ما هو العلاج المعرفي السلوكي ؟

العلاج المعرفي السلوكي هو طريقة للتحدث عن:

  •  أفكارك عن نفسك وعن العالم وعن بقية الناس.
  •  كيف يؤثر ما تفعله على أفكارك ومشاعرك.

يمكن للعلاج المعرفي السلوكي أن يساعدك في تغيير طريقة تفكيرك (معرفي) وتغيير تصرفاتك (سلوكي)، ويمكن أن تساعدك هذه التغييرات على أن تشعر بتحسن، وعلى عكس بعض العلاجات الكلامية الأخرى يركز العلاج المعرفي السلوكي على المشاكل والصعوبات التي تحدث «هنا والآن»، فبدلًا عن التركيز على مسببات الضيق أو الأعراض التي حدثت في الماضي، يبحث عن طرق لتحسين حالة ذهنك الآنية.

متى يكون العلاج المعرفي السلوكي مفيدًا؟

اتضحت فائدة العلاج المعرفي السلوكي في علاج أنواع مختلفة من المشاكل مثل: القلق والاكتئاب والهلع والرهاب (يشمل الرهاب الاجتماعي ورهاب الميادين) والتوتر والنُهام واضطراب الوسواس القهري واضطراب ما بعد الصدمة والاضطراب ثنائي القطب والذهان. ومن الممكن أن يساعد أيضًا في علاج مشاكل الغضب وانخفاض تقدير الذات والمشاكل الصحية الجسمانية كالألم والإجهاد.

كيف يعمل العلاج المعرفي السلوكي؟

يمكن للعلاج المعرفي السلوكي أن يساعدك على فهم المشاكل المنهكة عن طريق تفكيكها الى أجزاء أصغر، وهذا ما يسهل فهم كيفية ترابطها وكيفية تأثيرها على صاحبها، والأجزاء هي:

  •  الموقف: وهو مشكلة أو حدث أو موقف صعب.
  •  أفكار.
  •  مشاعر.
  •  أحاسيس جسمانية.
  •  أفعال.

تؤثر كل نقطة من النقاط المذكورة بالبقية وتتأثر بغيرها، فمثلًا يمكن لطريقة تفكيرك في مشكلة ما أن تؤثر بمشاعرك وأحاسيسك الجسمانية، كل هذه النقاط يمكن أن ترتبط كما في الشكل التالي:

العلاج المعرفي السلوكي: كيف يعمل وما مدى فعاليته؟ - تغيير طريقة تفكيرك (معرفي) وتغيير تصرفاتك (سلوكي) - أحد أهم الأساليب العلاجية في العلاج النفسي

يؤثر ما يحدث في كل من الجوانب المذكورة بما يحدث في الاخرى ويتأثر بها. هناك طرق مفيدة وغير مفيدة أو ضارة للتفاعل مع معظم المواقف، وتعتمد طرق الاستجابة هذه على طريقة تفكيرك، فإما أن تكون مفيدة أو ضارة.

مثال – الموقف

تمر بيوم سيئ يجعلك منزعجًا، فتذهب للتسوق، وفي الطريق يصادفك شخص تعرفه لكنه على ما يبدو يتجاهلك، يثير هذا الموقف سلسلة من:

أدى نفس الموقف إلى نتيجتين مختلفتين بحسب كيفية التفكير بالموقف، إذ أثرت كيفية تفكيرك بالموقف على إحساسك، الذي أثر بدورة على فعلك، ففي المثال جعلك العمود الأول تقفز إلى استنتاج دون دليل كافٍ، وهذا مؤثر لأنه أدى إلى:

  •  الإحساس بعدد من الأحاسيس غير المريحة.
  •  التصرف بطريقة تزيد من شدة هذه الاحاسيس.

إذا ذهبت الى المنزل وأنت تشعر بالاكتئاب فمن الممكن أن تستذكر ما حدث، ما يزيد شعورك سوءًا، أما إذا اتصلت بذلك الشخص، فهناك فرصة جيدة للشعور بالرضا عن نفسك.

إذا تجنبت هذا الشخص، لن تكون قادرًا على تصحيح أي سوء فهم يتعلق بما يعتقده عنك، وهذا قد يزيد شعورك سوءًا.

من الممكن لهذه الحلقة المفرغة أن تزيد شعورك سوءًا، وقد تقودك إلى موقف جديد يشعرك بالسوء، من الممكن أن تبدأ بالاعتقاد بأشياء غير واقعية (ومزعجة) عن نفسك، لأننا عندما نكون منزعجين وبائسين نكون أكثر عرضة للقفز إلى استنتاجات تفسر الأمور بطريقة متطرفة ضارة.

