حينما تقع كارثة ما, فإن الناس غالبًا ما يدّعون بأنهم بأنهم تنبئوا بها.

ولكن هل هذة هواجس ممكنة فعلًا؟

مقتبس من  كتاب ”الظواهر الخارقة للطبيعة: لماذا نرى ما ليس موجوداً“ , يشرح عالم النفس ريتشارد وايزمان كيف يمكن لعقولنا النائمة ان تخدعنا.

“أبيرفان” هي قرية صغيرة في جنوب “ويلز″.

في عام 1960, العديد من الذين عاشوا هناك عملوا قرب منجم للفحم تم بناؤه لاستغلال الكميات الكبيرة للفحم ذو الجودة العالية في المنطقة.

بالرغم من أن بعض مخلفات عملية التنجيم قد تم خزنها تحت الأرض, إلا أن الكثير منها كوّمت في منحدرات التلال المحيطة بالقرية .

خلال شهر أكتوبر من عام 1966 , انهال مطر شديد على المنطقة وانحدر على الصخور الرملية المسامية للتلال.

للأسف لم يدرك أحد بان الماء كان يصب لاحقا في عيون خفية عديدة محوّلا حفر المخلفات الى اوحال فحمية.

بعد الساعة التاسعة بقليل من صباح الحادي والعشرين لشهر أكتوبر , انهار جانب من التل و بدأ يتحرك نصف مليون طن من المخلفات بسرعة باتجاه القرية.

بالرغم من ان بعض المواد توقفت عند الأجزاء المنخفضة من التل , فإن الكثير منها انزلق نحو القرية ودمّر المدرسة.

بعضٌ من الاطفال تم انتشالهم أحياء خلال الساعة الاولى, ولكن لم ينجُ غيرهم.

مائة وتسعة وثلاثون تلميذًا , وخمسة مدرّسين فقدوا حياتهم في الكارثة.

زار الطبيب النفسي “جون باركر” القرية في اليوم التالي للانزلاق الأرضي.

كان لدى “باركر” اهتمامٌ طويلُ المدى في الظواهر الخارقة للطبيعة وتساءل فيما لو أن طبيعة الأحداث القصوى في “ابيرفان” قد تسببت بحصول هواجس لدى أعداد كبيرة من الناس حول الكارثة .

لمعرفة ذلك, قام “باركر” بنشر إعلان في جريدة سائلاً به أيّاً من القرّاء الذين يظنون بأنهم تنبؤوا بالكارثة ليلتقي بهم.

تلقّى 60 رسالة من عموم إنجلترا وويلز , كان أكثر من نصفهم يدّعون بأنهم تنبؤوا بالحدث من خلال أحلامهم.

إحدى أكثر الحالات تأثيرًا قُدِّمت بواسطة والديّ طفلٍ عمره 10 سنين كان قد توفي في الكارثة.

في اليوم الذي سبق الانزلاق الارضي , كانت ابنتهم قد وصفت حلما حول محاولتها للذهاب للمدرسة , ولكنها قالت انه لم يكن هناك من مدرسة , لان هناك شيئا أسوْد كان قد أتى عليها.

في مثال آخر , السيدة “م.هـ ” , 54 سنة , من منطقة “بارنستيبل” , قالت بانها قد حلمت في الليلة السابقة للكارثة بانها قد رأت مجموعة من الاطفال عالقين في غرفة مستطيلة.

في حلمها , كانت نهاية الغرفة كانت مغلقة بعدد من الاعمدة الخشبية وان الاطفال كانوا يحاولون تسلق تلك الاعمدة.

حالة اخرى من السيدة “جي اي” , من منطقة “سيدكب” , قالت بانها قد حلمت في الاسبوع السابق للكارثة بمجموعة من الاطفال يصرخون ومغمورين بانهيار من الفحم , قبل شهرين من الكارثة , السيدة “اس بي” , من لندن , حلمت بمدرسة على تل , واطفال يفقدون حياتهم في انهيار ارضي , وهكذا استمرت القائمة.

من المفاجئ ان الاعتقاد برؤية المستقبل في الحلم هو امر شائع , استطلاعات حديثة تقترح بان حوالي ثلث السكان يختبرون هذه الظاهرة في مرحلة معينة من حياتهم.

