متلازمة غيلان باريه (Guillain-Barré syndrome ) هي مرض مناعي ذاتي يصيب الجهاز العصبي الطرفي وقد يؤدي إلى ضعف وشلل يستمر لعدة أشهر أو إلى عدة سنوات، وتعتبر هذه المتلازمة نادرة جدًا. تتبع هذا المرض الإصابة بعدوى فيروسية طفيفة تتمثل في إنفلونزا أو نزلة معوية، وفي بعض الأحيان تحدث متلازمة غِيلان باريه بعد الإصابة بعدوى بكتيرية. يبدأ ظهور الأعراض خلال أيام أو أسابيع من العدوى.

يصيب هذا المرض واحدًا من كل ١٠٠ ألف في الولايات المتحدة الأمريكية.

يمكن أن تصيب متلازمة غيلان باريه الناس من أي فئة عمرية أو جنس، على الرغم من شيوع الإصابة أكثر بين الناس الأكبر في السن وكذلك الذكور. يبدأ المرض عادة بعد مرض عدوى (إنتان).

يعطي هذا المقال الأعراض والأسباب والتشخيص وكذلك العلاج لهذه المتلازمة؛ سيتحرى أيضًا موقع الأخبار الطبية من وجود ترابط بين هذا المرض وبين فيروس زيكا والتطعيم.

حقائق سريعة عن متلازمة غيلان باريه

هناك بعض الحقائق السريعة عن متلازمة غيلان باريه. والكثير من التفاصيل ستأتي تباعًا:

  •  متلازمة غيلان باريه هي مرض مناعي ذاتي.
  •  تشمل عادة الأعراض الأولية وخزًا وضعفًا في العضلات، يبدأ في الأطراف السفلية. يمكن للجسم بالكامل أن يصبح مشلولًا في النهاية.
  •  لا يزال السبب الرئيسي للمرض غير معروف.
  •  بمجرد أن تبدأ أعراض المرض، تتطور متلازمة غِيلان باريه بسرعة شديدة خلال أيام، وتتسبب عادة في أعلى مستويات الضعف في أول أسبوعين أو ثلاثة أسابيع من بداية الأعراض.
  •  تتبع البداية عادة عدوى ما.
  •  يتماثل معظم المصابين للشفاء خلال ١٢ شهرًا، ولكن الشفاء التام قد يحتاج إلى ٣ سنوات في بعض الحالات.

ما هي متلازمة غيلان باريه ؟

متلازمة غيلان باريه هي عبارة عن مرض مناعي خطير يمكن أن يصيب أي جزء من الجهاز العصبي خارج الدماغ والحبل الشوكي؛ يعرف بالجهاز العصبي الطرفي.

عادة، في أي مرض مناعي ذاتي، يهاجم جهاز المناعة مجموعة محددة من الخلايا الطبيعية ويدمرها. في حال متلازمة غيلان باريه يهاجم الجهاز المناعي غلاف الميالين للأعصاب الطرفية.

بمجرد تضرر غلاف الميالين، تفقد الأعصاب قدرتها على إرسال معلومات محددة إلى الحبل الشوكي والدماغ كالإحساس. يتسبب ذلك بإحساس التنميل. أيضًا، يفقد الدماغ والحبل الشوكي قدرتهما على نقل إشارات عائدة إلى الجسم، ويؤدي ذلك إلى ضعف العضلات.

يبدأ المرض عادة بالإحساس بالوخز وضعف في الأقدام والأرجل، وينتشر عادة باتجاه أعلى الجسم حتى يصيب جزءًا كبيرًا منه؛ إذ إن الأعصاب المتصلة بالأطراف السفلية تعتبر الأطول في الجسم. وهذه المسافة تجعل الأعصاب أكثر عرضة لانقطاع ما في الإشارات العصبية نتيجة متلازمة غيلان باريه وأعراضها. في بادئ الأمر، اعتبرت هذه المتلازمة حالة واحدة، ولكن يعتقد حاليًا وجود أكثر من صورة للمرض.

تشمل القائمة التالية الأنواع الأكثر شيوعًا لمتلازمة غيلان باريه:

  •  التهاب الأعصاب الحاد المزيل للنخاعين AIDP:

يعتبر هذا النوع الأكثر شيوعًا في الولايات المتحدة؛ عادة ما يبدأ الضعف في الجزء السفلي من الجسم، ويبدأ تدريجيًا بالتصاعد فيصيب أجزاء أخرى من الجسم.

  •  متلازمة ميلر فيشر MFS : تحدث لدى ٥ إلى ١٠% من حالات متلازمة غيلان باريه في الولايات المتحدة الأمريكية. على كل حال، هذا النمط من المرض أكثر شيوعًا في آسيا. يبدأ الشلل في العينين، كما تشيع مشاكل في المشي في هذه الحالة.
  •  الاعتلال العصبي المحوري الحاد AMAN ، والاعتلال الحسي الحركي العصبي المحوري الحاد AMSAN: تعتبر هذه الأنواع نادرة في الولايات المتحدة لكنها أكثر شيوعًا في اليابان والصين والمكسيك.

