يصيب السرطان كبار السن بشكل أكبر بكثير من بقية الأعمار، في الولايات المتحدة الأمريكية يبلغ العمر الوسطي لتشخيص الإصابة بالسرطان 66 عامًا، ويعود ذلك لأسباب متنوعة مثل شيخوخة الخلايا وضعف الجهاز المناعي والضرر المتراكم الذي يلحق بالحمض النووي على مر السنين. على الرغم من أن إصابات السرطان عند الأطفال والمراهقين والشباب نادرة نسبيًا ولكن يبدو أن هناك أكثر من 11 نوعًا مختلفًا على الأقل من الأورام الخبيثة تزداد نسبة حدوثها عند صغار السن في الأعوام الأخيرة.

تحدث أقل من 1% من كل حالات الأورام الخبيثة عند الأطفال بحسب الجمعية الأمريكية للسرطان، وبالمثل تشير الإحصائيات إلى أن نسبة الأورام الخبيثة عند الأشخاص تحت 24 سنةً في بريطانيا لا تتجاوز 1% أيضًا.

وفق التقرير السنوي لمنظمة الصحة العالمية، فإن أغلب الأورام الخبيثة عند الأطفال تنتج عن أسباب وراثية بخلاف الأورام الخبيثة عند الكبار والتي يعود أغلبها لأسباب وعوامل بيئية، ومن هنا يظهر بوضوح أن أفضل دفاع متوفر في أيدينا ضد سرطانات الأطفال هو التشخيص المبكر والعلاج الفعال، ولا توجد توصيات عامة للوقاية مثل تلك التي ينصح بها للوقاية من الأورام الخبيثة عند كبار السن.

من جهة أخرى يبدو أن معدل البقيا لسرطانات الأطفال أفضل بكثير في الدول المتطورة (80%) مقارنةً بدول العالم الثالث (20%)، ويعود ذلك بشكل أساسي لصعوبة الحصول على العلاج المناسب في تلك الدول، بالإضافة لعوائق أخرى تتعلق بالقدرة على التشخيص المبكر والوعي العام حول السرطان.

زيادة هامة في معدل حدوث السرطان عند الأطفال وهذه هي الأسباب شيخوخة الخلايا ضعف الجهاز المناعي تضرر الحمض النووي مع التقدم بالعمر

ارتفعت نسبة حدوث سرطان الكبد عند الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0 – 4 سنوات وذلك خلال 25 سنةً مضت، بالإضافة إلى زيادة ملحوظة في حالات سرطان الدم والورم الأرومي العصبي وفقًا للتقرير الصادر عن جامعة مينيسوتا في شهر أبريل الماضي.

تقول جيني بوينتر من جامعة مينيسوتا: «يشير بحثنا إلى أن سرطان الكبد هو أسرع أنواع الأورام الخبيثة زيادةً عند الأطفال، وقد شهدت حالات سرطان الكبد عند الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0 – 4 سنوات ارتفاعًا ملحوظًا منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي في كل مناطق العالم باستثناء جنوب آسيا، إذ ارتفعت معدلات الإصابة بنحو 2 – 6.5% كل عام بحسب المنطقة.

حتى الأطفال الذين يُشفون بشكل كامل من السرطان لديهم خطر أكبر للإصابة بالعديد من الأمراض الهامة في المستقبل مقارنةً بأقرانهم الذين لم يصابوا بالسرطان، وأهم هذه الأمراض قصور القلب وارتفاع الضغط الشرياني والداء السكري، ويعود ذلك بشكل أساسي للعلاج الكيميائي وسميّته على جسم الطفل، من جهة أخرى يمكن أن تؤدي الإصابة ببعض الأمراض في وقت مبكر من العمر إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان.

فعلى سبيل المثال تؤدي الإصابة ببعض الفيروسات إلى حدوث تغيرات في بنية المادة الوراثية في الخلايا والتي قد تؤدي بدورها إلى الإسهام في حدوث أنواع معينة من الأورام الخبيثة في وقت لاحق من العمر، من هنا تبدو بوضوح أهمية الالتزام باللقاحات التي تقي من أمراض مثل التهاب الكبد الوبائي وفيروس الورم الحليمي البشري HPV.

يعد سرطان الكولون والمستقيم من أبرز الأورام الخبيثة التي سُجل ارتفاع هام في نسبة حدوثها عند الشباب في العديد من دول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وفرنسا وثماني دول أوروبية أخرى على الأقل.

لا يزال عدد الحالات المسجلة عند الأشخاص الأصغر من 30 سنةً قليلًا مقارنةً مع الحالات المشخصة عند كبار السن، ومع ذلك فمعدل الزيادة في حالات سرطان الكولون عند صغار السن ملحوظ ومثير للقلق، ويبدو هنا أن نوعية الغذاء تلعب دورًا هامًا في هذه الزيادة، فقد قدّرت جمعية أبحاث السرطان البريطانية أن ما يقارب 20% من حالات سرطان القولون ترتبط باستهلاك اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة والمعلبة.

من الأورام الخبيثة الأخرى التي سُجل ازدياد ملحوظ في معدل حدوث السرطان عند الأطفال والشباب في السنوات الأخيرة: سرطان الكلية والبنكرياس والرحم والمرارة والثدي، ويبدو أن جميع هذه الأورام الخبيثة ترتبط -بدرجات متفاوتة- بعوامل بيئية مثل البدانة ونمط الغذاء والنشاط الفيزيائي اليومي.

اقرأ أيضًأ:

السرطان الآن هو المسبب الرئيسي للوفاة في البلدان مرتفعة الدخل

ما يجب أن تعرفه عن سرطان البنكرياس

إعداد: د. محمد الأبرص

تدقيق: محمد قباني

مراجعة: تسنيم المنجد

المصادر: 1 2 3 4