بحسب تقارير اشارت الى ان “ابراهام لينكولن” كان قد حلم بعملية اغتيال, قبل اسبوعين من مقتله رميا.

“مارك توين” وصف حلما بانه رأى جثة اخيه ممدة في تابوت قبل اسابع قليلة من مقتله بانفجار.

“تشارلز ديكنز″ حلم بأمرأة ترتدي احمر , تُدعى “آنسة نابيير” بفترة قصيرة من زيارته من قِبل فتاة ترتدي شالاً احمر ومقدمةً نفسها باسم آنسة “نابيير”.

ماذا يمكن ان يفسر هذه الحالات الملفتة ؟ هل حقا ان الناس يطّلعون على لمحة من الاحداث المستقبلية؟ هل من الممكن اليوم ان نرى الغد؟ في القرن الماضي استطاع الباحثون ان يحلوا هذا اللغز.

في الخمسينات , قام عالم النفس الامريكي الرائد ” يوجين اسيرنسكي” بالمساهمة في ظهور علم جديد للاحلام.

اشار الى ان ايقاظ شخص نائم بعد ان قضى فترة من النوم في حالة (نوم ال “ريم” :نوم حركة العين السريعة) , فأن من المرجح جدا ان يكون هذا الشخص يختبر حلما.

عشرات السنين من العمل التي تلت , ادت الى كشوفات مهمة جدا.

تقريبا يكون حلم الكل ملونا.

بالرغم من ان بعض الاحلام غريبة , فان الكثير منها يتضمن الاحداث اليومية العادية مثل غسل اليدين , ملأ استمارات الضرائب , تنظيف المنزل , اذا تسللت خلسة قرب شخص يحلم وأسمعته موسيقى , او سلطت ضوء على وجهه , او رششته بماء , فان من المرجح جدا ان تتداخل هذه المؤثرات في حلمه.

ولكن ربما كان الاكتشاف الاكثر اهمية هو ان لديك احلاما اكثر مما تظن.

علماء النوم اكتشفوا بان لديك ما معدله أربعة احلام بكل ليلة.

تحدث كل 90 دقيقة تقريبا , وكل حلم يدوم حوالي 20 دقيقة , ثم انك لاحقا تنسى الجزء الاكبر من تلك الحلقات حينما تستيقظ , تاركا لديك انطباع بانك تحلم اقل بكثير مما هو حاصل فعلا.

الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة يحصل عندما تستيقظ في اثناء الحلم.

حينما يحصل ذلك , فانك ستتذكر عادة فحوى الحلم وربما اجزاء معينة منه , ولكن مالم يكن الحلم مؤثرا فانك ستنساه قريبا , علاوة على ذلك , ان هناك مجموعة من الظروف التي من شأنها زيادة احتمالية تذكرّك للحلم بشدة.

في عملية مشابهة للعبة الكلمات , اي حدث يحصل معك في يقظتك يؤدي الى تحفيز الذاكرة لديك.

فلنتخيل ثلاثة ليال من الاحلام المزعجة.

في اليوم الاول تذهب الى النوم بعد يوم مرهق من العمل , خلال الليلة ستمر بمراحل النوم المتعددة وتختبر عدة احلام.

في السابعة وعشرة دقائق سينشط دماغك مجددا ويستعرضلك حلقة خيالية اخرى كليا.

في الدقائق العشرين اللاحقة ستجد نفسك تزور مصنع للآيس كريم , غارقا في وعاء كبير من مرطبات التوت , محاولا شق طريقك أكلاً.

وحينما لاتستطع اكل المزيد فان منبه ساعتك يرن وتستيقظ ولمحات من المصنع ومرطبات التوت تتماوج في عقلك.

في اليوم الثاني , نفس سلسلة الاحداث تتكرر.

تذهب الى السرير , تغط في النوم وتختبر عدة احلام.

في الساعة الثانية صباحا تجد نفسك في منتصف حلم مزعج ذلك انك تقود سيارتك في طريق ريفي مظلم.

“ايريك تشكرز″ نجم الروك المفضل لديك , جالس في مقعد الركاب , وانتما تتحادثان معا ببساطة.

فجأة تقفز امام سيارتك ضفدعة ارجوانية عملاقة , فتميل لتجنب الضفدعة ولكنك تنحرف عن الطريق وتصطدم بشجرة.

