ماذا سيحدث لو دارت الأرض بشكل أسرع ؟ جالسًا في منزلك على الأريكة، هل فكرت بأنك لست فعلًا في وضع ساكن؟ نعم، هذا صحيح؛ إذ تتحرك الأرض دائمًا حركة نسبية مقارنةً بالكون حولها، فهي تدور حول الشمس كما تدور حول محورها.

تحدث العديد من الظواهر الطبيعية حولنا، مثل: تغير حالة الطقس والرياح، والمد والجزر، والعديد من الظواهر الطبيعية الأخرى التي تحدث بسبب هاتين الحركتين النسبيتين لكوكبنا، (خصوصًا دورانه حول نفسه). وهذا ما دفعنا للقول، هل تساءلت يومًا ما الذي سيحدث لو أن الأرض بدأت بالدوران على نحو أسرع؟ دعنا نأخذ نظرة على الجواب!

ما سبب دوران الأرض؟

للإجابة على هذا السؤال، علينا أن نعود بالزمن إلى الوقت الذي بدأ فيه نظامنا الشمسي بالتشكل. ففي بادئ الأمر، كان يتكون نظامنا الشمسي من سحب ضخمة من الغبار والغاز.

حالما بدأت السحابة بالانهيار على نفسها، تحولت إلى قرص عملاق مع انتفاخ في الوسط، ما شكل الشمس في النهاية، وبدأت الكواكب والأجرام السماوية الأخرى (مثل المذنبات والكويكبات والأقمار) بأخذ أجزاء من القرص الأصلي، عندها ظهرت حاجة للحفاظ على الزخم الزاوي الإجمالي للنظام. وبالتالي، ورثت هذه الأجرام السماوية دورانها من الحركة الإجمالية للنظام الشمسي.

بعدم وجود أي قوى غير متوازنة في النظام (لا شيء نعرفه حاليًا!)، حافظت عطالة الشمس والكواكب على دورانها المشترك لمليارات السنين. وعلاوةً على ذلك، ستواصل القيام بذلك لمليارات السنين حتى اصطدامها بجرم آخر.

أهمية دوران الأرض

يجعل معدل دوران الأرض على مدار 24 ساعة من الأرض مكانًا مناسبًا للحياة؛ إذ يحافظ على درجة حرارة الأرض المحيطة، فيغمر السطح بأشعة الشمس خلال النهار على مدى فترة مناسبة من الزمن فقط، ثم يبرد في الظلام أثناء الليل.

يتعرض الغلاف الجوي للأرض إلى قوة سحب داخلية نحو الأرض بسبب دورانها (مع قوة الجاذبية الأرضية للكوكب) وكذلك يحافظ على مسافة مناسبة من سطحها.

تحدث ظاهرة المد والجزر -وهي الارتفاع والانخفاض المستمر لمستوى سطح البحر- نتيجةً لكل من دوران الأرض حول محورها وتأثيرات الجاذبية من الأرض والقمر.

دور قوة كوريولس

يسبب الدوران انحراف الهواء وتيارات المحيط. تدور الأرض على نحو أسرع بكثير من الرياح أو التيارات، والذي يقود إلى قوى كوريولس التي تحرف الرياح وتغير من اتجاهها، مولدةً مناطق من الضغط المرتفع والمنخفض على سطح الأرض.

ما هو تذبذب تشاندلر؟

تذبذب تشاندلر: هو اسم أُعطي للحركة عند قطب الأرض بمقدار 0.7 ثانية القوس arcesecond

(1 Degree = 60 arcminute; 1 arcminute = 60 arcseconds)، وهي المقياس الزاوي لجسم ما عبر فترة تبلغ حوالي 14 شهرًا تقريبًا.

يُعتقد بأنه ناتج بشكل أساسي عن الرنين الطبيعي في جسم الأرض التي تدور بسبب التوزع الكتلي المتغير والدقيق على سطحها وداخلها وفي المحيطات والغلاف الجوي.