الأعراض

تبدأ الأعراض عادة بالوخز وضعف الأقدام والأرجل، والذي ينتشر بشكل تدريجي إلى بقية الجسم.

إحصائيًا، يشكو من 1-10% من المصابين من الشعور بوخز يبدأ من الوجه والرقبة. وبشكل تدريجي يزيد الضعف وصولًا إلى الشلل.

تشمل الأعراض والمضاعفات الأخرى ما يلي:

  •  ضعفًا أسفل الجسم، منتشرًا للأعلى.
  •  فقدان الثبات العام أثناء المشي.
  •  ضعف التحكم في عضلات الوجه خلال بعض النشاطات مثل المضغ أو الحديث.
  •  ألمًا مشابهًا لتشنج العضلات، يسوء خلال فترات الليل.
  •  فقدان التحكم بالتبول أو التبرز.
  •  ألمًا عصبيًا شديدًا قد يحتاج إلى العلاج لدى حوالي 50% من المصابين.
  •  زيادة ضربات القلب فوق المعدل الطبيعي.
  •  انحفاضًا أو ارتفاعًا في ضغط الدم.
  •  تخثرات دموية.
  •  قرحة الضغط، في حال عدم تحرك المصاب لفترة طويلة.
  •  صعوبة في التنفس.
  •  انتكاسة في المستقبل تحدث لدى حوالي 3% من المصابين بمتلازمة غيلان باريه.
  •  صعوبات نفسية وعقلية.

يجدر بك التواصل مع مهني صحي بشكل عاجل في حال حدوث هذه الأعراض.

يمكن لمتلازمة غيلان باريه أن تسبب أعراضًا عاطفية وذلك لكون الانتقال لحالة الشلل السريع وتطلب المساعدة من الآخرين لأداء النشاطات اليومية أمرًا محزنا بالنسبة للمريض.

الأسباب:

لا تزال الأسباب الرئيسية لمتلازمة غيلان باريه غير معروفة.

يتطور المرض عادة بعد أيام أو أسابيع من الإصابة بعدوى الجهاز الهضمي أو التنفسي، ما يقترح ارتباط العدوى بمتلازمة غيلان باريه. في حالات نادرة، قد تحدث الأعراض بعد الخضوع لجراحة، أو الإصابة بعدوى ما، أو التطعيم.

يعتقد بعض الأطباء أن العدوى البكتيرية أو الفيروسية قد تغير من طريقة تفاعل جهاز المناعة مع الأعصاب الطرفية، فتجعله يصنف العصب وغلاف الميالين التابع له كأجزاء غير تابعة للجسم، وبالتالي أهدافًا للاستجابة المناعية.

هناك العديد من العوامل المرتبطة بزيادة خطر الإصابة، وتشمل الآتي:

  •  الجنس: الذكور أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة غيلان باريه.
  •  العمر: يزداد خطر الإصابة مع التقدم بالعمر.
  •  داء العطائف Campylobacter jejuni: تعتبر سببًا شائعًا لتسمم الطعام، وتحدث العدوى أحيانًا قبل متلازمة غيلان باريه.
  •  فيروس الإنفلونزا، فيروس العوز المناعيHIV، فيروس ابشتاين بار EPV؛ يرتبط حدوثها مع حالات متلازمة غيلان باريه.
  •  المفطورة الرئوية Mycoplasma pneumonia: عدوى بكتيرية تصيب الرئتين.
  •  لمفومة هودغكين hodjkon lymphoma: قد يؤدي سرطان الجهاز الليمفاوي إلى متلازمة غيلان باريه.
  •  الجراحة: قد تسبب بعض الجراحات متلازمة غيلان باريه.
  •  تطعيم الإنفلونزا أو تطعيمات الطفولة: يمكن أن ترتبط مع متلازمة غيلان باريه في حالات نادرة.

هل هناك رابط مع فيروس زيكا؟

اقترحت اكتشافات حديثة نُشرت في مجلة اللانست The Lancet أن فيروس زيكا قد يسبب متلازمة غيلان باريه.

رُبط مسبقًا بين فيروس زيكا وبين متلازمة غيلان باريه، ووصف هذا الترابط أولًا في عامي ٢٠١٣ و٢٠١٤ عندما ازدادت الإصابة بمتلازمة غيلان باريه بشكل كبير خلال الأربع والخمس سنوات التي تفشى فيها فيروس زيكا في جزيرة بولينيزيا الفرنسية.

كان ذلك أول دليل لهذا الترابط مع فيروس زيكا، لكن المزيد من البحث لا يزال مطلوبًا. على كل حال، هناك قليل من الدراسات تبحث في حدوث متلازمة غيلان باريه في جزر بولينيزيا الفرنسية وأمريكا اللاتينية بعد تفشي فيروس زيكا.

يرتبط فيروس زيكا مع أعراض مماثلة للأنفلونزا لدى معظم المصابين، بشكل مشابه للعديد من العدوى التي قد تسبق متلازمة غيلان باريه.

الارتباط مع التطعيم

في عام ١٩٧٦ كانت هناك زيادة في خطر الإصابة بمتلازمة غيلان باريه بعد تطعيم إنفلونزا الخنازير.

على كل حال، كانت تلك الزيادة بمعدل حالة واحدة لكل ١٠٠ ألف. أظهر البحث أيضًا أن الأفراد معرضون لخطر الإصابة بالمرض نتيجة حالة الإنفلونزا أكثر من التطعيم نفسه.

متلازمة غيلان باريه: الأسباب والاعراض والتشخيص والعلاج الجهاز العصبي الطرفي التهاب الأعصاب الحاد المزيل للنخاعين فيروس استجابة مناعية

نقلًا عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC: «من المهم إدراك أن المرض الشديد والموت مرتبطان بالإنفلونزا، والتطعيمات هي أفضل الطرق لمنع عدوى الإنفلونزا ومضاعفاتها». بشكل عام يعتبر أخذ تطعيم الإنفلونزا آمنًا.

تشخيص متلازمة غيلان باريه:

قد يكون تشخيص متلازمة غيلان باريه صعبًا في مراحله المبكرة. تتنوع الأعراض بين المصابين، وقد تماثل أعراضًا لأمراض عصبية أخرى.

بداية، سيتحقق الطبيب من وجود الضعف في الجانبين، إذ يُعتبر ذلك عرضًا مهمًا لمتلازمة غيلان باريه. وإن حدوثه السريع يعتبر مؤشرًا آخر. إذ إن العديد من الأمراض العصبية أبطأ من متلازمة غيلان باريه.

بعد الفحص السريري، قد ينصح الطبيب بالاختبارات التالية:

  •  فحص التوصيل العصبي: توضع أقطاب كهربائية في الجلد، ويُفحص توصيل العصب للإشارة عن طريق تمرير نبضات صغيرة على طول العصب في الجلد. في متلازمة غيلان باريه تسير الإشارات بشكل أبطأ على طول العصب.
  •  تخطيط كهربائية العضل: تُستخدم أقطاب كهربائية ذات إبرة دقيقة لاختبار وظيفة العصب داخل ألياف العضلة.
  •  البزل القطني: تُسحب عينة من السائل النخاعي من قناة النخاع الشوكي وتُفحص في المختبر للبحث عن علامات مميزة للمرض، إذ توجد البروتينات بشكل أكبر لدى المصابين بمتلازمة غيلان باريه.

علاج متلازمة غيلان باريه:

لا يوجد علاج لمتلازمة غيلان باريه حاليًا، لكن تتوفر أدوية لتخفيف الأعراض.

هناك نوعان من العلاجات التي يمكن أن تخفف من شدة الأعراض وتزيد من سرعة التعافي:

  •  المعالجة بالغلوبين المناعي: تؤخذ أجسام مضادة من متبرعين وتعطى وريديًا للمصاب. يعمل ذلك على تخفيف الاستجابة المناعية التي تحدث.
  •  تبادل البلازما أو ما يعرف بفصادة البلازما: يُسحب الدم من الجسم وتُفصل البلازما عن خلايا الدم التي تُعاد لاحقًا، يعيد الجسم تصنيع البلازما. تُخرج هذه العملية الأجسام المضادة التي تهاجم الخلايا الصحية.

هاتان الطريقتان متماثلتان في الفاعلية. على كل حال، استخدامهما معًا لا يحسن النتائج أكثر؛ ولا يزال الباحثوان لا يعرفون سبب عدم فعالية الطريقتين معًا.

مآل المرض:

بشكل عام، بالنسبة لمعظم المصابين فإن تضرر العصب يسوء خلال أسبوعين ويتوقف التدهور بعد حوالي أربعة أسابيع. ويبلغ معدل وقت التعافي من ٦ إلى ١٢ شهرًا.

قد يكون التعافي بطيئًا للغاية، وقد يتطلب الكثير من الدعم، والعلاج الطبيعي، والاستشارة، والعلاج الوظيفي.

قد يعاني القليل من المرضى من إعاقة ذات مدى طويل، ويختبر حوالي ٣٠% من المصابين بمتلازمة غيلان باريه بعض الضعف بعد ثلاث سنوات. يتعافى المصابون بمعدلات مختلفة، بينما يختبر البعض الآخر تعافيًا غير مكتمل أو تعافيًا متأخرًا.

حالة من كل عشرين حالة متلازمة غيلان باريه تكون مميتة. على كل حال، الغالبية العظمى من المرضى يتعافون كليًا.

اقرأ أيضًا:

متلازمة النفق الرسغي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

متلازمة غاردنر: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

باحثون يطورون أول فحص دموي محتمل للكشف عن متلازمة التعب المزمن

متلازمة بروغادا: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: حمزة عبيد

تدقيق: سلمى توفيق

مراجعة: تسنيم المنجد

المصدر