عودةً الى العالم الحقيقي , قطتك تقفز على سريرك فتستيقظ من الحلم بذاكرة مبهمة عن “ايريك تشكرز″ , وضفدعة ارجوانية عملاقة , وشجرة وموت وشيك.

في الليلة الثالثة , تنام مجددا.

في الساعة الرابعة صباحا وتختبر حلما مضطربا نوعا ما.

في قضية سوريالية , انك مجبر لتأدية مشهد “اومبا لومبا” في نسخة جديدة من فلم تشارلي ومصنع الشوكولاتا.

بالرغم من نجاحها فانك تكتشف لاحقا بان مسحوق الوجه البرتقالي وصبغة الشعر الخضراء المستخدمة في المشهد هي دائمية.

وفجأة تستيقظ شاعرا بتوتر شديد لتقضي العشرين دقيقة القادمة محاولا ايجاد المعنى الرمزي للحلم.

في الصباح تستيقظ , تشغل جهاز الراديو وتُصدَم بسماع نبأ مقتل “ايريك تشكرز″ في حادث سيارة خلال الليل.

استنادا الى تقرير الاخبار , “تشكرز″ كان يقود سيارته في المدينة , تمايل بسيارته لتفادي سيارة اخرى كانت قد انحرفت عن مسارها , لتصطدم سيارته بعمود انارة.

تقرير الاخبار هذا صار محفزا , فقفز الحلم عن حادث السيارة الى عقلك.

انت نسيت حلمك باستهلاكك لكميات كبيرة من مرطبات التوت , وتجربة ال “اومبا لومبا” المزعجة.

بدلا من ذلك تذكرت الحلم الوحيد الذي يبدو انه يطابق الاحداث في العالم الحقيقي وبهذا فانك تصبح مقتنعا بانك تمتلك قدرة على التنبؤ !

ولكنها لاتتوقف عند هذا.

بما ان الاحلام تميل الى ان تكون سوريالية نوعا ما فان لها القابلية لأن تتحرف لتطابق الاحداث التي حصلت في الواقع.

في الحقيقة ان “تشكرز″ لم يكن يقود في منطقة ريفية , لم يصطدم بشجرة وان الحادث لم يتضمن وجود ضفدعة ارجوانية عملاقة.

ولكن , الطريق الريفي مشابه لطريق المدينة , وعمود الانارة يشابه نوعا ما الشجرة , ولكن ماذا بشأن الضفدعة الارجوانية العملاقة؟ حسنا ربما هذا يرمز الى شئ غير متوقع , كأن يكون ذلك هو انحراف السيارة الى الجانب الخاطئ من الطريق.

او ربما كان “تشكرز″ متناولا عقارا مهلوسا وقد ظن بان السيارة القادمة كانت فعلا ضفدعة ارجوانية عملاقة.

او ربما ان البوم “تشكرز″ القادم كان سيحمل صورة ضفدعة على غلافه.

او ربما ان “تشكرز″ كان يرتدي قميصا ارجوانيا وقت الحادثة.

لقد فهمت الامر ! , فانت مبدع وتريد ان تصدق ان لديك رابط روحي مع المتوفي حديثا السيد “تشكرز″ , ان احتمالات المطابقة محددة فقط بقدرات خيالك.

ان لديك الكثير من الاحلام وتواجه العديد من الاحداث , اغلب الاحيان تكون الاحلام لاعلاقة لها بالاحداث , وبهذا تنساها تماما .
ولكن ما ان يكون احد تلك الاحلام مطابقا لاحد تلك الاحداث فانه من السهل عليك تذّكر الحلم واقناع نفسك بانه قد تنبأ بصورة سحرية بالمستقبل.

في الواقع , انها فقط قوانين الاحتمالية في عمل.

هذه النظرية تساعد ايضا في تفسير سمة فضولية للاحلام الكاشفة.

اغلب الهواجس تحمل الكثير من التشاؤم , كالتنبؤات الدائمية باغتيالات لرؤساء الدول , حضور جنازات لاصدقاء مقربين , مشاهدة طائرات تسقط من السماء , ومشاهدة بلدان تدخل في حروب.

