وجدت دراسة جديدة شملت أكثر من 283000 من كبار السن في المملكة المتحدة أن استخدام الأدوية المضادة للكولين طويل الأمد –بما في ذلك بعض مضادات الاكتئاب والصرع و داء باركنسون (الشلل الرعاش)– يرتبط بزيادة خطر الخرف بشكل كبير. بالنسبة للدراسة التي مولها المعهد الوطني للبحوث الصحية، تابع باحثون من جامعة نوتنغهام بالمملكة المتحدة أكثر من 58000 شخص مصاب بالخرف و225000 شخص غير مصاب.

امتدت الفترة الزمنية المشمولة في الدراسة 20 عامًا، بدأت من قبل تشخيص أي من المشاركين بالخرف.

وجد الباحثون أنه حتى المرضى الذين تناولوا نوع دواء واحد قوي مضاد للكولين مع أدنى حد من الجرعة اليومية الفعالة لمدة ثلاث سنوات لديهم احتمال أكبر بنسبة 50 بالمئة في تشخيص إصابتهم بالخرف، حتى عند أخذ عوامل أخرى مثل عمر المشاركين ونوع الجنس وما إذا كانوا يدخنون أو يشربون الكحول.

ووجدت الدراسة أيضًا أن العلاقة بين هذه العقاقير والخرف كانت أقوى لدى الأشخاص الذين شُخصوا قبل سن الـ 80، ما يشير إلى أن الأشخاص في منتصف العمر وكبار السن يجب أن يكونوا أكثر حذرًا بشأن أدويتهم.

لا يقول مؤلفو الدراسة إنه يجب على الناس التوقف عن تناول الأدوية المضادة للكولين، بدلاً من ذلك، يوصي الأطباء بالموازنة بين إيجابيات وسلبيات هذه الأدوية قبل وصفها، والنظر في خيارات العلاج البديلة عندما يكون ذلك ممكنًا، لا سيما عندما يكون المرضى في منتصف العمر وما بعده.


«الأدوية المضادة للكولين» هي فئة شائعة من الأدوية تمنع مادة كيميائية معينة في الدماغ، وليس لجميعها علاقة في خطر الإصابة بالخرف.

عمومًا، شملت الدراسة 56 نوعًا من الأدوية المضادة للكولين. تصف الدراسة فئة من الأدوية المستخدمة للمساعدة في التحكم في تشنجات العضلات وغيرها من حركات العضلات اللاإرادية.

تعمل الأدوية عن طريق منع ناقل عصبي معين، وهو أسيتيل كولين، يستخدمه الدماغ لإرسال إشارة للعضلات في الرئتين والقناة الهضمية والمسالك البولية ومناطق أخرى من الجسم لتنقبض.

نتيجة لذلك، يمكن للناس تحسين أداء وظائف الجهاز الهضمي والبولي عند تناول هذه العقاقير. بعض مضادات الاكتئاب وأدوية الصرع والأدوية المستخدمة للسيطرة على المثانة هي أدوية مضادة للكولين والتي وجدت الدراسة أنها ارتبطت بزيادة خطر الإصابة بالخرف. هي تشمل:

  •  مضادات الاكتئاب مثل أميتريبتيلين، باروكستين، نورتيبتيلين، ودوكسيبين.
  •  مضادات الصرع مثل كاربامازيبين وأوكسكاربازيبين.
  •  مضادات الذهان مثل الكيتيابين، أولانزابين، كلوربرومازين، وبيرفينازين.
  •  أدوية لمرض الشلل الرعاش مثل البنزتروبين، الأورفينادرين، وتراكسفينيديل.
  •  الأدوية للسيطرة على المثانة بما في ذلك داريفيناسين، فيزوتيرودين، أوكسي بوتينين، وتولترودين.

لم ترتبط جميع أنواع العقاقير المضادة للكولين المشمولة في الدراسة بالإصابة بخطر الخرف. لم يجد الباحثون أي ارتباط بين معدلات الخرف والأدوية الأخرى المضادة للكولين، بما في ذلك:

  •  مضادات الهيستامين مثل ديفينهيدرامين وهيدروكسيزين.
  •  مضادات تشنج الجهاز الهضمي مثل ديسيكلومين وهيوسين بروبانثيلين.
  •  الموسع القصبي المضاد للمسكارين مثل الإبراتروبيوم.
  •  مضادات لعدم انتظام ضربات القلب مثل ديسوبيراميد.
  •  مرخيات العضلة الهيكلية مثل تيزانيدين وميثوكاربامول.

هذه ليست الدراسة الأولى التي تجد صلة بين مضادات الكولين والخرف، ولكن ما تزال هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث.

دُعّمت هذه النتائج من خلال الأبحاث السابقة حول الارتباطات المحتملة بين الخرف ومضادات الكولين. شملت الدراسات السابقة على مجموعة أصغر من المرضى، وركزت على التعرض للمدى قصير للعقاقير لكن نتيجتها كانت مماثلة: زيادة كبيرة في خطر الإصابة بالخرف المرتبط بمضادات الكولين.

هناك علاقة بين بعض الحالات الأساسية التي تعالجها مضادات الكولين، مثل الاكتئاب، وبين الخرف. لذلك من الصعب أن نفهم ما إذا كانت هذه الحالات هي المسؤولة عن الخرف أم الأدوية التي تعالجها أم كلا الأمرين معًا أم أن شيئًا آخر كليًا هو المسؤول.

ومع ذلك، يفترض مؤلفو الدراسة أنه إذا أمكن إثبات وجود صلة سببية بمزيد من الأبحاث، فإن ما يصل إلى 10 بالمئة من تشخيص الخرف يمكن أن يعزى إلى التعرض لمضادات الكولين.

ومن شأن هذا أن يجعل التعرض لتلك الأدوية من بين عوامل الخطر الرئيسية للإصابة بالخرف إلى جانب التدخين -إذ ترتبط نسبة 14 بالمئة من حالات الخرف بالتدخين في المراحل المتقدمة من العمر- والخمول البدني (6.5 بالمئة)، وارتفاع ضغط الدم في منتصف العمر (5 بالمئة)، ومرض السكري (3 بالمئة).

اقرأ أيضًا:

واحد من أكثر مضادات الاكتئاب استخدامًا له علاقة بمقاومة المضادات الحيوية

كيف تؤثر مضادات الاكتئاب التي نتناولها على البيئة البحرية؟

هل تعمل مضادات الاكتئاب حقًا؟ هذا ما اكتشفته دراسة جديدة

ترجمة: ماريانا عادل

تدقيق: نغم رابي

المصدر