متلازمة QT القصيرة (SQTS) هي نمط جيني نادر تتميز باضطراب في نظم القلب، واكتشفت عام 1999. يتولد النشاط القلبي الكهربائي عند جريان تيار الأيونات (جزيئات الصوديوم والكالسيوم والبوتاسيوم والكلور المشحونة كهربائيًا) إلى داخل وخارج خلايا القلب، وتتحكم القنوات الأيونية الدقيقة بهذا الجريان.

تعرف مسافة QT بأنها قطعة من تخطيط القلب الكهربائي (ECG)، وتمثل الزمن اللازم للنظام الكهربائي في القلب لإطلاق نبضة كهربائية تسير ضمن البطينين -أجواف (غرف) القلب السفلية- بالإضافة إلى الوقت اللازم لإعادة الشحن؛ وبهذا فهي تعكس الزمن الذي تستغرقه العضلة القلبية للانقباض ثم استعادة وضعها الأصلي.

إذا كنت مصابًا بمتلازمة QT القصيرة، ينبض قلبك بمعدل طبيعي، لكن الخلل يكون في الوقت الذي يستغرقه لاسترداد وضعه (أي في مسافة QT) والذي يكون أقصر من الطبيعي.

وهناك اختلاف آخر في هذه المتلازمة، إذ أن المصابين بها لا يتغير طول المسافة QT لديهم بتغير سرعة نبض القلب، أما في الأشخاص الأصحاء تطول مسافة QT عند تباطؤ نبض القلب وتقصر عند ازدياد معدل نبضه.

مسافة QT الطبيعية:

  •  معدل نبض القلب في وضع الراحة: 60 نبضة في الدقيقة
  •  مسافة QT: 350 – 440 مللي ثانية

مسافة QT القصيرة:

  •  معدل النبض في وضع الراحة: 60 نبضة في الدقيقة
  •  مسافة QT: 210 – 340 مللي ثانية

أعراض متلازمة QT القصيرة

يعاني أغلب المصابين بمتلازمة QT القصيرة من أعراض أهمها ما يلي:

  •  الشعور بضربات القلب المتسارعة (الخفقان)
  •  الإغماء (فقدان الوعي)
  •  الموت القلبي المفاجئ (قد يكون العرض الأول عند بعض المرضى)
  •  الرجفان الأذيني

إذا تسببت هذه المتلازمة في حدوث رجفان أذيني، فقد تترافق مع أعراض أخرى مثل ضيق التنفس والدوار والإعياء والانزعاج الصدري (شعور بعدم الراحة داخل التجويف الصدري).

لا يعاني بعض المرضى المصابين من أي أعراض أو اضطرابات متعلقة بهذه الحالة، ولكن يبقى من المهم لأي شخص على دراية بإصابته بها أن يزور الطبيب لينال العناية الطبية المنتظمة ويقي نفسه من الموت القلبي المفاجئ أو توقف القلب.

سبب متلازمة QT القصيرة

تعتبر متلازمة QT القصيرة عيبًا خلقيًّا، وهذا يعني أنها موجودة منذ الولادة.

تُورث هذه الحالة من أحد الوالدين على الأقل، إذ يُغير العيب الحاصل من الطريقة التي تعمل بها القنوات الأيونية في القلب، وهذا يدعى الاعتلال القنوي Channelopathy.

وجد العلماء حتى الآن عدة عيوب مختلفة يمكن أن تحدث في خمس جينات مختلفة لها علاقة بقنوات البوتاسيوم، ولكن في أغلب الحالات لم يتمكنوا من تحديد الجين، وأجري بحث لتحديد وجود جينات أخرى مرتبطة بهذه الحالة.

ما الاضطرابات التي تسببها متلازمة QT القصيرة ؟

عند وجود نشاط كهربائي غير طبيعي في القلب، تفرغ عضلة القلب شحنتها وتعيد شحنها أسرع من المعدل الطبيعي، وهذا قد يسبب ثلاثة أنماط من النظم القلبي الشاذ: الرجفان الأذيني والتسارع البطيني والرجفان البطيني، فإذا كنت تعاني من متلازمة QT القصيرة فقد تكون مصابًا بأحد هذه الاضطرابات الثلاثة.

الرجفان الأذيني Atrial fibrillation: وهو نظم قلبي شاذ يبدأ في الأذينين (الحجرات العلوية للقلب)، يعاني بعض المصابين بمتلازمة QT القصيرة من رجفان أذيني متقطع (على فترات)، بينما يمكن أن يكون هذا الاضطراب مستمرًا عند بقية المرضى.

متلازمة QT القصيرة (SQTS) الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج جيني نادر تتميز باضطراب في نظم القلب النشاط القلبي الكهربائي القنوات الأيونية الدقيقة

التسارع البطيني Ventricular tachycardia: هو نظم قلبي منتظم سريع جدًا في البطينين (الحجرات السفلية في القلب).

الرجفان البطيني Ventricular fibrillation: نظم شاذ سريع جدًا يسبب رفرفة أو ارتعاش بطيني، ويقود إلى الموت القلبي المفاجئ.

كيف تُشخص متلازمة QT القصيرة؟

إن الخطوة الأولى هي تحديد وجود أعراض مرتبطة بمتلازمة QT القصيرة وذلك عن طريق أخذ التاريخ المرضي والعائلي كاملًا وإجراء تخطيط قلب كهربائي (ECG).

