التهاب الكلية الأنبوبي الخلالي الحاد Tubulointerstitial Nephritis هو التهاب في الأنابيب الكلوية والنسيج المحيط بها أي الخلال؛ وقد يكون هذا الالتهاب حادًا مفاجئًا أو مزمنًا تدريجيًا. يؤدي التهاب الكلية الأنبوبي الخلالي إلى القصور الكلوي أو الفشل الكلوي (خسارة معظم وظائف الكلى) في معظم الأحيان، وقد يحدث هذا نتيجةً للعديد من الأمراض أو الأدوية أو السموم أو الإشعاعات التي تؤدي إلى تلف الكلى.

يؤدي تخرب الأنابيب إلى تبدلات في كميات الشوارد في الدم على سبيل المثال: كمية الصوديوم والبوتاسيوم أو إلى مشاكل في قدرة الكليتين على تركيز البول؛ الأمر الذي ينجم عنه بول شديد التمديد.

تؤدي المشاكل التي تطال تركيز البول إلى زيادة كميته اليومية أي البوال polyuria، وإلى صعوبة في الحفاظ على التوازن الصحيح للماء والشوارد في الدم.

الأسباب

أشيع سبب لالتهاب الكلية الأنبوبي الخلالي الحاد هو تفاعل تحسسي دوائي. تؤدي المضادات الحيوية كالبنسلينات penicillin والسلفوناميدات sulfonamides والمدرات ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية NSAIDs بما في ذلك الأسبرين إلى إطلاق تفاعل تحسسي، وبذلك تؤدي إلى التهاب كلية أنبوبي خلالي حاد.

يوجد عادةً فاصل بين التعرض للسبب المُطلِق للتفاعل التحسسي وبين حدوث التهاب كلية أنبوبي خلالي حاد، ويتراوح هذا الفاصل بين 3 أيام و5 أسابيع.

قد تسبب الأدوية التهاب كلية أنبوبيًا خلاليًا حادًا بآلية غير تحسسية، على سبيل المثال: يمكن لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية أن تخرب الكلية بشكل مباشر؛ ولكن قد يستغرق هذا نحو 18 شهرًا حتى يتسبب بحدوث التهاب كلية أنبوبي خلالي مزمن.

يؤدي التهاب الحويضة والكلية Pyelonephritis إلى التهاب كلية أنبوبي خلالي حاد أو مزمن، ولكن القصور الكلوي لا يحدث إلا إذا أدى الالتهاب إلى حدوث انسداد في السبيل البولي، أو إذا أصاب التهاب الحويضة والكلية الكليتين معًا.

يمكن أن يحدث التهاب الكلية الأنبوبي الخلالي نتيجةً لاضطرابات مناعية تؤثر بشكل مباشر على الكليتين؛ كالتهاب الكلية الخلالي الناتج عن أضداد الغشاء القاعدي Anti – TBM.

التهاب الكلية الأنبوبي الخلالي Tubulointerstitial Nephritis الأسباب اولأعراض ووالتشخيص والعلاج القصور الكلوي الفشل الكلوي

تشمل الأمراض التي تؤدي إلى التهاب الكلية الأنبوبي الخلالي الحاد الورم النقوي المتعدد Multiple myeloma، وداء الكلية عديد الكيسات Polycystic kidney disease، والتهاب الكلية الإنتاني والتهاب الحويضة والكلية Pyelonephritis، والقلس المثاني الحالبي Vesicoureteral reflux، والساركوئيد Sarcoidosis، والداء المنجلي Sickle cell disease، ومتلازمة شوغرن Sjögren syndrome، والذئبة الحمامية الجهازية Systemic lupus erythematosus.

وتشمل الأدوية المتسببة في حدوث ذلك: الألوبيرينول Allopurinol، وبعض المضادات الحيوية كالبنسلينات penicillins، والسيفالوسبورينات cephalosporins، والريفامبين rifampin، السيبروفلوكساسين ciprofloxacin، ومركبات السلفا كالريتريمتوبريم/سلفاميتاكسازول trimethoprim/sulfamethoxazole؛ وبعض المدرات كالفورسمايد furosemide والبوميتانيد bumetanide، والليثيوم Lithium؛ ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية، وأدوية العلاج الكيميائي، وأدوية الرفض المناعي كالسيكلوسبورين cyclosporine والتاكروليموس tacrolimus؛ ومثبطات مضخة البروتون كالأومبيرازول omeprazole واللانزوبرازول lansoprazole. أما السموم المتورطة في ذلك فتشمل: الرصاص، الكادميوم، وحمض الأريستولوشيك Aristolochic acid.

الأعراض

تكون الأعراض -في حال وجودها- متغيرةً بشدة وقد تتطور بشكل مفاجئ أو تدريجي، ويمكن أن لا يعاني بعض الأشخاص المصابين بهذا المرض من أي أعراض، أو قد يُظهرون قليلًا منها.