يمكن للعلاج المعرفي السلوكي أن يساعدك على كسر هذه الحلقة المفرغة من تغير التفكير والإحساس والتصرف، فعندما تكون قادرًا على تمييز أجزاء هذه السلسلة بوضوح تصبح قادرًا على تغييرها، ثم تغيير شعورك؛ إذ يهدف العلاج المعرفي السلوكي إلى إيصالك إلى نقطة يمكنك فيها مساعدة نفسك بنفسك وإيجاد طرقك الخاصة في التعامل مع هذه المشاكل.

ماذا يتضمن العلاج المعرفي السلوكي؟

الجلسات

يمكنك حضور جلسات فردية أو ضمن مجموعة، وحتى عن طريق كتاب مساعدة ذاتية أو برنامج حاسوب (إذ وافقت خدمة الصحة الوطنية في إنكلترا وويلز على برنامجين حاسوبيين).

إذا كانت جلساتك انفرادية:

  •  تقابل المعالج أسبوعيًا مدة 30 إلى 60 دقيقة.
  •  في الجلسات الأولى (2 إلى 4)، يتأكد المعالج من ملائمة هذا النوع من العلاج لك، وتتأكد من أنك تشعر بالارتياح له.
  •  سيسألك المعالج أسئلة عن ماضيك، بالرغم من تركيز العلاج المعرفي السلوكي على هنا والآن، قد تحتاج التكلم عن الماضي لتفهم تأثيره عليك الان.
    تقرر ما تريد التعامل معه على المدى القصير والمتوسط والبعيد.
  •  ستبدأ أنت والمعالج بالاتفاق على ما ستناقشانه في ذلك اليوم.

العمل

  •  ستفكك أنت والمعالج كل مشكلة إلى أجزائها كما في المثال أعلاه، لذلك قد يطلب منك المعالج تدوين يومياتك، وسيساعدك هذا في تمييز أنماط تفكيرك ومشاعرك وأحاسيسك الجسدية وأفعالك.
  •  ستعملان معًا على تفحص الأفكار والمشاعر والتصرفات لمعرفة التالي:
  • هل هي غير واقعية أو غير مفيدة.
  •  كيف تؤثر كل واحدة بالأخرى وما هو تأثيرها عليك.

سيساعدك بعدها المعالج على اكتشاف طرق لتغيير الأفكار والتصرفات غير المفيدة.

  •  من السهل التحدث عن فعل شيء ما، وتكمن الصعوبة في التنفيذ، لذلك بعد تحديد ما يمكن تغييره، سيقترح المعالج «واجبًا أو وظيفة» لتتمكن من ممارسة هذه التغييرات في حياتك اليومية، واعتمادًا على الموقف قد تبدأ بما يلي:
  •  التشكيك بالأفكار المزعجة والمنتقدة للذات واستخدام أفكار أكثر فائدة وواقعية بدلًا من تلك السلبية.
  •  الانتباه لكونك على وشك فعل شيء يزيد شعورك سوءًا وبدلًا عن ذلك تفعل شيئًا أكثر فائدة.
  •  في كل جلسة ستناقش مع المعالج تحسنك منذ آخر جلسة، وقد يساعدك المعالج باقتراحات إذا كان أي من المهام صعبًا جدًا أو لا يبدو مفيدًا.
  •  لن يطلب منك المعالج فعل أشياء لا ترغب بها، فأنت من يقرر سرعة العلاج وما ستود تجربته. تكمن قوة العلاج المعرفي السلوكي في إمكانية الاستمرار بممارسة وتطوير المهارات حتى بعد انتهاء جلسات العلاج ما يقلل احتمالية عودة الأعراض أو المشاكل.

العلاج المعرفي السلوكي: كيف يعمل وما مدى فعاليته؟ - تغيير طريقة تفكيرك (معرفي) وتغيير تصرفاتك (سلوكي) - أحد أهم الأساليب العلاجية في العلاج النفسي

ما مدى فعالية العلاج المعرفي السلوكي؟

  •  هو أحد أكثر العلاجات فعالية في الحالات التي يكون فيها القلق أو الاكتئاب هو المشكلة الرئيسة.
  •  هو أكثر العلاجات النفسية فعالية للاكتئاب المعتدل والشديد.
  •  هو بنفس فعالية العقاقير المضادة للاكتئاب للعديد من أنواع الاكتئاب.

ما هي بدائل العلاج المعرفي السلوكي؟

يُستعمل العلاج المعرفي السلوكي لعلاج حالات عديدة لذلك لا يمكن ذكرها كلها، لكن سنذكر البدائل لعلاج المشاكل الأكثر شيوعًا وهي القلق والاكتئاب.

