بعد أن كان استخدام المكملات الغذائية في البداية مقتصرًا على ممارسي رياضة كمال الأجسام، أصبح الآن شائعًا بين العديد من الأشخاص العاديين جزءًا من العناية بالصحة واللياقة البدنية. مع النمو المطرد لهذه الصناعة، امتد تسويق البروتين في صوره المختلفة (مخفوق أو مسحوق أو قطع أو أقراص) ليستهدف الأفراد العاديين من مرتادي صالات الألعاب الرياضية باعتباره عاملًا أساسيًّا للحصول على اللياقة البدنية.

كشفت دراسة حديثة أن نصف مرتادي صالات الألعاب الرياضية يستهلكون المكملات البروتينية جزءًا من التمرين. في حين يُعَد البروتين مغذيًّا أساسيًا لجسم الانسان لا يمكن الاستغناء عنه، قد لا تكون هذه المكملات بالأهمية التي يُروَّج لها.

البروتين عنصر أساسي لا يمكن العيش بدونه، تحتوي كل خلية في أجسامنا على البروتين مركبًا أساسيًّا. يستخدم الجسم البروتينات في بناء الأنسجة وإصلاحها، ومصدرًا للطاقة، وفي بناء الهرمونات والإنزيمات المختلفة.

هل أنت حقًّا في حاجة إلى مخفوق البروتين بعد التمرين؟ إليك رأي العلم - استخدام المكملات الغذائية - العناية بالصحة واللياقة البدنية

يلجأ البعض إلى تناول المكملات الغذائية المحتوية على البروتين من أجل نمو العضلات وفقدان الوزن وتعزيز أداء الجسم أثناء التمارين وزيادة قدرته على التعافي. ويتضح وجود علاقة وطيدة بين زيادة استهلاك البروتين ونمو العضلات وقوتها، حين يكون الأمر جزءًا من برنامج رياضي.

احتدم النقاش بين العلماء لسنوات حول كمية البروتين التي يجب تناولها، والتوقيت المناسب لذلك، والصورة الأمثل لتناوله (شراب مخفوق البروتين مثلًا). وفق أغلب الآراء حاليًا، تزيد احتياجات الجسم للبروتين لدى ممارسي التمارين الرياضية المكثفة، تبعًا لأهدافهم من تلك التمارين.

لكن لا يحتاج الجميع إلى تناول غذاء عالي البروتين، فمثلًا يحتاج شخص يزن 70 كيلوجرامًا إلى 56 جرامًا من البروتين يوميًّا، أو 0.8 جرام بروتين لكل كيلوجرام من وزن الجسم.

‏أما من يسعون إلى زيادة اللياقة البدنية وبناء العضلات والتعافي سريعًا بعد التمارين، فيحتاجون إلى تناول 1.4 – 2 جرام من البروتين لكل كيلوجرام من وزن الجسم يوميًّا، ‏أي أن شخصًا يزن 70 كيلوجرامًا يحتاج في اليوم الواحد إلى 98 – 140 جرامًا من البروتين، ليتمكن الجسم من إصلاح الأنسجة التالفة نتيجة التمرين وإسراع التعافي.

‏يحفز ‏تناول البروتين مع ممارسة رياضة رفع الأثقال تصنيع بروتين العضلات، وهي عملية حيوية تحدث طبيعيًّا لإنتاج أنسجة عضلية جديدة بدل الأنسجة التي تعرضت للتلف في أثناء التمرين. يعزز ‏تناول البروتين ‏هذه العملية سواءً كان قبل التمرين أم بعده. لذا ‏أصبح تناول مخفوق البروتين أمرًا شائعًا بعد التمرين، لكن هل من الضروري حقًّا تناوله؟

التأثير العضلي الكامل

ما زالت كمية البروتين المطلوب تناولها في الوجبة الواحدة محل خلاف بين العلماء. يرى أكثر العلماء أن الجسم يحتاج إلى 20 – 25 جرامًا من البروتين، أو ما يعادل ملعقة من مسحوق البروتين الموجود في أكثر الأنواع التجارية، أو 100 جرام من لحم الدجاج بدون شحوم، وهي الكمية المناسبة لتصنيع بروتين العضلات. وما زاد عن ذلك يدخل في إنتاج الطاقة أو يُخرج في البول.

‏تُسمى النقطة التي يبلغ فيها الجسم الحد الأقصى لتصنيع بروتين العضلات: التأثير الكامل للعضلة muscle full effect. ‏إذ يرتفع معدل تصنيع بروتين العضلات ليبلغ أقصاه بعد 90 – 120 دقيقة من تناول البروتين، بعدها يعود إلى المعدل الطبيعي (رغم وفرة الأحماض الأمينية بالدم)، وهو ما يحفز تصنيع بروتين العضلات بشكل أكبر.

