عمومًا نحتاج من الطاقة لتدفئة منزل أكثر مما نحتاج لتبريده لعدة أسباب، منها متوسط درجة الحرارة ومشاكل العزل والاختلاف بين طبيعة عمليتي التسخين والتبريد. يتفق أكثر الناس على أن دفع الفواتير يُعَد جزءًا مخيفًا من الحياة، خاصةً إذا كنت تعيش في منطقة باردة وتدفع فاتورة التدفئة في منتصف الشتاء. ومع أن من يعاني الطقس الحار يدفع هو الآخر فاتورةً كبيرة صيفًا، لكن تكلفة تبريد منزل هي عمومًا أقل من تكلفة تدفئته.

هذا التباين في التكلفة حير الناس لعقود، رغم تطور تقنيات التدفئة والتبريد وارتفاع كفاءة استغلال الطاقة.

يُعَد الغاز الطبيعي هو الوقود الأكثر انتشارًا في أنظمة التدفئة، وهو أرخص من الكهرباء ومصادر الوقود الأخرى، ما قد يدفع البعض إلى افتراض أن أنظمة التدفئة تكلف أقل من التبريد، لكن هذا غير صحيح. إذن لماذا تتطلب تدفئة المنزل طاقةً أكبر مما يتطلب تبريده؟

لماذا تتطلب التدفئة طاقة أعلى من التبريد؟ - نحتاج من الطاقة لتدفئة منزل أكثر مما نحتاج لتبريده - مشاكل العزل والاختلاف بين طبيعة عمليتي التسخين والتبريد

أنظمة التدفئة وتكييف الهواء

قبل أن نتعمق في الفروق الدقيقة بين التدفئة والتبريد، سنتناول بشيء من التفصيل أنظمة التدفئة، التي تشمل الأفران والغلايات والمضخات الحرارية والمدافئ والمواقد. وسنركز على الأفران furnaces وهي الأكثر شيوعًا في أمريكا الشمالية وأوروبا.

يشعل فرن الهواء الغاز الطبيعي أو البروبان في الموقد، ما يؤدي إلى تدفئة المبدل الحراري المتصل بالمداخن. ثم يُضَخ العادم الساخن عبر فتحات المنزل، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة جميع الغرف بفعالية.

حتى مع استخدام الغاز الطبيعي، يستهلك هذا النظام الكثير من الطاقة لتوليد درجة الحرارة المرتفعة والحفاظ عليها

أما أنظمة تكييف الهواء فتعمل أساسًا بالكهرباء، وهي نوع أقل كفاءة وأعلى كلفةً من الوقود. وبدلًا من استخدام الغاز الطبيعي مباشرة، يُحوَّل الغاز إلى كهرباء ثم يُستخدَم لتشغيل نظام تكييف الهواء، ما يخلف نفايات، ويسبب تكلفةً أكبر للمستهلك. ثم يسحب المكيف الهواء الساخن إلى خارج المنزل، ما يؤدي إلى تبديد الحرارة، ويُدخل إلى المنزل هواءً مُبردًا جديدًا.

يوجد اختلافات في التصميم والوظائف في كل من أنظمة التدفئة والتبريد، لكن ما سبق هي العمليات الأساسية التي ينطوي عليها النظامان.

تغير درجات الحرارة

وفق ما نعرفه عن كيفية عمل مكيفات الهواء وأجهزة التدفئة وأنواع الوقود المستخدمة في الحالتين، مازال ارتفاع تكلفة تدفئة المنزل على تكلفة تبريده أمرًا غامضًا. فلننظر -لتفسير الأمر- إلى التغيير في درجات الحرارة الذي يتطلبه كلا النظامين.

فمثلًا إذا كنت تعيش في واشنطن العاصمة، يكون متوسط درجة الحرارة العظمى صيفًا نحو 30 درجة مئوية (سيليزية)، بينما يبلغ متوسط درجة الحرارة الصغرى شتاءً نحو -2 درجة. يفضل أكثر الناس أن تكون درجة الحرارة عند درجة حرارة الغرفة أي نحو 23 درجة، ما يعني أنه لتحقيق 23 درجة صيفًا، يخفض تكييف الهواء درجة الحرارة بمقدار 7 درجات للوصول إلى درجة الحرارة المطلوبة.

