخيرها، إذا تحدثنا عن التطبيقات فإننا نفكر في الحوسبة الكمومية والانتقال الآني والاتصالات الكمية والاستشعار الكمومي، وتستخدم كل تلك الأفكار خصائص الطبيعة الكمومية للمادة».
اقرأ أيضًا:
تصنيع نوع من أشباه الموصلات المرنة
انجاز علمي ضخم: مهندسون يصممون رقاقات الكترونية تتصرف مثل خلايا الدماغ
تحكم بأجهزتك الالكترونية عن طريق جلدك
ترجمة: آية قاسم
تدقيق: سمية المهدي