نادرا ما يبعث الناس تقارير عن اطلاعهم للمحة من المستقبل ومشاهدتهم لشخص سعيد في يوم زواجهم , او حصولهم على ترقية في العمل.

اكتشف علماء النوم بان حوالي 80% من الاحلام هي بعيدة عن كونها سعيدة , بل ترتكز على احداث سلبية.

طبقا لذلك , فان الاخبار السيئة هي اكثر ترجيحا من الاخبار الجيدة في تحفيز الذاكرة , في تفسير لماذا العديد من الاحلام الكاشفة تتضمن التنبؤ بحالات موت وكوارث.

في بداية هذه المقالة كنت قد وصفت كيف ان الطبيب النفسي “جون باركر” قد وجد ان 60 شخصا بدا انهم قد تنبأوا بكارثة منجم “ابيرفان”.

في 36 حالة من حالات “باركر” , ان اصحاب تلك الحالات لم يقدموا اي دليل بانهم قد سجلوا حلمهم قبل الكارثة.

من الممكن ان كان لديهم العديد من الاحلام الاخرى قبل سماعهم ب “ابيرفان” , ولاحقا تذكروا ورووا فقط الحلم الذي تطابق مع الكارثة.

يس فقط ذلك , ولكن فقدان اي توثيق للحلم في وقته , يعني ان من الممكن انهم قد تلاعبوا بالحلم لاشعوريا ليتطابق مع الاحداث المؤسفة التي وقعت.

السواد قد يصبح فحما , الغرف قد تصبح صفوف دراسة , وجوانب التلال المنحدرة قد تصبح وادٍ في ويلز.

بالتاكيد , ان الذين يؤمنون بالامور الخارقة قد يجادلون بانهم مقتنعين بشواهد حينما يخبر الناس اصدقائهم وعائلاتهم عن حلم او يسجلوه في مذكراتهم ومن ثم يكتشفون لاحقا انه يطابق احداثا مستقبلية.

في نهاية الستينات وجد باحثون بان محتوى احلامنا لا يتأثر فقط باحداث من محيطنا , ولكن يعكس غالبا ايضا ما يقلق عقولنا.

هذا قد يفسر احد اهم الامثلة عن التبصّر او الكشف المسبق المزعوم في كارثة “ابيرفان”.

قد سمعنا كيف ان احدى الفتيات الصغيرات التي ماتت لاحقا في الكارثة قد اخبرت والديها بانها قد حلمت بشئ أسود قادم على مدرستها وان المدرسة لم تعد موجودة.

لعدة سنوات قبل الكارثة , كانت السلطات المحلية قد اعربت عن قلق بالغ بخصوص الحكمة من وضع كميات كبيرة من مخلفات التنجيم على منحدرات التلال , ولكن قلقها قد تم تجاهله من قِبل مديرو المنجم.

قبل ثلاثة سنين من الكارثة , كتب مهندس البلدة في المنطقة للسلطات ملاحظة ” اعتبر ان الوضع خطير جدا حيث ان المخلفات الفحمية سائلة بشدة وان المنحدر مائل كثيرا بحيث ان من غير الممكن بقاءها في مكانها في الشتاء او في اوقات المطر الشديد” , ولاحقا اضاف قائلا ” هذا القلق موجود ايضا في عقول سكان المنطقة حيث انهم قد اختبروا مسبقا خلال فترات الامطار الشديدة , حركة اوحال فحمية الى درجة التهديد بالخطر على حياة الناس والاملاك”.

ليس هناك من طريقة اكيدة للمعرفة , ولكن من الممكن ان حلم الفتاة الصغيرة كان يعكس هذا القلق السائد.

ولكن ماذا بشأن الحالات الثلاثة والعشرون الاخرى التي من خلالها قدّم الناس ادلة بانهم وصفوا احلامهم قبل حصول الكارثة , وفيما بدا ان الحلم لم يكن يعكس قلقهم وتوترهم.

للتحقق من الامر , نحتاج ان نتخطى علم الاحلام الى عالم الاحصائيات.

لنلقي نظرة مقربة على الارقام المقترنة بتلك التي تبدو انها تجارب خارقة.

اولاً , لنختار شخصا بصورة عشوائية من بريطانيا ولندعوه “برايان”.

ثم لنقوم بعمل افتراضات قليلة بشأن “برايان”.