  •  العلاج المعرفي السلوكي ليس مناسبًا للجميع، قد يكون نوع آخر من العلاج بالكلام أكثر ملاءمة لك.
  •  العلاج المعرفي السلوكي هو بنفس فاعلية مضادات الاكتئاب لعلاج عدة أشكال من الاكتئاب، وقد يكون أفضل بقليل من مضادات الاكتئاب في معالجة القلق.
  •  يفضل استخدام العلاج المعرفي السلوكي مع مضادات الاكتئاب لعلاج الاكتئاب الشديد؛ لأنك عندما تشعر باكتئاب شديد قد تجد صعوبة في تغيير طريقة تفكيرك فتساعدك مضادات الاكتئاب وتزيد فعالية العلاج المعرفي السلوكي.
  •  يفضل ألا تُستخدم المهدئات في علاج طويل الأمد للقلق؛ لذا العلاج المعرفي السلوكي هو خيار أفضل في هذه الحالات.

مشاكل العلاج المعرفي السلوكي

  • هو ليس حلًا سريعًا، والمعالج كالمدرب الشخصي الذي يمكن أن ينصحك ويشجعك لكنه لن «يفعل» بدلًا عنك.
  •  إذا كنت مكتئبًا قد يكون التركيز والتحفز أمرًا صعبًا.
  •  للتغلب على قلقك يجب عليك مواجهته، وهذا قد يزيد قلقك سوءًا لفترة قصيرة.
  •  المعالج الجيد يحدد خطى العلاج، فتقرر مع المعالج ما ستفعله وبذلك تبقى مسيطرًا.

كم تستغرق مجموعة جلسات العلاج المعرفي السلوكي؟

قد تحتاج من 6 أسابيع إلى 6 أشهر حسب نوع المشكلة ومدى ملاءمة العلاج لك.

ماذا لو عادت الأعراض؟

احتمال عودة القلق أو الاكتئاب موجود دائمًا، ستساعدك المهارات المكتسبة خلال العلاج المعرفي السلوكي في السيطرة على الأعراض في حال عودتها، لذلك من الضروري الاستمرار بممارسة مهارات العلاج المعرفي السلوكي حتى بعد زوال الأعراض؛ إذ تُشير بعض الأبحاث إلى أن العلاج المعرفي السلوكي قد يكون أفضل من مضادات الاكتئاب في منع عودة الاكتئاب، وعند الضرورة بإمكانك العودة إلى مجموعة جلسات «تنشيطية».

ما تأثير العلاج المعرفي السلوكي على حياتي؟

الاكتئاب والقلق أمران مزعجان، ويمكن أن يؤثرا تأثيرًا سلبيًا شديدًا على قدرتك على العمل والاستمتاع بالحياة، يساعدك العلاج المعرفي السلوكي في السيطرة على الأعراض. لا يُحتمل أن يكون للعلاج المعرفي السلوكي تأثير سلبي على حياتك عدا الوقت الذي تخصصه للعلاج.

ماذا سيحدث إذا لم أتعالج؟

يعتمد ذلك على المشكلة، تستطيع أن:

  •  تنتظر لترى إن كنت ستتحسن دون علاج، وتستطيع أن تطلب العلاج فيما بعد إذا غيرت رأيك.
  •  تتحدث مع طبيبك عن البدائل المتوفرة.
  •  تقرأ المزيد عن العلاج المعرفي السلوكي وبدائله.
  •  إذا أردت أن «تجرب قبل أن تشتري»، يمكنك قراءة كتاب مساعدة ذاتية أو تجربة برنامج حاسوب لترى إذا كانت طرق العلاج منطقية بالنسبة لك.

عشرة حقائق عن العلاج المعرفي السلوكي

  •  غير أفكارك وأفعالك.
  •  اعمل على الواجب البيتي فمع التدريب يأتي الإتقان.
  •  ركز على الفعل ولا تكتفِ بالكلام فقط.
  •  حدد المشكلة بدقة.
  •  تحرك باتجاه الأهداف.
  •  أثبت فاعلية العلاج بالدليل.
  •  انظر للأحداث من زاوية مغايرة.
  •  «أَستطيع فعله» أسلوب مساعدة الذات.
  •  اختبر معتقداتك بالتجربة.
  •  اكتب ودون لتتذكر تقدمك.

اقرأ أيضًا:

الاكتئاب: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

علامات تدل على إصابتك باضطراب القلق المرضي، هل تمتلكها؟

ترجمة: علاء رشيد

تدقيق: محمد حسان عجك

مراجعة: تسنيم الطيبي

المصدر