سيتفحص طبيبك تخطيط القلب الكهربائي بحثًا عن مسافة QT قصيرة، ولكن وجود مسافة QT قصيرة واحدة لا يعني بالضرورة أنك مصاب بهذه المتلازمة، وهذا أحد الأسباب التي تجعل من الأهمية أخذ التاريخ المرضي والعائلي بالكامل.

قد يقيم طبيبك إصابتك بهذه المتلازمة في حال:

  •  النجاة من توقف قلب مفاجئ.
  •  وجود تاريخ مرضي لتسارع قلبي بطيني عديد الأشكال أو رفرفة (رجفان) بطينية مجهولة السبب.
  •  وجود تاريخ مرضي لإغماء غير مفسر.
  •  أن تكون شابًا وتعاني من رفرفة أذينية.
  •  تشخيص أفراد من العائلة بمتلازمة QT القصيرة.
  •  وفاة أفراد من العائلة بموت قلبي مفاجئ.

الاختبارات التشخيصية:

من المحتمل أن يجري طبيبك بعض الاختبارات التشخيصية للكشف عن متلازمة QT القصيرة، وقد تشمل ما يلي:

  •  تخطيط القلب الكهربائي ذو الـ12 إلكترودًا: وهي الخطوة الأولى في الكشف عن المتلازمة.
  •  جهاز مراقبة متجول على مدار الساعة: يسجل هذا الجهاز سرعة القلب ونبضه خلال يوم عادي.
  •  اختبار الجهد: يقيس الأداء الوظيفي القلبي عندما تستخدم جهاز المشي أو دراجة التمارين الرياضية.
  •  دراسة الفيزيولوجيا الكهربائية: توضع الإلكترودات مباشرة فوق العضلة القلبية لتسجيل نشاط القلب الكهربائي، يجرى هذا الاختبار بشكل انتقائي جدًا عند المرضى ذوي التشخيص المبهم حتى بعد إجراء بقية الاختبارات.
  •  اختبارات أخرى: كالفحوص الدموية والمخبرية والتي قد تجرى لاستبعاد الأسباب الأخرى لمتلازمة QT القصيرة.
  •  الاختبارات الجينية: ينصح بها للمرضى الذين أشارت نتائج تخطيط قلبهم الكهربائي وتاريخهم المرضي والعائلي إلى تشخيص متلازمة QT القصيرة، ويمكن أن تستخدم الاختبارات الجينية لتأكيد التشخيص.

ما هي العلاجات المتاحة للمرضى المصابين بمتلازمة QT القصيرة؟

زرع مزيل رجفان قلبي (ICD):

إذا كنت تعاني من متلازمة QT القصيرة وتملك تاريخًا مرضيًا للموت القلبي المفاجئ أو اضطراب النظم البطيني أو وجدت هذه الاضطرابات في تاريخك العائلي فأنت مُعرض لخطر الإصابة بموت قلبي مفاجئ بنسبة كبيرة في المستقبل.

سينصحك طبيبك بالقيام بزرع مزيل رجفان قلبي للوقاية من الموت القلبي المفاجئ.

الأدوية:

هناك العديد من الأدوية المتاحة التي تساعد على تنظيم نظم قلبك، يعمل الأطباء على تحديد أفضل الأدوية لعلاج المرضى المصابين بهذه المتلازمة.

ما هي التوقعات للمصابين بمتلازمة QT القصيرة؟

لا يوجد الكثير من المعلومات المتاحة عن متلازمة QT القصيرة، ولكن الأطباء والباحثين مستمرون بالبحث عن المزيد. يقل احتمال إصابتك بأعراض خطيرة كالموت القلبي المفاجئ والتوقف القلبي (السكتة القلبية) كلما شُخصت بشكل أسرع وبدأت بالعلاج بشكل مبكر .

من المهم تقييم أقرباء الدرجة الأولى للمرضى المشخصين بالمتلازمة لكشف وجود المرض لديهم، ومن الأفضل أن يشمل التقييم إجراء مسح وتخطيط قلب كهربائي واختبارات جينية للحصول على العناية الطبية المطلوبة.

ما تخصص الأطباء الذين يشخصون ويعالجون المرضى المصابين بمتلازمة QT القصيرة؟

إذا كنت مُعرضًا لخطر الإصابة بمتلازمة QT القصيرة أو شُخصت بها فمن الأفضل أن يجري تقييمًا وعلاجك من قِبل فريق متمرس يتضمن أنواعًا مختلفة ومتعددة من الاختصاصيين. تساعد هذه الطريقة على ضمان حصول المرضى المصابين بالمتلازمة على أفضل عناية طبية ممكنة، ويجب أن يضم هذا الفريق ما يلي:

  •  اختصاصي فيزيولوجيا كهربائية: وهو طبيب متخصص في تشخيص وعلاج مرضى اضطرابات نظم القلب.
  •  اختصاصي علم الجينات (وراثيات): وهو طبيب يدرس النماذج الجينية لتحديد الجينات التي يمكن أن تسبب الاضطرابات عند المريض.
  •  اختصاصي العناية الأولية: الطبيب العام الذي يزوره المريض عادة والذي يقدم رعاية ومتابعة عامة ويراقب الأدوية.

ترجمة: محمد ياسر جوهرة

تدقيق: مينا خلف

مراجعة: صهيب الأغبري

اقرأ أيضًا:

سلسلة امراض القلب – الجزء الاول

امراض القلب – الجزء الثاني

المصدر