حسب ما جاء في تقرير لديفيد ريتو David Rettew، أستاذ في علم النفس التنموي: تفكر ولاية فيرمونت كالكثير غيرها بشكل جدي أن تجعل الماريجوانا قانونية الاستخدام كأي وسيلة ترفيهية. تُبنى النقاشات مع الفكرة وضدها على أساس اقتصادي وفلسفي وعلمي. تستهدف هذه المقالة الجانب العلمي، وخاصةً المعتقد المتبنى من قبل الكثير، الذي يقوم على أن الماريجوانا لها صلة بعواقب صحية جدية إن صح التعبير.
احتار الكثير من الأطباء والمختصين بتعاطي المخدرات حول استمرار وجود ذلك المعتقد رغم وجود الكثير من الأدلة التي تعاكس ذلك.
ينحاز الناس عاطفيًا للإيمان فيما يريدون أن يؤمنوا به، ما قد يزيد من جدلية الأمر، وعلى الحياد، يُحتمل أيضًا أن أشخاصًا بمثل اختصاصنا يتسببون بابتعاد الناس حين نبالغ في ذكر المخاطر.
هنا تجريد للحقائق في محاولة لتصحيح ما نعرفه حقًا عن واحد من أكثر المخاطر المحتملة في استخدام الماريجوانا، وبشكل أكثر تحديدًا: الرابط بين الماريجوانا والذهان والاضطرابات الذهانية كانفصام الشخصية.
نُشرت مراجعة عن الموضوع في المجلة الرسمية Biological Psychiatry. تبعًا لتلك المقالة أُجريت 10 دراسات حول الترابط طويل الأمد بين الماريجوانا والاضطرابات الذهانية.
لم يكن هنالك بحث مثالي، إذ طرح كل بحث السؤال من جهة مختلفة؛ ما جعله سببًا يفسر لماذا يختار الناس وجهات نظر مختلفة تدعم وجهة نظرهم الخاصة.
وجدت 7 من هذه الدراسات العشرة عبر الإحصاء ترابطًا واضحًا بين استخدام الماريجوانا والأعراض الذهانية اللاحقة والاضطرابات.
عند وضع كل هذه الدراسات معًا، ارتفعت نسبة خطر الإصابة بالذهان حتى 40% عند أولئك الذين تعاطوا الماريجوانا مقابل أولئك الذين لم يتعاطوها. ويجدر بالذكر: تميل هذه الاحتمالات في الدراسات لاختبار الناس الذين يستخدمون الماريجوانا بشكل أكبر.
على منحى آخر، وكما يتواتر عن الناس، فإن الترابط لا يقتضي السببية. ومجرو هذه الدراسة يحاولون أن يبحثوا أكثر في قوة الدليل الذي يقول إن الماريجوانا تلعب دورًا عاديًا في هذا الرابط.
بالتعمق في الموضوع، قدمت عدد من الدراسات عملًا إحصائيًا جيدًا عن طريق التحكم بالعوامل الأساسية لإقصاء نظرية «المسبب العكسي»: تحديدًا أن الأعراض الذهانية المبكرة تؤدي لاستخدام الماريجوانا وليس العكس. علی غرار ذلك: تعني مشكلة «الخلط المتبقي» أن ما يبدو كأنه مسبب، يكون في الحقيقة منتجًا لمتغير آخر لا يمكن قياسه، يقود لكلا استخدام الماريجوانا والذهان. على أي حال، تبقى احتمالية أن يقود ذلك إلى المغالاة في تقدير الخطر الحقيقي.
يشير الباحثون أيضًا إلى أن المشاكل الأخرى التي تتعلق بهذه الدراسات تتمثل في احتمالية أن تقود هذه الدراسات إلى الاستهانة بالخطر الحقيقي، وذلك كالحقيقة التي تقضي بأن أكثر الناس تضررًا يميلون لأن يتركوا الدراسات على المدى الطويل.
توجد أيضًا أدلة كثيرة تشير إلى الدور العادي الذي تلعبه الماريجوانا في تطور الذهان.
- الحقيقة المعروفة التي تفضي بأن الثمل بالماريجوانا قد يواجه أعراضًا ذهانية عابرة.
- خطر متزايد بالإصابة بالذهان بين مستخدمي الماريجوانا الذين يحملون جينات خطر محددة. (في الجانب الآخر، من المثير للسخرية أن دراسة Dunedin على جين COMT التي يقتبسها الجميع لم تتكرر).
- تزايد الأدلة حول أنه كلما تقوى تأثير الماريجوانا المتوفرة، قد يكون ذلك متناسبًا مع خطر أكبر.
- الاكتشاف الذي ينص على أن الرابط بين الماريجوانا والذهان ليس متساويًا في كل المجموعات العمرية، لكنه قد يكون أكثر قوة عند المستخدمين الأصغر عمرًا.
بوضع كل ذلك معًا، استنتج الباحثون أن «هناك قدرًا كبيرًا من الأدلة تتفشى كالوباء، تدعم وجهة النظر القائلة إن مستخدمي الماريجوانا بشكل مستمر أو بشكل كبير تزداد لديهم فرصة (أو خطر) تطور اضطرابات ذهانية…».
يبدو أن تجاهل هذه المعلومات يزداد صعوبة، لذا يجب فهم الخطر المتزايد في السياق المناسب. إن شكلت نسبة الإصابة بانفصام الشخصية 1% من التعداد السكاني، تقترح تلك المعلومات أن خطر حدوث ذهان على الأقل بين المستخدمين المستمرين للماريجوانا يظل متدنيًا، أي ما يساوي 1.5%.
مع احتمال تزايد العدد إلى الملايين من مستخدمي الماريجوانا الحديثين، تشير هذه الأرقام لمعاناة الآلاف من هؤلاء المستخدمين لأعراض ذهانية في وقت تكون فيه مراكز الصحة النفسية وعلاج تعاطي المخدرات ممتلئة بالناس.
مع استمرار هذه النقاشات سيكون من المهم للناس في كلا الطرفين أن يتجنبوا التستر وراء الاكتشافات العلمية حول مخاطر الماريجوانا والتنبؤات المصيرية حول نهاية المجتمع المتحضر. في الدراسات الأولى عن الاحتباس الحراري مثلًا، تظهر المعلومات وكأنها دون تنظيم بشكل غير منسجم يسهل التلاعب به. رغم ذلك ومع الوقت قد تنبثق إشارة صحيحة وأنا مستعد لانتظار تلك الإشارة.
اقرأ أيضا:
الذهان psychosis: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
عشر حقائق اكتشفها العلماء عن الآثار الصحية للماريجوانا
ترجمة: إيلي عساف
تدقيق: عون حداد
مراجعة: تسنيم الطيبي