الحالة الصرعية Status epilepticus (SE) هي حالة شديدة من نوبات الصرع. يُصاب من يعانون الصرع عادةً بنوبات على فترات زمنية متساوية، وتنتهي الأعراض بانتهاء مدة النوبة، أما الحالة الصرعية فهي نوبة صرعية لا تتوقف، أو تتلاحق في فترات متقاربة فلا يتمكن المصاب من التعافي منها. وتُعَد الحالة الصرعية الدرجة القصوى من الصرع، وقد تدل على اضطراب دماغي خطير كالسكتة الدماغية، أو التهاب النسيج الدماغي. ووفقًا لإحصاء عام 2012 تصيب الحالة الصرعية 41 من كل 100 ألف شخص سنويًّا.
تغيير التعريف
وُضع تعريف جديد للحالة الصرعية سنة 2015 ضمن مراجعة لتصنيف أنماط الصرع، لتسهيل تشخيص النوبات وتدبرها.
لم تتضمن التعريفات السابقة نقاطًا زمنية تحدد الوقت اللازم لبدء معالجة الحالة الصرعية، ولا الفترة التي يُرجح ظهور الآثار الجانبية طويلة الأمد أو المضاعفات بعدها.
الحالة الصرعية وفق التعريف الجديد:
حالة تنتج إما عن فشل الآلية المسؤولة عن إيقاف النوبة الصرعية، أو عن بدء آليات تسبب نوبات صرعية شاذة مطوّلة (بعد النقطة الزمنية الأولى). وهي حالة قد تسبب عواقب طويلة الأمد (بعد النقطة الزمنية الثانية) وتشمل موت العصبونات، وأذى عصبي، وتبدل في الشبكات العصبية، ويتوقف ذلك على نمط ومدة النوبة.
النقطة الزمنية الأولى هي التي يجب بدء العلاج عندها، والنقطة الزمنية الثانية هي التي قد تتطور بعدها المضاعفات طويلة الأمد. وتختلف هاتان النقطتان حسب كون النوبات اختلاجية أم لا.
الحالة الصرعية الاختلاجية وغير الاختلاجية
الحالة الصرعية الاختلاجية هي النوع الأكثر شيوعًا للحالة الصرعية، وتحدث عندما يعاني المصاب نوبات توترية رمعية مطولة أو متكررة. وهي نوبة صرعية شديدة قد تسبب ما يلي:
- فقدان مفاجئ للوعي.
- تيبس العضلات.
- ارتعاشات سريعة في الذراعين أو القدمين.
- فقدان التحكم في المثانة.
- عض اللسان.
وتحدث الحالة الصرعية الاختلاجية عند:
- استمرار النوبة التوترية الرمعية مدة خمس دقائق أو أكثر.
- دخول الشخص في نوبة ثانية قبل أن يتعافى من النوبة الأولى.
- دخول الشخص في نوبات متكررة مدة 30 دقيقة أو أكثر.
في التعريف الجديد للحالة الصرعية تكون النقطة الزمنية الأولى بعد خمس دقائق، والنقطة الزمنية الثانية بعد 30 دقيقة.
تحدث الحالة الصرعية غير الاختلاجية عندما:
- يعاني الشخص غيبة طويلة أو متكررة، أو نوبات بؤرية (نوبات الصرع الجزئي المركب).
- يعاني الشخص تشوشًا، أو يكون غير مدرك لما يجري من حوله ولكنه ليس فاقدًا للوعي.
يصعب تمييز الحالة الصرعية غير الاختلاجية مقارنةً بأعراض الحالة الاختلاجية. ولم يضع المجتمع الطبي إلى الآن نقاطًا زمنية محددة لبدء العلاج، أو الوقت الذي يرجح عنده بدء حدوث مضاعفات طويلة الأمد.
الأسباب
وفقًا لمؤسسة الصرع Epilepsy Foundation، لا يتجاوز المصابون بالصرع 25% من الأشخاص الذين يمرون بنوبات صرعية أو بالحالة الصرعية، لكن يمر 15% من الأشخاص المصابين بالصرع بنوبة الحالة الصرعية في وقت ما، وتحدث عادةً عندما لا تسيطر الأدوية على الحالة كما يجب.
تصيب أكثر حالات الحالة الصرعية الأطفال دون 15 عامًا -خاصة الأطفال الصغار الذين يعانون حمى شديدة- أو البالغين فوق الأربعين، إذ تؤدي السكتة الدماغية في المراحل المتقدمة من العمر إلى الحالة الصرعية.