أما شتاءً، فيرفع نظام التدفئة الحرارة بمعدل 25 درجة للوصول إلى درجة الحرارة المطلوبة. ويتطلب رفع درجة الحرارة بمقدار 25 درجة طاقةً أكبر مما يتطلبه خفض درجة الحرارة بمقدار 7 درجات.

مثال آخر: يبلغ متوسط درجات الحرارة صيفًا في لاس فيغاس نحو 40 درجة! أما شتاءً فهو نحو -1 درجة. ما يعني أنه للوصول إلى درجة حرارة الغرفة يخفض مكيف الهواء درجة الحرارة بمعدل نحو 17 درجة، أما في الشتاء فيرفع نظام التدفئة الحرارة بمعدل 24 درجة. وفي الولايات الشمالية قد لا يحتاج الناس إلى تشغيل مكيف الهواء مطلقًا، لكنهم يحتاجون إلى استخدام نظام التدفئة أكثر شهور العام.

لماذا تتطلب التدفئة طاقة أعلى من التبريد؟ - نحتاج من الطاقة لتدفئة منزل أكثر مما نحتاج لتبريده - مشاكل العزل والاختلاف بين طبيعة عمليتي التسخين والتبريد

عمومًا تكون المناطق الباردة مأهولة أكثر من الحارة، ما يعني أن على أنظمة التدفئة أن تعمل بجد وتحرق المزيد من الوقود للحفاظ على درجة حرارة مناسبة في فصل الشتاء. وتحتاج أنظمة التبريد إلى العمل بجد صيفًا في بعض المناطق، وقد تستخدم نوعًا أقل كفاءةً من الوقود، لكنها عمومًا تكلف أقل مما تكلفه التدفئة شتاءً.

النقل مقابل التدفئة

فرق جوهري آخر بين التدفئة والتبريد في العملية ذاتها. تتطلب التدفئة وجود آلية لتوليد الحرارة، ما يتطلب قدرًا كبيرًا من الطاقة، إذ لا يمكن الحصول على هواء دافئ من البيئة لكن يجب إنشاؤه.

تحول أنظمة التدفئة -التي تعمل بالكهرباء- الغاز إلى طاقة كهربية ثم إلى طاقة حرارية، وهي عملية مُهلكة للموارد. أما التبريد فيتطلب وجود آلة تخرج الهواء الساخن من الغرفة وتستبدل به هواءً باردًا في دورة فعالة. يشبه هذا طريقة عمل بعض المضخات الحرارية المستخدمة في التدفئة، لكنها لا تُستخدم على نطاق واسع لانخفاض فعاليتها في الطقس البارد.

حققت أنظمة HVAC لتكييف الهواء خطوات أكبر في كفاءة استخدام الطاقة مقارنةً بأنظمة التدفئة، وذلك لطبيعة وظيفتها الأساسية. يمكن الاستفادة كثيرًا من أنظمة التدفئة عبر العزل الفعّال في جميع أنحاء المنزل كالنوافذ المزدوجة، وعزل السقف والجدران والعلية، والسد المحكم لجميع الأبواب والفراغات.

لكن حتى مع منزل محكم الإغلاق، يُفقد قدر من الحرارة حتمًا، ما يتطلب مزيدًا من الطاقة للتدفئة. من ناحية أخرى، قد يساعد فتح الباب في يوم حار في أثناء تشغيل تكييف الهواء على استقرار درجة الحرارة المطلوبة بسرعة أعلى وجهد أقل.

خاتمة

تختلف تكلفة التدفئة والتبريد حسب المكان الذي تعيش فيه، لكن عمومًا ستكلفك التدفئة أكثر بكثير مما يكلفه التبريد. وذلك بسبب الحاجة إلى التغلب على درجات الحرارة المنخفضة في المناطق المأهولة بالسكان، والاختلاف الفيزيائي بين تدفئة الهواء ونقله.

تتطلب أنظمة التدفئة ببساطة طاقةً أعلى حتى لو أردت تدفئة مساحة محدودة، إلى جانب ضمان عزلها عزلًا صحيحًا. لذلك عندما تحتسب نفقاتك، لا تتعجب عندما تجد فواتير الشتاء أعلى من فواتير الصيف!

اقرأ أيضًا:

عشر طرق لجعل بيتك اكثر دفئا في الشتاء ، و بكلفة اقل ! فما هي ؟

كيف يحافظ جسمك على ثبات درجة حرارته؟

ترجمة: الزهراء عمر

تدقيق: سلمى توفيق

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر