بعد 50 عامًا من الهبوط التاريخي لرواد مهمة Apollo 11 على القمر، بدأت ناسا بالتخطيط حول العودة إلى القمر مرةً أخرى، لكن المهام المطلوب تأديتها هذه المرة لا تزال لغزًا. الخطة هي إنزال البشر مرةً أخرى على القمر بحلول عام 2024. الوجهة ستكون القطب الجنوبي للقمر، وهي منطقة لم يستكشفها أي إنسان من قبل. والهدف هو الاعتماد على الشراكات التجارية والدولية لإقامة مستعمرة بشرية دائمة على سطح القمر ، تدوم لوقت أكثر من مجرد بضع سنوات، كما فعلت أبولو.

من المتوقع أن تكون المهمة الأولى قصيرة؛ إذ لن يقضي رواد الفضاء سوى بضعة أيام على الأكثر على سطح القمر، وهدفها إثبات أن التقنيات التي تبنيها ناسا أو شركائها تعمل بالطريقة التي صُممت من أجلها. وتشمل تلك القائمة الصواريخ، والمركبات الفضائية، ومحطةً تدور حول القمر، وبذلةً فضائية.

مثل بعثات أبولو، سيتدرب الجيل القادم من رواد الفضاء على مجموعة من المهام العلمية. فحتى أفضل الروبوتات لا يمكنها القيام بالعمل الذي يمكن للبشر القيام به بنفس الجودة. كما أننا لن نركز على جلب صخور قمرية أو ما شابه للأرض هذه المرة؛ إذ أنها لن تضيف الكثير من القيمة العلمية.

وترى لورا فورزيك التي تدير شركةً استشارية في مجال صناعة الفضاء تدعى Astralytical أنه من الأفضل التركيز على إجراء الأبحاث العلمية على سطح القمر من قِبل بشر بدلًا من الآلات.

لماذا نريد العودة إلى القمر هل يخطط رواد الفضاء للعودة إلى القمر مرة أخرى الهبوط على سطح القمر مهمة أبولو 11 استكشاف الفضاء

وقال ريان واتكينز عالم فلك في معهد علوم الكواكب: «يمكن للبشر اتخاذ قرارات أفضل بسرعة أكبر من الروبوتات، قد تؤمر مركبة فضائية روبوتية بتفحص صخرة معينة وستؤدي المهمة، بينما يمكن لبشري أن ينظر لتلك الصخرة ويلاحظ أن الصخرة الموجودة وراءها أكثر إثارة للاهتمام؛ لأن لديه عينين مدربتين بشكل أفضل لهذا النوع من المسائل».

سيتمكن رواد الفضاء أيضًا بعد العودة إلى القمر من نشر أدوات ستبقى على سطحه، مثل شبكة من أجهزة قياس الزلازل التي ستعطي العلماء نظرةً داخل القمر من أجل فهم بنيته بشكل أفضل وقياس تأثيرات النيازك عليه.

وقال واتكينز: «لا يهم أين سنهبط؛ سنتعلم شيئًا جديدًا أينما هبطنا، سواء هبطنا على القطب الجنوبي أم لا، سنتعلم علومًا قيّمة؛ هناك جزء كبير من القمر لم يتم استكشافه بعد».

إن القطب الجنوبي مثير بشكل خاص لأنه المكان الذي وجد فيه العلماء جليدًا مائيًا تحت السطح. ويعتقد المهندسون أنه يمكنهم حصاد هذا الجليد. يمكن أن نستخلص الجليد ونذوبه كمياه شرب للبشر، أو تقسيمه إلى هيدروجين وأكسجين واستخدامه كوقود صاروخي.

بالطبع «الاستدامة» هي النقطة الأساسية؛ إذ يقول فورزيك: «الفكرة هي أننا نريد أن نمضي قدمًا الآن وألا نتوقف، لا نريد أن تقول الحكومة “حسنًا، تم إلغاء المهمة” بعد هبوطين أو ثلاثة».

بدلاً من ذلك، ترسم ناسا صورةً أشبه بما يحصل في القارة القطبية الجنوبية، حيث تعمل البلدان والأكاديميون والشركات معًا على المدى الطويل خارج حدود دولة فردية.

بالطبع فإن هذه النظرة بعيدة الأمد تعني أن العلماء والمهندسين سيضطرون للتعامل مع قضايا لم تشكل عائقًا أثناء مهمات Apollo لكنها ستصبح كذلك بسهولة. على سبيل المثال، يؤدي هبوط مركبة فضائية على سطح القمر إلى إثارة غيوم من الغبار الحاد للغاية.

إذا كنت تقوم ببناء قاعدة قمرية وستهبط في نفس المكان مرارًا وتكرارًا، فمن المحتمل أن تقوم بإثارة الكثير من الغبار الذي قد يصيب المنازل أو الأدوات الموجودة مسبقًا. إن الغبار ليس المشكلة الوحيدة، لكن التحديات ستعلمنا دروسًا قيمة من أجل المهام المستقبلية الأبعد، إلى المريخ مثلًا.

كما أن التقنيات التي سنطورها من أجل القمر ستفيدنا هنا على الأرض؛ إذ يقول واتكينز: «هذا ما حدث أيام أبولو، إذ أصبحت الكثير من التقنيات التي طوِّرت مفيدةً جدًا لنا هنا على الأرض».

بالإضافة إلى التكنولوجيا، قد يتطلب بناء مستعمرة بشرية على سطح القمر، تعلم التواصل مع الآخرين بشكل أفضل. إذ أكدت ناسا أنها لا تريد العودة إلى القمر وحدها، بل ترغب في تطوير نظام دولي مثل النظام الأساسي لمحطة الفضاء الدولية. ما سيشكل نافذةً للتعاون بين الناس باختلاف أعراقهم وجنسياتهم والذي قد يفتح بابًا لحل المشاكل السياسية هنا على الأرض.

اقرأ أيضًا:

علينا العودة لمناقشة استيطان القمر!

ماذا لو لم يعد نيل آرمسترونغ وباز ألدرين من القمر؟ .. نيكسون كان يمتلك خطة سرية

ترجمة: مهران يوسف

تدقيق: محمد كانون قباني

مراجعة: براءة ذويب

المصدر