لنفترض ان “برايان” يحلم كل ليلة من حياته , من عمر 15 الى 75 سنة.

هناك 365 يوم بكل سنة , وعليه ان تلك ال 60 سنة من الاحلام ستعني ان “برايان” قد اختبر 21,900 ليلة من الاحلام.

لنفترض ايضا ان حدثا مثل كارثة “ابيرفان” تحصل مرة واحدة فقط خلال كل جيل , وتخصيصها عشوائيا لأي يوم.

الان , لنفترض بأن “برايان” سيتذكر فقط نوع الاحلام المقترنة باحداث رهيبة مرتبطة بكارثة كتلك مرة واحدة خلال حياته كلها.

ان فرص اختبار “برايان” حلما كارثيا في الليلة السابقة للكارثة الحقيقية هي بمقدار 22,000 الى واحد.

ولكن , هنا يأتي الجزء الخادع.

في الستينات كان هناك مايقارب 45 مليون شخصا في بريطانيا , ونحن سنتوقع ان شخصا واحدا في كل 22,000 , او تقريبا 2,000 شخص سيختبر هذا الحدث المميز في كل جيل.

المبدأ معروف بأسم قانون الاعداد الكبيرة , وينص على ان الاحداث الغير اعتيادية مرجح لها ان تحدث عندما يكون هناك العديد من الفرص لذلك الحدث.

مثالنا يتعلق فقط بالاشخاص الذين حلموا بكارثة “ابيرفان”.

في الواقع , احداثا محلية وعالمية سيئة تحدث يوميا.

تحطم طائرات , فيضانات , اغتيالات , قتلة متسلسلين , هزات ارضية , حالات خطف , اعمال ارهابية , وهكذا.

اخذين بالاعتبار ان الناس يحلمون باحداث سيئة غالبا اكثر من غيرها, الاعداد تتراكم بسرعة وحالات نبوءات واضحة هي عندئذ حتمية.

الانماط والخارق للطبيعة اختبار بقع الحبر:

(1)

الصورة رقم (1) بواسطة : ماكميلان

انظر نظرة سريعة الى بقع الحبر هذه.

ماذا تبدو لك هذه الصورة رقم (1) … ؟

هذا النوع من الاختبار قد اُنشأ بواسطة معالجين فرويديين.

تبعا لهم , ان الناس يسقطون افكارهم ومشاعرهم الباطنية على الصورة بطريقة لاواعية .

ان كمية معتبرة من البحوث قد اظهرت الان ان هكذا اختبارات هي غير دقيقة ولايعول عليها.

ولكن لكل سحابة بطانة فضية , وفي الاعلى , ان الاختبار قد ادى نشوء عدة نكات جيدة من ضمنها المفضلة لدي ” محللي النفسي فضيع , وليس لدي فكرة عما يفعله بصور عارية عديدة لامي “.

على الرغم من ان الاختبار لايقدم مدخلا للاوعيك , فانه يقيس شيئا اهم بكثير وهو قابليتك لرؤية انماط .
ماكانت النتيجة لديك؟

كما ان الناس تتفاوت في طولها فهناك طويل وقصير , فهناك ايضا اشخاص جيدين في التعرف على انماط , حتى في بقع حبر لامعنى لها.

ينظرون الى الصورة وبسرعة يرون وجه حيوان , ارنبين يأكلون حشيشا , او دمية دب محشو , فوق سرير.

بينما ينظر الاخرون لمدة 10 دقائق في نفس الصورة ولايرون شيئا سوى بقعا سوداء قليلة من الحبر.

ان قابلية ايجاد انماط تلعب دورا حاسما في حياتك اليومية لأنك مُلزَم باستمرار على ملاحظة شواهد ثابتة للسبب والنتيجة.

على سبيل المثال , انك قد تشعر بالمرض كلما أكلت نوعا معينا من الطعام , وتحتاج الى معرفة ايا من المكونات تجعلك مريضا.

او قد تحتاج الى المرور بعدة علاقات قبل ان تعرف ما ينجح العلاقة مع الشريك المثالي.

هذه القابلية لملاحظة انماط لعبت دورا حيويا في نجاح وبقاء الجنس البشري.