التهاب الكلية الأنبوبي الخلالي الحاد

قد تكون كمية البول المطروح طبيعية أو أقل من الطبيعية عندما يتطور التهاب الكلية الأنبوبي الخلالي الحاد بشكل مفاجئ، وفي بعض الأحيان قد تكون كميته زائدة؛ ما قد يدفع الشخص المصاب إلى التبول بعدد مرات أكبر، وإلى النهوض ليلًا للتبول nocturia. تحدث أعراض أخرى كالحمى، والتبول المؤلم، والألم في أسفل الظهر أو الخاصرة إذا كان السبب في إحداث الالتهاب الخلالي هو وجود التهاب حويضة وكلية.

التهاب الكلية الأنبوبي الخلالي المزمن

أولى العلامات التي تظهر في التهاب الكلية الأنبوبي الخلالي المزمن هي أعراض القصور الكلوي كالحكة، والتعب، ونقص الشهية، والغثيان، والإقياء، وصعوبة التنفس.

يكون الضغط الدموي طبيعيًا أو أعلى من الطبيعي بقليل في المراحل الأولى من المرض، أما كمية البول فتكون أكبر من كميته في الوضع الطبيعي.

التشخيص

تكشف الفحوص المخبرية علامات القصور الكلوي كارتفاع مستوى الفضلات في الدم، ووجود بعض الاضطرابات المميزة كالحماض الأيضي، وانخفاض مستويات البوتاسيوم، وحمض البول، أو الفوسفات.

تبقى الخزعة هي الإجراء الحاسم الوحيد لالتهاب الكلية الأنبوبي الخلالي؛ ولكنها نادرًا ما تُجرى إلا عند عدم إيجاد الأطباء أي سبب ممكن، أو إذا أصبح استخدام الستيرويدات القشرية مطلوبًا.

قد يكون البول طبيعيًا تقريبًا -بوجود أثر من البروتين أو القيح- عند تطور التهاب الكلية الأنبوبي الخلالي بشكل مفاجئ، ولكن يكون الاضطراب عادةً صارخًا.

قد يُظهر البول وجود عدد كبير من الكريات البيضاء بما في ذلك الحمضات eosinophils؛ هذا النوع من الكريات لا يظهر عادةً في البول ولكن ظهورها يعني إصابة الشخص بالتهاب كلية أنبوبي خلالي حاد تالٍ لتفاعل تحسسي، وفي هذه الحالة يُظهر فحص الدم ارتفاعًا في الحمضات كذلك.

قد يطلب الطبيب التصوير بالأمواج فوق الصوتية Ultrasonography، أو المسح بالنظائر المشعة radionuclide scanning أو كليهما؛ تكون الكلية كبيرة الحجم عند وجود تفاعل تحسسي بسبب الالتهاب الناجم عن السبب المطلق للتفاعل التحسسي، وقد يظهر هذا التضخم باستخدام الإجراءين السابقين اللذَين يميزان التهاب الكلية الأنبوبي الخلالي الحاد عن اضطرابات الكلية الحادة الأخرى.

الإنذار

تتحسن الوظيفة الكلوية عادةً حالما يُوقف الدواء أو العامل المتهم في إحداث الالتهاب، أو عندما يكون علاج السبب الكامن وراء إحداثه فعالًا، ولكن بالرغم من ذلك يبقى تندب جزء من الكلية شائعًا. بشكل عام، يكون الإنذار سيئًا إذا كان الدواء المتهم في إحداث الالتهاب الخلالي من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية.

يتطور تخرب الكلية بمعدلات مختلفة في أجزاء الكلية المختلفة في حالات التهاب الكلية الأنبوبي الخلالي التدريجي، ما قد يؤدي إلى اختلاف الاضطرابات المشاهدة ولكن يتطور التخرب غير العكوس عادةً ليشمل معظم أو كامل الكليتين؛ الأمر الذي ينتهي بقصور أو فشل كلوي.

علاج التهاب الكلية الأنبوبي الخلالي

تكون الخطوة الأولى في علاج الالتهاب الحاد بإيقاف الدواء المتهم بتخريب الكلية أيًا كان، وبمعالجة السبب الكامن وراء إحداثه؛ قد يسرع استخدام الستيرويدات القشرية من تعافي الوظيفة الكلوية إذا كان السبب في إحداث الالتهاب الخلالي الحاد تفاعلًا تحسسيًا أو من أمراض المناعة الذاتية كمتلازمة شوغرن والذئبة الحمامية الجهازية.

قد يصبح غسيل الكلى dialysis ضروريًا عندما تسوء وظيفة الكلية أو عندما يتطور القصور الكلوي، كما قد يصبح تخرب الكلية غير عكوس في بعض الحالات؛ الأمر الذي يؤدي إلى القصور الكلوي المزمن.

يتمحور علاج الالتهاب المزمن أيضًا حول إيقاف الدواء المسبب وعلاج الاضطراب الكامن وراء إحداثه، ولكن هنا تكون الحاجة إلى العلاج الداعم –كضبط الضغط الشرياني- ضروريةً عادةً، مع ذلك؛ يتطلب الضرر الشديد غير العكوس الذي يطال الكليتين غسيلًا للكلى أو زرع كلية سليمة لاستمرار حياة المريض.

اقرأ أيضًا:

التهاب الأوعية الشروي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

التهاب الكبد المناعي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

العلاجات المتنوعة للقصور الكلوي من الأدوية إلى زرع الكلية

ترجمة: دانيا الدخيل

تدقيق: علي قاسم

مراجعة: آية فحماوي

المصدر