لهذا اقترح البعض أن كمية محدودة من البروتين هي ما تستطيع العضلة الاستفادة منها في الوجبة الواحدة، وأنه يجب أن نعطي الوقت الكافي للأحماض الأمينية لتستعيد مستوياتها الطبيعية في الدم قبل الوجبة التالية.

‏ ‏توصل العلماء إلى هذه الملاحظة من طريق الأبحاث التي أُجريت على بروتين مصل اللبن whey protein، الذي يتميز ‏بأن الأحماض الأمينية التي يحتويها تصل سريعًا إلى ذروة مستوياتها في الدم بعد تناول البروتين، لذلك يُعَد بروتينًا سريع المفعول fast-acting protein.

‏أظهرت الأبحاث أيضًا أن بروتين اللبن milk protein (الذي يحتوي بروتينات سريعة وبطيئة المفعول معًا) لديه القدرة على استمرارية تصنيع بروتين العضلات، وذلك لبطء إفراز الأحماض الأمينية، ما يضع فرضية التأثير الكامل للعضلة محل تساؤل.

‏قد يكون (التأثير الكامل للعضلة) خاصيةً حصرية لبروتين مصل اللبن whey protein بسبب سرعة امتصاصه. ومع أن استهلاك الأحماض الأمينية لإنتاج الطاقة يزداد بزيادة كمية البروتين عن 20 جرامًا في الوجبة، لا ينطبق ذلك على كل أنواع البروتين.

‏لذا ‏فإن تناول 20 جرامًا من البروتين في الوجبة الواحدة قد لا يمثل هدرًا، خاصةً إذا كنت تتناول أطعمةً صحية من مصادر متنوعة إلى جانب مخفوق بروتين مصل اللبن.

لذلك يوصي الخبراء بتناول 0.25 جرام من البروتين لكل كيلوجرام من وزن الجسم (أي 20 – 40 جرامًا) في الوجبة الواحدة، باعتبارها كميةً مثالية لأغلب الأشخاص، وأكثر قليلًا من الكمية المطلوبة لتحفيز بناء بروتين العضلات.

‏تُستخدَم مكملات البروتين أيضًا للمساعدة على خسارة الوزن حين تكون جزءًا من حمية منضبطة السعرات الحرارية calorie-controlled diet، إذ يعزز بروتين مصل اللبن إفراز الهرمونات التي تؤدي إلى تقليل الشهية وزيادة الشبع، ما يقلل من الرغبة في تناول الطعام أو الوجبات الخفيفة. أيضًا تحافظ ‏مكملات ‏بروتين مصل اللبن whey protein supplements على العضلات في أثناء الحمية الغذائية وخسارة الوزن، وعلى استمرار عملية الأيض الغذائي.

لكن الدراسات أظهرت أن تأثير الحمية الغذائية الغنية بالبروتين التي تضمنت الاعتماد على مكملات البروتين لم تختلف كثيرًا في تأثيرها عن تلك التي لم تحتوِ أي مكملات، ما يعني أن فوائد المكملات البروتينية تنحصر في سهولة استخدامها فقط.

‏ربما كانت الحمية الغذائية الغنية بالبروتين طريقةً أفضل لخسارة الوزن، والمثير للدهشة أن العديد من توصيات زيادة نمو العضلات تدعم أيضًا خسارة الوزن، من طريق تناول 1.2 – 1.6 جرامًا من البروتين لكل كيلوجرام من وزن الجسم (25 – 30 جرامًا من البروتين) في الوجبة الواحدة، سواءً كان مصدر البروتين طعامًا صحيحًا أم المكملات.

‏إذن، هل حقًا نحتاج إلى مكملات البروتين من أجل لياقة بدنية أفضل؟ غالبًا لا، إذ يوصي الخبراء باستهلاك الأطعمة الكاملة من مصادرها الطبيعية متى سنحت الفرصة. لكن إذا أتاح مكمل البروتين لك الحصول على احتياجك اليومي من البروتين، فلا بأس بذلك.

اقرأ أيضًا:

ما سبب ألم العضلات بعد التمرين؟ وما الذي يمكنك فعله حيال ذلك؟

هل يمكنك تحويل الدهون إلى عضلات عن طريق ممارسة التمارين؟

ترجمة: أحمد عياد

تدقيق: بدر الفراك

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر