داء ترسب الأصبغة الدموية هو عبارة عن زيادة مخزون الجسم من الحديد. إذا كنت مصابًا بترسب الأصبغة الدموية، فهذا يعني أن جسمك يمتص الحديد بقدر زائد عن احتياجه، وعلاج هذا الداء يكمن في عملية بسيطة تسمى الفصد «بضع الوريد» وبها يُسحب الدم من أوردة الذراع.

ما هو داء ترسب الأصبغة الدموية ؟

كما قلنا، هو عبارة عن زيادة مخزون الجسم من الحديد، والحديد مادة غذائية هامة تساعد هيموجلوبين الدم على حمل الأكسجين إلى أعضاء الجسم وأنسجته. تمتص الأمعاء الحديد الذي يحتاجه الجسم من الطعام، وتعوض هذه الكمية الحديد المفقود يوميًا.

إذا كنت مصابًا بترسب الأصبغة الدموية، فجسمك يمتص الحديد بقدر زائد عن الاحتياج، ويعجز الجسم عن التخلص من الحديد الزائد، فيخزنه في المفاصل وأعضاء الجسم خاصة الكبد والقلب والبنكرياس، وهذه الأعضاء لا تستطيع إدارة الحمل الزائد من الحديد، ما يؤدي بها في نهاية المطاف إلى التلف، ثم فشل في أداء الوظائف.

من يُصاب به وراثيًا؟

الرجال أكثر عرضةً بالإصابة بداء ترسب الأصبغة الدموية الوراثي، وكذلك العرقية القوقازية أكثر عرضة من غيرها، خاصة من أصول شمال أوروبا، ومع ذلك فهي من الممكن أن تصيب الجماعات العرقية الأخرى.

أعراض الإصابة عادةً ما تظهر لدى الرجال الذين تتراوح أعمارهم من 30 إلى 50، كذلك لا تظهر لدى النساء حتى ما بعد سن الخمسين أو بعد فترة سن اليأس، وأغلب الظن بسبب أن النساء تفقد الحديد الموجود في الدم مع الدم المفقود خلال فترات الحيض والطفولة، ويكون الشخص أكثر عرضةً للإصابة إذا كان فرد في عائلته مصابًا به.

هل هذا المرض شائع؟

يُعد من أكثر الأمراض الوراثية شيوعًا في الولايات المتحدة الأمريكية، فواحد من كل 8 إلى 12 شخصًا قوقازيًا في الولايات يُعتبر حاملًا للمرض، مع وجود نسخة واحدة من خلل الجينات، وحوالي خمسة أشخاص من كل ألف شخص قوقازي لديه نسختان من الجين المسؤول عن المرض، ما يعرضهم إلى خطر الإصابة بالمرض، وقد قُدر أن نصف هؤلاء الذين يحملون نسختين من الجين المسؤول عن المرض ينتهي بهم المطاف بالإصابة بالمرض.

الأسباب

الحمل الزائد من الحديد قد يكون نتيجة لاضطرابات مثل: مرض الثلاسيميا (خلل وراثي في كرات الدم)، الأنيميا، إدمان الكحول المزمن، وحالات أخرى. في كثير من الحالات يكون الحمل الزائد نتيجةً لخلل وراثي، بمعنى أنه يورّث من الآباء للأبناء بالجينات، وهذا النوع يسمى داء ترسب الأصبغة الوراثي، وداء ترسب الأصبغة الدموية الوراثي يعرف أيضًا بداء ترسب الأصبغة الدموية الأولي «الأساسي»، وأغلب الحالات تكون بسبب خلل في جين يُسمى HFE.

بعض الأشخاص يحصلون على نسخة واحدة من خلل الجين HFE من أحد الوالدين، وبالتالي يصبح الشخص حاملًا فقط لجين المرض وليس مصابًا به، ويُطلق عليهم «الحاملون» لأنهم يحملون الجين ويورثونه لأبنائهم، والحاملون عادةً لا يصابون بالمرض، ولكن الأشخاص الذين يحصلون على خلل الجين HFE من كلا الأبوين لديهم فرصة أكبر للإصابة بالمرض.

وتوجد أنواع أخرى من داء ترسب الأصبغة الوراثي سببها ليس خللًا في الجين HFE مثل: داء ترسب الأصبغة الصِبْياني (متعلق بالأطفال)، وأيضًا داء ترسب الأصبغة الوليدي (متعلق بحديثي الولادة)، ولكنها غير شائعة.

أعراض داء ترسب الأصبغة الدموية

في المراحل المبكرة، عادةً لا توجد أي أعراض ملحوظة، ولكن عند ظهور الأعراض، وأشهرها الإرهاق المزمن وألم المفاصل، بعض الناس المصابين بهذا المرض يعانون من ألم في مفاصل الأصابع، وهذا يُعرف بـ «القضة الحديدية» أي ناتجة عن خلل في حديد الجسم، وتعتبر دليلًا واضحًا على الإصابة بهذا المرض، وهناك أعراض أخرى مثل:

  •  نقص الطاقة.
  •  ألم بطني.
  •  فقدان الشهوة الجنسية.
  • تساقط شعر الجسم.
  •  اختلال في خفقان القلب (رفرفة القلب).
  •  تشوش الذاكرة.
  •  فقدان الوزن.
  •  تلون جلد البطن (عادة اللون الرمادي أو البرونزي).

التشخيص

عادةً ما يصعب تشخيصه، لأن أعراضه تتشابه مع العديد من الاضطرابات الأُخرى، ولكن غالبًا ما يرتبط داء ترسب الأصبغة الدموية الوراثي مع ارتفاع مستويات الحديد في اختبارات الدم الروتينية المنتظمة.

وللتشخيص بهذا الداء، يستخدم الطبيب:

  •  الفحص البدني: سيبدأ الطبيب بتاريخ كامل مع المريض، أي يسأله عن الفترة السابقة من حياته من ناحية العمليات الجراحية أو أمراض أُخرى أصابته. أثناء الفحص البدني قد يلاحظ الطبيب تغيرات في لون البشرة، أو وجود تورم في الكبد وربما في الطحال. سوف يسأل الطبيب أيضًا عن ما إذا أُصيب أحد أفراد عائلته بداء ترسب الأصبغة الدموية الوراثي أو مرض كبدي غير مبرر.
  •  اختبارات الدم: سيطلب الطبيب مجموعة من اختبارات الدم لقياس كمية الحديد في الجسم، وأيضا لاستبعاد الاضطرابات الأخرى كسبب للأعراض.

إذا وُجِد ارتفاع في مستويات الدم أكثر من اللازم، سيُجرى اختبار دم مُخصص للكشف عن ما إذا وُجد خلل في الجين HFE، وهذا ما سيؤكد الإصابة بداء ترسب الأصبغة الدموية، وتُجرى الاختبارات الجينية لأقارب الأشخاص المصابين بهذا الداء للكشف عن المرض قبل إتلافه لأعضاء الجسم.

يُستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي بشكل متزايد لتقدير كمية الحديد في الكبد. في بعض الحالات، قد تكون هناك حاجة لأخذ خزعة من الكبد. أثناء خزعة الكبد، تُزال قطعة صغيرة من أنسجة الكبد بإبرة دقيقة، تُفحص الأنسجة تحت المجهر، ويمكن أن تظهر الخزعة مستوى الحديد في الكبد ومدى تلف الكبد.

العلاج

يُعالج داء ترسب الأصبغة الدموية بعملية بسيطة تُسمى «الفصد»، بهذه الطريقة يُسحب الدم من الأوردة الموجودة في الذراع (مثل التبرع بالدم في بنك الدم). إن إزالة الدم يزيل الحديد الذي يحتويه، وهي الوسيلة الأكثر فاعليةً للتخلص من الحديد الزائد، وتُستبدل خلايا الدم التي تمت إزالتها بخلايا جديدة.

يعتمد العلاج على نسبة الحديد الموجودة في الدم. عادة ما يتم أخذ نصف لتر مرة أو مرتين شهريًا حتى تعود نسبة الدم إلى مستواها الطبيعي، وهذه العملية قد تستغرق شهورًا.

وبمجرد استقرار مستويات الحديد، يبدأ المريض في العلاج للحفاظ على مستوى الحديد ثابتًا، والذي يتضمن سحب الدم عدة مرات سنويًا لبقية حياة المريض، وستحدد اختبارات الدم السنوية عدد المرات التي يجب فيها سحب الدم من المريض.

ويجب على المصابين بداء ترسب الأصبغة الدموية تقليل كمية الحديد في نظامهم الغذائي، وتجنب الأطعمة المدعمة بالحديد، وحبوب الحديد، والفيتامينات، والمكملات الغذائية التي تحتوي على الحديد، والمأكولات البحرية الخام، والكحول الزائد.

مضاعفات داء ترسب الأصبغة الدموية

إذا لم يُكتشف داء ترسب الأصبغة الدموية مبكرًا ويُعالج، فسوف يؤثر على الأعضاء الحيوية، ويؤدي إلى مضاعفات خطيرة، ومن هذه المضاعفات:

  •  تضخم الكبد.
  •  تليف الكبد.
  •  سرطان الكبد.
  •  فشل في وظائف الكبد.
  •  التهاب المفاصل.
  •  هشاشة العظام.
  •  داء السكري نتيجة لتلف البنكرياس.
  •  عدم انتظام ضربات القلب.
  •  تضخم عضلة القلب.
  •  قصور القلب الاحتقاني.
  •  ضعف القدرة الجنسية.
  •  انقطاع الطمث المبكر.
  •  نقص إفراز الغدة الدرقية
    .
    تلف الغدد الكظرية.
  •  تضخم الطحال.

كيف تتجنب الإصابة به؟

لا يُمكن تجنب الإصابة بداء ترسب الأصبغة الدموية، ولكن إذا أُصيب أحد من عائلتك به، يمكنك فحص وجود خلل في جين HFE، وبهذه الطريقة يمكن بدء علاجه قبل حدوث تلف لأي عضو.

توقعات المرض

يُعتبر داء ترسب الأصبغة الدموية مرضًا مستمرًا مدى الحياة، ولكن من السهل جدًا علاجه، فعندما يتم الكشف عنه مبكرًا ويُعالج قبل حدوث تلف للأعضاء يمكن للمرء أن يعيش حياة طبيعية صحية خالية من المضاعفات.

وتعتمد التوقعات لهؤلاء الذين تعرضوا لتلف في بعض الأعضاء على مدى الضرر والتلف لهذه الأعضاء. يمكن إيقاف تلف العضو بل وتصحيح التلف إذا ما تم الكشف عنه في مراحل مبكرة.

متى يجب عليك الاتصال بمقدمي الرعاية الصحية؟

تواصل مع مقدم الرعاية الصحية الخاص بك إذا كنت تعاني من أعراض المرض، أو إذا أردت اختبار خلل جين HFE.

اقرأ أيضًا:

داء ستيل في البالغين: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

داء الرتج: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

داء المستخفيات: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

داء المشوكات: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: محمود مرزوق

تدقيق: محمد وائل القسنطيني

المصدر