ماذا سيحدث لو دارت الأرض بشكل أسرع ؟

انعدام الجاذبية

ماذا سيحدث لو دارت الأرض بشكل أسرع ازدياد سرعة الرياح طول اليوم فياضانات هائجة سبب دوران الأرض قوة كوريولس انعدام الجاذبية

إذا كنت الآن تزن حوالي 150 رطلًا عند الدائرة القطبية الشمالية، فربما ينخفض وزنك إلى 149 رطلًا عند خط الاستواء. وهذا بسبب قوة الطرد المركزية الإضافية التي تتولد، يدور خط الاستواء بشكل أسرع لاجتياز مسافة أكبر، مقارنة مع القطبين. فكلما حققت سرعة أكبر، ينخفض وزنك أكثر.

كشف أودينوالد: إذا زادت السرعة عند خط الاستواء لأعلى من 17641 ميلًا في الساعة (28320 كيلومتر في الساعة)، فستتغلب قوة الطرد المركزي على قوة الجاذبية، أي أننا سنكون فعليًا عديمي الوزن!

طول اليوم

يحدد دوران كوكبنا بشكل أساسي طول مدة اليوم. وسرعة دوران أكبر ستعني يومًا أقصر، وبالتالي سيزداد عدد الأيام في السنة (على فرض أن الأرض ما زالت تدور بنفس المعدل).

فيضانات هائجة

ستتسبب السرعة الزائدة عند خط الاستواء بتجمع مياه المحيطات هناك. وعند معدل أسرع بميل واحد في الساعة فقط عن السرعة الاعتيادية، ستصبح المياه عند خط الاستواء أعمق بعدة إنشات قليلة في غضون أيام قليلة. إذ ستدفع قوة الطرد المركزي آلاف الغالونات من الماء باتجاه خط الاستواء.

ستُغمر العديد من المناطق المنخفضة في العالم، بما فيها مدينة نيويورك والبندقية ومومباي والعديد من المناطق الأخرى إذا تجاوزت السرعة بضعة أميال قليلة في الساعة، بالإضافة لتشرد الملايين من الناس من منازلهم.

ازدياد سرعة الرياح

لا يُعتبر دوران الأرض القوة المهيمنة التي تسيطر على الغلاف الجوي للأرض؛ إذ يحدث الانتقال الحراري (الحمل الحراري) والرياح بسبب التسخين المتفاوت لسطح الكوكب. ومن ناحية أخرى يلعب تأثير كوريولس دوره في الانحراف الاتجاهي لهذه الرياح.

مع زيادة سرعة دوران الأرض، سيزداد ضغط دورات الانتقال الحراري، وربما يحمل الطقس مزيدًا من العواصف والأعاصير.

كلمة أخيرة

من الواضح أن ازدياد سرعة دوران الأرض يحمل آثارًا مختلفةً على الحياة تتراوح ما بين زيادة حدوث الزلازل وموجات التسونامي إلى تقصير مدة اليوم، وربما يطفو الناس في وسط إفريقيا بينما قد يذوب الجليد القطبي بسرعة كبيرة، غامرًا معظم أجزاء العالم بالماء.

على صعيد آخر، يتباطأ دوران الأرض في الواقع بسبب وجود القمر؛ فكل عام يكتسب القمر قليلًا من الطاقة من الأرض ويندفع بعيدًا بدرجة صغيرة جدًا. يُقدَّر انخفاض سرعة دوران الأرض على مدى المئة عام الماضية بحوالي 1.4 ميلي ثانية. وإذا اعتبرنا ذلك نقطةً مرجعيةً، فسيستغرق الأمر حوالي 50000 سنة لإضافة ثانية واحدة إلى طول اليوم على الأرض.

لتزداد سرعة دوران الأرض بشكل ملحوظ، يجب أن تُضرب بجسم كبير بما فيه الكفاية! ما سيحمل الكثير من العواقب، مثل تفكك قشرة الأرض والزلازل الكبيرة التي يمكنها قتلنا جميعًا بسهولة.

بنظرة تفاؤلية، دعنا نسعد لأن كوكبنا يدور الآن بالسرعة المناسبة على ما يبدو!

اقرأ أيضًا:

تباطؤ ضئيل في سرعة دوران الأرض يمكن أن يسبب زلازل كُبرى

اكتشاف أشبه كوكبين بالأرض على مسافة 12.5 سنة ضوئية

ترجمة: فارس بلول.

تدقيق: عبد الرحمن بن خليفة

المصدر