من الأسباب الأخرى الممكنة للحالة الصرعية:
- انخفاض سكر الدم.
- فيروس HIV (الإيدز).
- إصابة الرأس.
- التعاطي المفرط للكحول أو المخدرات.
- فشل الكلية أو الكبد.
التشخيص
يطلب الطبيب التحاليل التالية:
- تحليل مستوى الغلوكوز والشوارد.
- التعداد الكامل لعناصر الدم.
- اختبار وظائف الكبد والكلى.
- تحري السموم.
- اختبار غازات الدم الشريانية.
وقد يطلب أيضًا:
- التخطيط الكهربي للدماغ.
- زراعة لجراثيم الدم.
- تحليل البول.
- صورة أشعة مقطعية CT أو التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ.
- صورة للصدر بالأشعة السينية.
يصعب تشخيص الحالة الصرعية غير الاختلاجية، إذ يحدث خلط بينها وبين حالات أخرى مثل الذهان أو التسمم بالمخدرات.
علاج الحالة الصرعية
يعتمد علاج الحالة الصرعية على وجود المصاب في المشفى أو المنزل.
الخط الأولي للعلاج في المنزل:
- التأكد من حماية الرأس.
- إبعاد المريض عن أي خطر محتمل.
- إجراء الإنعاش عند الضرورة.
- إعطاء الأدوية الإسعافية حال وجود شخص مدرب، مثل الميدازولام (باستخدام قطارة أنفية أو في باطن الخد)، أو الديازيبام (في صورة جيل في المستقيم).
ويجب طلب الإسعاف في الحالات التالية:
- إذا كانت النوبة الأولى.
- إذا دامت النوبة أكثر من خمس دقائق (إلا إذا كانت النوبات تدوم عادةً وقتًا أطول).
- عند حدوث أكثر من نوبة توترية رمعية في تتابع سريع دون فترات تعافي بينها.
- إذا تعرض الشخص لإصابة.
أو أي سبب آخر يتطلب الرعاية الطبية الإسعافية.
العلاج في المشفى:
الخط الأولي للعلاج في المشفى يشمل غالبًا:
- تراكيز عالية من الأوكسجين يليها التنبيب.
- تقييم الوظيفة القلبية والتنفسية.
- إعطاء الديازيبام أو اللورازيبام وريديًّا لإخماد النوبة.
يمكن إعطاء فينوباربيتال أو فينيتوين وريديًّا لإخماد النشاط الكهربي للدماغ والجهاز العصبي إذا لم يعط اللورازيبام النتيجة المرجوة.
إلى جانب إجراء الاختبارات الإسعافية الضرورية، مثل غازات الدم، والوظيفة الكلوية، والوظيفة الكبدية، ومستويات الأدوية المضادة للصرع في الدم، ومستويات الكالسيوم والمغنيسيوم.
المضاعفات
يتعرض المصابون بالحالة الصرعية لخطر حدوث ضرر دائم بالدماغ والوفاة. أيضًا يتعرض المصابون بالصرع بدرجة أقل لخطر الموت المفاجئ في نوبة الصرع (SUDEP)، فوفقًا لإحصاءات Mayo Clinic يلقى سنويًّا نحو 1% من المصابين بالصرع مصرعهم فجأة.
نصائح لتدبير الحالة الصرعية
تُعَد الحالة الصرعية حالة طبية إسعافية، ويجب أن يشرف على العلاج طبيب متخصص، ولكن بوسع أي شخص إعطاء الأدوية الإسعافية ما دام مدربًا على ذلك.
يجب أن يكون لكل مصاب بالصرع خطة رعاية فردية مع خطة للعلاج الإسعافي، يُذكر فيها:
- وقت تناول الدواء.
- الجرعة المطلوبة.
- الخطوات المطلوب إجراؤها بعد النوبة.
يجب أن يشارك المريض في وضع الخطة العلاجية مع الطبيب أو الممرضة، ما يعني موافقته الضمنية عليها.
الخلاصة
لا يحتاج الشخص إلى تدخل طبي إذا كانت نوباته تدوم أكثر من خمس دقائق عادةً وتنتهي دون تدخل. ومن الضروري وضع خطة للرعاية الإسعافية إذا سبق تعرض الشخص لنوبات أطول تتطلب أدويةً إسعافية.
اقرأ أيضًا:
دواء لعلاج الصرع مشتق من الماريجوانا في طريقه للأسواق
ترجمة: ليلان عمر
تدقيق: محمد حسان عجك
مراجعة: أكرم محيي الدين