في اغلب الاوقات , هذه المهارة خدمتنا جيدا وساعدتنا لمعرفة كيف يعمل العالم , ولكن احيانا قد نبالغ في ذلك وتجعلنا نرى ما ليس موجودا.

مثلا , قد تجد توافقا مذهلا بين عبارات قارئ الكف عديمة المعنى وبين ماضيك , وتستنج ان التكهن او العرافة هي امر حقيقي , او قد تنظر الى صورة غير ملفتة لصخور منعكسة على سطح بحيرة ثم تلاحظ منها وجود وجه شبحي على الماء.

او قد تضع تعويذة حظ في جيبك قبل ان تحضر مقابلة عمل مهمة , ثم تحصل على العمل لتستنتج بطريقة ما ان التعويذة قد جلبت لك النجاح , والقائمة لا تنتهي.

هذه النظرية الاجمالية للحالات الفوق طبيعية تقترح بان الناس الجيدين بإيجاد هكذا انماط سيكونون اكثر من غيرهم اختبارا للظواهر الخارقة المزعومة.

لمعرفة ذلك , قام باحثون بتقديم عدة اشخاص لاختبار بقع الحبر وسألوهم عن الاحداث الخارقة التي اختبروها في حياتهم , وكما هو متوقع , النتائج اظهرت بأن اولئك الذي حصلوا على درجات عالية باختبارات ايجاد الانماط , اختبروا ايضا امورا غريبة كثيرة في حياتهم.

كيف يخلق دماغك تجربة الخروج من الجسد ؟

(2)

ثبّت عينيك على النقطة السوداء في مركز الصورة رقم (2) وحدّق بها.

شريطة ان تكون قادرا على ابقاء عينيك و رأسك ثابتة نسبيا , ستجد ان بعد 30 ثانية تقريبا ان المساحة الرمادية حول النقطة ستختفي ببطء.

حرّك رأسك اوعينيك وستعود من جديد ثانية.

ماذا يحدث هنا ؟

ان كل الامر يتعلق بظاهرة تدعى “التعويد الحسي” , عرّض احد ما الى صوت او صورة او رائحة باستمرار , وسيحدث شئ ما غريب جدا.

سيتعودون ببطء عليها اكثر فأكثر , حتى تتلاشى في النهاية من ادراكهم.

على سبيل المثال , اذا دخلت الى غرفة ذات رائحة ذرات قهوة طازجة, فانك ستتعرف بسرعة على عبير الرائحة الطيبة.

ولكن ابقى في الغرفة لدقائق قليلة , وسيبدو ان الرائحة تختفي.

في الواقع , الطريقة الوحيدة التي يمكنك من خلالها ان تشم الرائحة ثانية هي ان تخرج من الغرفة ثم تعود لها مرة اخرى.

في حالة الرسم الخاص بالنقطة اعلاه , فان عينيك ستكون ببطء عمياء تجاه المساحة الرمادية لأنها لم تكن تتغير.

خمّن الباحث “سو بلاكمور” ان هذه العملية هي محورية لتجربة الخروج من الجسد.

يميل الناس لاختبار حالة الخروج من الجسد حينما يكونون في وضع تستقبل به ادمغتهم كميات قليلة من المعلومات الغير متغيرة عن طريق الحواس.

انهم غالبا لا يستقبلون اية معلومات بصرية لأن عيونهم مغلقة او انهم في الظلام.

اضافة الى ذلك , فانهم لايمتلكون معلومات لمسية لانهم مستلقين في سرير , مسترخين في الحمام , او متناولين لدواء ما.

تحت تأثير هذه الظروف , فان الدماغ يصبح اعمى للمعلومات القليلة الداخلة له , وبهذا فانه يعمل جاهدا لينتج صورة متماسكة لأين انت.

كما هي الطبيعة , الدماغ يمقت الفراغ , وبذلك يبدأ بتوليد تصورات حول اين هو وماذا يفعل.

“بلاكمور” افترض بان نوع معينا من الناس سيجدون بصورة طبيعية ان من السهل تخيل كيف يبدو العالم حينما يطوفون خارج اجسادهم, ويصبحون منغمسين تماما في تصوراتهم التي تخلط بين الخيال والواقع.

وهم اولئك الذين يميلون على وجه الخصوص لاختبار تجربة الخروج من الجسد.