هل يستطيع الكمبيوتر بلمحة واحدة معرفة شعورك والفرق بين الصورة المبهجة والصورة المحبطة؟ هل يمكن له أن يميز خلال بضع أجزاء الثانية الكوميديا الرومانسية من الفيلم المرعب؟ الإجابة طبعًا نعم، وكذلك يمكن لعقلك، وفقًا للبحث الذي نشره هذا الأسبوع علماء الأعصاب في جامعة كولورادو بولدر.

بحسب أستاذ علم النفس وعلم الأعصاب في جامعة كولورادو بولدر تور واجر؛ فإن تكنولوجيا التعلم الآلي أصبحت جيدة جدًا في التعرف على محتوى الصور، وعندما طُرح عليه سؤال: «هل يمكن أن تفعل الشيء نفسه مع العواطف؟». كانت الإجابة نعم.

نُشرت ورقة في مجلة Science Advanced والتي ستمثل خطوة مهمة إلى الأمام في تطبيق “الشبكات العصبية” وأنظمة الكمبيوتر على غرار الدماغ البشري لدراسة المشاعر.

كما تلقي نظرة جديدة مختلفة على كيفية ومكان تمثيل الصور في الدماغ البشري، ما يدل على أن ما نراه، حتى ولو كان لفترة وجيزة، يمكن أن يكون له تأثير كبير وسريع على مشاعرنا أكثر مما قد نتصور.

يفترض الكثير من الناس أن البشر يُقيّمون بيئتهم بطريقة معينة وأن العواطف تتبعها بشكل خاص “نظم الدماغ القديم مثل الجهاز الحوفي”. ويخبرنا فيليب جراكل باحث ما بعد الدكتوراه في معهد العلوم المعرفية حول هذه المسألة أنهم وجدوا أن القشرة البصرية نفسها تلعب أيضًا دورًا مهمًا في معالجة وتصور العاطفة.

صورة لــ فيليب جراكل

ولادة شبكة المشاعر emo-net

من أجل هذه الدراسة، بدأ فيليب جراكل بشبكة عصبية موجودة اسمها ألكس نت، والتي تمكن أجهزة الكمبيوتر من التعرف على الأشياء، وقام بإعادة تجهيز الشبكة للتنبؤ بما سيشعر به الشخص عندما يرى صورة معينة.

ثم أظهر للشبكة الجديدة ”إيمو نت” 25.000 صورة تتراوح بين الصور المثيرة ومشاهد الطبيعة وطلب من الشبكة أن تقوم بتصنيفها إلى 20 فئة مثل الرغبة والرغبة الجنسية والرعب والرهبة والمفاجأة.

النتيجة، استطاعت إيمو نت تصنيف 11 من أنواع المشاعر بدقة وبشكل ثابت، لكنها كانت أفضل في التعرف على البعض من الآخر. على سبيل المثال؛ استطاعت تحديد الصور التي تثير الرغبة الشديدة أو الرغبة الجنسية بأكثر من 95 في المائة من الدقة، لكنها واجهت صعوبة بالغة في تحديد بعض المشاعر بشكل دقيق، مثل الارتباك والرهبة والمفاجأة.

حتى اللون أثار تنبؤًا بالمشاعر، إذ إن الإيمو نت سجلت القلق عندما شاهدت شاشة سوداء، وسجلت الحنين عندما شاهدت اللون الأحمر، وسجلت التسلية عندما شاهدت الجراء، وإذا كان هناك اثنان منهم، فقد سجلت الرومانسية.

واستطاعت الإيمو نت أيضًا تقييم حدة الصور بشكل موثوق، أي بمعنى ليس معرفة شعورك فقط، بل مدى قوتها أيضًا. وعندما عرض الباحثون مقاطع أفلام قصيرة للإيمو نت وطلبوا منها تصنيفها على أنها كوميديا رومانسية أو أفلام أكشن أو أفلام رعب، كانت الإجابة دقيقة خلال ثلاثة أرباع الوقت.

ما تراه هو ما تشعر به

لمزيد من الاختبارات للإيمو نت وصقلها، أحضر الباحثون 18 شخصًا، ومثل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، قامت الآلة بقياس نشاط أدمغتهم، وعُرِض عليهم أربعة ثواني من 112 صورة، الإيمو نت شاهد نفس الصور، وعندما تمت مقارنة النشاط في الشبكة العصبية مع نشاط أدمغة الأشخاص، كانت الأنماط متطابقة.

ويقول فيليب حول هذه المسألة: «لقد وجدنا علاقة بين أنماط نشاط الدماغ في الفص القذالي والوحدات في الإيمو نت والتي ترمز لمشاعر معينة، وهذا يعني أن الإيمو نت تعلمت تمثيل المشاعر بطريقة مقبولة بيولوجيًا، على الرغم من أننا لم ندربها صراحة على القيام بذلك».

أسفر تصوير الدماغ نفسه أيضًا عن بعض النتائج المدهشة، إذ إن صورة لكائن أو وجه يمكن أن تشعل النشاط المرتبط بالعاطفة في القشرة البصرية للدماغ، ويمكن أن تظهر أنواعًا مختلفة من العواطف في مناطق مختلفة.

وحسب تور واجر فإن هذا يدل على أن العواطف ليست مجرد إضافات تحدث لاحقًا في مناطق مختلفة من الدماغ، بل أن أدمغتنا تعترف بها وتقوم بتصنيفها والاستجابة لها في وقت مبكر جدًا.

في النهاية يقول الباحثون إنه يمكن استخدام الشبكات العصبية مثل الإيمو نت لمساعدة الأشخاص على فحص الصور السلبية رقميًا أو العثور على الصور الإيجابية، ويمكن تطبيقه أيضًا لتحسين التفاعلات بين الإنسان والحاسوب والمساعدة في تطوير البحوث العاطفية. يقول جراكل: «ما تراه وما يحيط بك يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في حياتك العاطفية عبر معرفة شعورك».

اقرأ أيضًا:

أغنية الجليد والنار: رصد ولادة نظام شمسي جديد

الصين تزعم بناءها اول كومبيوتر من فئة ال Exascale

ترجمة: رضا الكصاب

تدقيق: فارس سلطة

المصدر