كان تعريف الحياة وما زال محل جدل بين العلماء والفلاسفة لمئات إن لم يكن آلاف السنين، فبينما من السهل التعرف على الحياة بعناصرها المعروفة وهي الحركة والتنفس الإفرازات والتكاثر والشعور والنمو، فمن الصعب إيجاد تعريف للحياة، على سبيل المثال، تستطيع الطابعة ثلاثية الأبعاد إعادة إنتاج نفسها لكننا لا نطلق عليها وصف الحياة، على الجانب الآخر نطلق وصف الحياة على البغل مع كونه مشهورًا بالعقم.

بين أكثر من مئة تعريف للحياة يبدو أحد هذه التعريفات أفضل نسبيًا من غيره، وهو وصف الحياة بأنها «نظام كيميائي قادر على استبقاء نفسه وعلى التطور الدارويني».

يظهر أثر غياب تعريف واضح للحياة عند البحث عن حياة في الفضاء الخارجي، فعدم قدرتنا على صياغة تعريف محدد للحياة بخلاف التعريف المشهور «سأعرفها عندما أراها» يعني أننا نقتصر في بحثنا عن الحياة على الصور الأرضية والإنسانية المألوفة لدينا، وغالبًا ما نتصور الفضائيين على أنهم شبيهون للبشر.

هل تعيش بيننا مخلوقات أخرى غير مرئية - إيجاد تعريف للحياة - الحياة الفضائية قد تتخذ أشكالًا عديدة يصعب ملاحظتها - هل توجد كائنات فضائية

قالت الكيميائية وأول رائدة فضاء بريطانية هيلين شارمان من كلية لندن الإمبراطورية نظرية مفادها إن الحياة الفضائية قد تتخذ أشكالًا عديدة يصعب ملاحظتها وربما تكون موجودةً بيننا.

شاهد الفيديو

الحياة كما لا نعرفها

شاهد الفيديو

تعتقد شارمان بوجود أشكال أخرى من الحياة ولا يساورها شك حيال ذلك، بل تذهب أبعد من ذلك وتتساءل بقولها «هل هي مثلنا، مصنوعة من كربون ونيتروجين؟ ربما لا، ربما كانت بيننا بصورة لا نستطيع إدراكها».

يمكن وجود مثل هذا النوع من الحياة في «محيط حيوي متوارٍ»، ولا نعني بذلك شيئًا شبيهًا بالأشباح لكن كائنات لها كيمياء حيوية مختلفة، ما يعني أننا لا نستطيع دراستها ولا ملاحظتها لأنها خارج مجال إدراكنا، وبافتراض وجود هذا الشكل من الحياة ففي الغالب ستكون على المستوى الميكروسكوبي.

لا يمكن إنتاج إلا عدد صغير من الميكروبات في المعمل، ما يحجم قدرتنا على دراسة العوالم الميكروسكوبية، ويعني بالتالي أنه من المحتمل أننا لم نتعرف على الكثير من أشكال الحياة، وبالرغم من أننا نستطيع الآن إنتاج سلاسل من الـ DNA لميكروبات غير مزروعة معمليًا إلا أننا فقط نستطيع التعرف على الحياة التي نعرفها، أي تلك التي تحتوي على الـ DNA.

حتى إذا وجدنا ذلك المحيط الحيوي فمن غير المؤكد أننا نستطيع تسميته بالفضائي، إذ يعتمد ذلك على ما إذا كنا نعني حياة «ذات أصل فضائي» أو ببساطة «غير مألوفة لدينا».

حياة أساسها السيليكون

يشكل السيليكون مع الحديد والماغنسيوم والأكسجين حوالي 90% من كوكب الأرض، لذلك ليس من المستغرب أن يُطرح السيليكون كبديل للكربون كأساس لبناء الحياة.

يشبه السيليكون الكربون من ناحية امتلاكه لأربعة إلكترونات متاحة لتكوين روابط مع الذرات الأخرى، لكنه أثقل بسبب امتلاكه لأربعة عشر بروتونًا مقارنةً بستة بروتونات في ذرة الكربون وهذا ما يتيح للكربون تأسيس روابط ثنائية وثلاثية ليشكل سلاسل طويلة مفيدة لوظائف متعددة، مثل بناء جدران الخلايا بينما تكون مثل تلك السلاسل القوية غير مستقرة في حالة السيليكون.

علاوة على ذلك، تفتقر مركبات السيليكون مثل السيليكا أو أكسيد السيليكون لقابلية الذوبان في الماء في درجات الحرارة الأرضية بينما تمتلك مركبات الكربون مثل أكسيد الكربون خاصية الذوبان في الماء، ما يعني تنوعًا جزيئيًا أكبر.

يجادل المعارضون لنظرية تَشَكُّل حياة أساسها السيليكون بأن معظم السيليكون على كوكب الأرض حبيس الصخور، وفي الواقع يقوم التركيب الكيميائي للحياة على الأرض على عناصر الأكسجين والهيدروجين والكربون.

إذ تشكل هذه العناصر 98% من الذرات الحيوية وتشكل تلك العناصر النسبة الأغلب من مكونات الشمس، لذا فالرد على المعارضين يكون بأنه كما تشكلت الحياة على الأرض من مواد ليست هي الغالبة على تركيبتها، فيمكن تَشَكُّل الحياة القائمة على السيليكون في مكان آخر لا يكون السيليكون فيه العنصر الغالب.

لم تخلُ نظرية الحياة القائمة على السيليكون من أنصار، فمنذ عدة سنوات استطاع علماء من معهد كاليفورنيا للتقنية إنتاج بروتين بكتيري يشكل روابط مع السيليكون، ما يعني بث الحياة في السيليكون بشكل أو بآخر.

تفتح تلك التجربة الباب للتفكير خارج الصندوق فيما يتعلق بأشكال الحياة غير المعتمدة على الكربون، التي من الممكن أن تتواجد في أماكن أخرى في الفضاء، مثل القمر تيتان أو كواكب تدور حول شموس أخرى، ومن الضروري أن نثمّن كون الأرض تحتوي على شكل الحياة الوحيد المعروف في الكون، ومن الضروري كذلك حماية هذه الحياة من التأثيرات الضارة سواء القادمة من كوكب الأرض أو من خارجه.

عودةً إلى السؤال الأصلي، هل من الممكن أن توجد حياة أخرى بيننا؟ لا أعتقد أن حياة أخرى زارتنا لها القدرة على قطع المسافات الشاسعة في الفضاء، لكن لدينا دليل على وصول جزيئات كربونية مُشكِّلة للحياة على متن النيازك، لذلك فمن غير المستبعد أن تتواجد أشكال أخرى للحياة سواء على كوكب الأرض أو في الفضاء الخارجي.

اقرأ أيضًا:

هل يجد علماء الفلك حياة على كوكب خارج المجموعة الشمسية ؟

أين هي الحياة خارج الأرض؟ أقوى ست فرضيات لتفسيرها

ترجمة: أحمد جمال

تدقيق: سلمى عفش

المصدر